تشهد الأسواق اللبنانية عادةً ومع قدوم ​شهر رمضان المبارك​ ارتفاعاً في اسعار ​المواد الغذائية​ والخضر وحتى ​الفواكه​ على انواعها، الا ان هذا العام حمل أعباءً جديدة ساهمت بشكل مباشر في ارتفاع أسعار السلع بشكل ​جنوني​ قبل قدوم الشهر الفضيل، أبرزها أزمة ​الدولار​ - الذي لامس عتبة الـ 3000 ليرة - في ظلّ انخفاض قدرة المواطن الشرائية بسبب توقف الدورة الاقتصادية، وذلك بعد اعلان ​الحكومة اللبنانية​ حالة التعبئة العامة للحدّ من انتشار فيروس "كورونا" المستجد.

برأيّ الخبراء هناك مسببات لارتفاع الأسعار في هذه المرحلة ابرزها:

أولاً: أزمة الدولار التي بدأت قبل انطلاقة شرارة ثورة 17 تشرين.

ثانياً: ارتفاع الأسعار العالمية بسبب فيروس "كورونا" المستجد.

الا ان هذين السببين عى أهميتهما، لا يلغيان جشع بعض كبار ​التجار​ في البلد، الذين ينتهزون الفرص لجنيّ الأرباح الباهظة على حساب اللبنانيين الذين اصبحوا بمعظمهم يعيشون تحت خط ​الفقر​. ليبقى السؤال اين دور وزارة الإقتصاد اليوم؟

عباس:عدم معاقبة المؤسسات قضائياً يعني استمرارها في المخالفة

تؤكد مدير عام ​وزارة الإقتصاد​ عليا عباس​ ان "الوزارة موجودة على الأرض والى جانب المواطن، وهي تقوم بعمل جبار ضمن الصلاحيات "المحدودة" التي ينص عليها القانون"، وتقول لـ " الإقتصاد": " نحن نقوم بمراقبة الأسعار، ويتم تسطير محاضر ضبط بحق المخالفين، الا انه مع الأسف لا تتم معاقبتهم قضائياً، وهذا الأمر يشجع على الإستمرار في المخالفات خصوصاً وان بعض المؤسسات سُطر بحقها أكثر من 5 محاضر، وحتى الآن لم يصدر اي قرار قضائي بمعاقبتها".

تضيف: "للأسف الوزارة لا تستطيع فرض عقوبات بشكل مباشر على المؤسسات المخالفة لأن القانون لا يعطيها هذه الصلاحية، وهذا الأمر تحدثنا عنه مراراً وتكراراً، وحاولنا منذ العام 2015 تعديل هذا القانون، وقد تمت مناقشته في ​لجنة الادارة​ والعدل، وكان هنالك اعتراض من القضاء عليه كونه يمس بصلاحياتهم".

"في الحقيقية هذا الكلام ليس موضوعياً تتابع عباس خصوصاً واننا أكدنا ان دورنا يتكامل مع القضاء كون الأمور الجزائية ستبقى له. نحن لا نريد ان نأخذ دور القضاء، جلّ ما في الأمر ان تكون لنا صلاحية في تغريم المخالفين فوراً، وان يُترك الاعتراض للقضاء من أجل تقويم اي خطأ قد يُرتكب بحق اي مواطن، وهذه الخطوة برأيي تكون أجدى، لذلك قمنا منذ فترة بتطوير مشروع القانون الذي سبق ورُفض اثناء مناقشته في اللجان وتم وضعه على موقع الوزارة الالكتروني، وباعتقادي ان الظروف التي نمرّ بها اليوم باتت تُحتم اقرار هذا القانون بأسرع وقت ممكن".

تضيف: " لاشك بأن أزمة الدولار التي نعيشها اليوم، انعكست سلباً على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي حيث وصل سعر صرف الدولار الى الـ 3000 ليرة في سوق السوداء، وهذا الارتفاع المتواصل ساهم برفع أسعار السلع وبتخفيض قدرة المواطن الشرائية، هذا فضلاً عن موضوع فيروس "كورونا" المستجد الذي زاد الوضع تعقيداً خصوصاً واننا على ابواب شهر رمضان المبارك التي عادةً ما نشهد فيه ارتفاعاً للأسعار وتحديداً الخضر والفواكه وبالأخص خضرة الفتوش، لذلك نحن ننسق مع وزارة الزراعة من أجل معالجة هذا الأمر، وقد تم لهذه الغاية وضع مؤشر اسبوعي لأسعار الخضر الفواكه على موقع الوزارة (الزراعة)، يستطيع المواطن الاطلاع عليه، هذا فضلاً عن الجولات المشتركة التي نقوم على اسواق ​الجملة​ للتأكد من الأسعار، وكذلك الأمربالنسبة للمحال التجارية (التي تبيع بالمفرق) من أجل ضبط الأسعار وملاحقة المتلاعبين".

توافق عباس بأن "هنالك جشع لدى بعض التجار الذين يستغلون ارتفاع الدولار وحاجة الناس الى المواد الغذائية ليرفعوا الأسعار بشكل غيرعادل، خصوصاً وان البعض منهم عمد الى رفع الاسعار بشكل تجاوز سعر صرف الدولار في سوق السوداء وهذا امر غير مقبول، لذلك نحن نطلب من المواطنين تبليغ حماية المستهلك فوراً عن اي تجاوز قد يحصل في موضوع الأسعار عبر الخط الساخن او عبرالتطبيق الالكتروني الموجود على الهواتف الخليوية لخدمة حماية المستهلك- كونها أسهل وأسرع- ، ونحن بدورنا نتابع الشكاوى".

تتابع: " نحن لسنا ضد التجار أو ضد أصحاب المحال التجارية وندرك جيداً حجم ​الأزمة المالية​ والاقتصادية التي تعصف بلبنان من أقصاه الى أقصاه، ولا نريد لأي منهم ان يخسر او ان يُقفل مؤسسته، انما نقول لهم هذا الوقت ليس لتجميع ​الثروات​ ولا لاستغلال الناس، هذا الوقت هو للتضامن والتكاتف من أجل عبور هذه المرحلة بأقل ضرر ممكن .. نحن نطالبكم بالربح العادل الذي يحمي المواطن من جشع البعض ويضمن لمؤسساتكم الاستمرارية. في المقابل على المواطنين تغيير نمط تسوقهم، بمعنى ان نقارن أسعار السلع بين متجر وآخر، ولهذه الغاية وضعت وزارة الاقتصاد على موقعها الرسمي تقريراً يتضمن ارخص اسعارالسلع الاستهلاكية لأكثر من 500 منتج اساسي واماكن تواجدها تحت عنوان "إعرف السعر الأرخص"، اذ يقوم فريق الوزارة بجمع أسعار السلع من نحو 30 سوبرماركت، ونختار أرخص 10 أماكن ونضعهم على الموقع مع اسماء المنتجات وأسعارها، هذه الخطوة من شأنها مساعدة المواطنين في اختيار السلع الأرخص واماكن تواجدها، ونحن اليوم بصدد تحويلها الى تطبيق الكتروني".

وفي الختام تُطالب عباس الحكومة "العمل وبشكل فوري على تحديد سقف لسعر صرف الدولار، فمن غير المقبول ان يبقى سعر الصرف متفلتاً بهذا الشكل".