على نقيض الحلول والإيجابية التي بدأ فيها الأسبوع الماضي، انطلق الأسبوع الجديد وسط ضبابية في ملفات لبنان الملحّة.

الملف الصحي المتربّع على اهتمامات الشعب، شهد تزايداً في عدد الحالات المصابة بفيروس "كورونا" وتجاوزاً لمستوى الـ 600 إصابة، فيما شهد لبنان عزل أول منطقة لمنع انتشار الفيروس.

الاهتمامات المالية لم تسقط، مع تواصل عملية امتناع ​المصارف​ عن إعطاء المودعين أي عملات أجنبية، فيما الإيجابية التي طبعت تعميم ​مصرف لبنان​ فيما يخص أموال المودعين الصغار تبخّرت مع غياب التطبيق.

ولم يسقط انشغال لبنان بـ "كورونا" الهمّ المعيشي الذي يوازي المخاوف الصحيّة لدى اللبنانيين، مع تواصل ​أسعار السلع الغذائية​ بالإرتفاع، ومخاوف من انقطاع مواد من الأسواق.

ويؤكد نقيب مستوردي ​المواد الغذائية​ وعضو جمعية تجار بيروت هاني بحصلي في مقابلة مع "ال​اقتصاد​"، أن دخول المواد الغذائية إلى لبنان مستمر ولكن بصعوبات منها عالمية وأخرى محليّة.

ويقول: "إن الصعوبات العالمية تتجسد في تأخّر عمليات التّوريد في بعض المناطق، والمشاكل المستجدة في عمليات الشّحن، نتيجة الإجراءات التي تتبعها الدول ضمن خطط مواجهة فيروس "كورونا"، وهذا العامل خطير على ​الأمن الغذائي​".

ويحذر بحصلي، من أن الأخطر اليوم على الأمن الغذائي في لبنان، الصعوبات الدّاخلية، والتي تتجلى في مشكلتين مخلتفتين، تتجسدان في تأمين العملة الأجنبية اللازمة للإستيراد، إضافة إلى سعر الصّرف.

ويشير، إلى أن المشكلتين المذكورتين ترتبطان ببعضهما من حيث الأسباب، ولكن في الأساس تختلفان، لأن تأمين العملة الأجنبية عامل إستيراد فيما سعر الصّرف عامل محلّي.

وأوضح بحصلي، أنه في السّابق كان تأمين العملة الأجنبية يجري عبر الحسابات البنكية للتجار والمستوردين، فيما الإجراءات المصرفية التي تفرضها البنوك، منعتهم من الحصول على أموالهم بالعملة الأجنبية.

وأشار نقيب مستوردي المواد الغذائية، إلى أن سعر الصّرف يعد سبباً رئيسياً لغلاء الأسعار، وأكّد أن الدّعم الذي يُوَجِهُه مصرف لبنان ل​استيراد​ بعض المواد النفطية والطبية والصناعية والطّحين لم يلحظ تجّار المواد الغذائية.

وحول تخطط تحديد الأسعار، يؤكد بحصلي أن "لبنان مبنِيٌ على اقتصاد حر بحسب ما ينص الدّستور، فيما الحكومة اليوم تذهب نحو اقتصاد موجّه، وتخطط لتحديد الأسعار، ونسب الأرباح، وهذا سيؤدي إلى فقدان بعض الأصناف في الأسواق وزيادة عمليات التّهريب".

ويتابع: "إن الاقتصاد الحر المتبّع في لبنان يحكمه العرض والطّلب، وطالما تؤمّن العملة بأي سعر، فإنه لن يكون هناك نقص".

وأضاف بحصلي: "حالياً في الدّول العالمية، لا يوجد نقص في المحاصيل، وهذه السنة ليست سنة كساد، إنّما هناك أزمة مستجدّة سبّبها فيروس "كورونا"، حيث أن المصانع حول العالم تعمل بطاقة أقل، بسبب بقاء العمّال حول العالم في منازلهم، وهذه المشكلة تسبب تأخُّراً في استيراد المواد الغذائية، رغم أنها متوفّرة وموجودة؛ وضمن العرض والطّلب، فإنه تلقائيّاً الأسعار سترتفع قليلاً".

ويؤكد، أن "لبنان بلد صغير وحاجته التّموينية ليست ضخمة، و​التجار​ والمستوردين قادرون على تأمين كل حاجات سكان لبنان دون انقطاع في حال تأمّنت العملة الأجنبية حتى لو كانت بحسب سعر السّوق، بشرط أن تكون منصة تداول العملات التي اقترحها مصرف لبنان لتحديد سعر صرف للعملة فعّالة، ولا يتحكّم الصرّافون بسعر صرف العملة في السّوق".

وحذّر بحصلي، من أن استمرار القيود على التجار سيؤدّي بالتأكيد إلى نفاد البضاعة من الأسواق، ولفت إلى أنه "طالماً القيود موجودة على أموال المودعين في المصارف وعلى رأسهم التجّار والمستوردين، وطالما سعر الصّرف غير مثبّت، فإنه بالتأكيد ستطرأ مشاكل على الإستيراد، وستشهد ​أسعار المواد الغذائية​ مزيداً من الغلاء".

وشدد نقيب مستوردي المواد الغذائية، على أن "تحميل التجار والمستوردين مسؤولية الغلاء غير واقعي، لأن التاجر يحصل على العملة من السوق وهو يدفع فارق سعر صرف الدّولار، وبالتالي هذا ينعكس إرتفاعاً في أسعار المواد الغذائية".

وقال: "لو تم تحديد سعر الصرف بأي سعر وتأمّنت العملة على أساس سعر الصرف الموحّد، فإن الأسواق ستشهد ثباتاً في الأسعار".

وشرح بحصلي، أن حاجة لبنان التموينية سنوياً تقارب الـ 4 مليار دولار لاستيراد المواد الغذائية، فيما فاتورة لبنان السنوية لتغطية ​الواردات​ تبلغ 20 مليار دولار.

وأشار إلى أن فاتورة استيراد المواد الأساسية تبلغ 1.5 مليار دولار، من أصل الـ 4 مليارات دولار السنوية اللازمة لاستيراد كل المواد الغذائية، وقدّر حاجة لبنان إلى 4 ملايين دولار يومياً لتغطية المواد الأساسية الغذائية (أرز، وسكّر، وحمّص، وعدس، ومعلّبات، وبن، وشاي)، وقال إن الحديث هنا ليس عن الكماليات أبداً (لحوم، وأجبان فرنسية وسكاكر وغيرها).

وأكد بحصلي، أنّه ظل إجراءات المصارف، فإن المستورد يقوم بتأمين 4 ملايين دولار يومياً من العملة الصعبة بسعر السّوق.

وختم قائلاً، إن "الدّولة اليوم عاجزة عن تأمين هذا المبلغ على أساس السعر الرسمي الحالي، وإذا استطاع المصرف المركزي تأمين مليون دولار يومياً للإستيراد فإن الأرباع الثلاثة الباقية من المبلغ المتوجب تأمينه للإستيراد سيلجأ التّاجر إلى ​السوق السوداء​ للحصول عليه وهو ما سيرتّب غلاءً في الأسعار".