الغموض هو سِمة القراءات المتعددة لتعميم رقم 148 الذي صدر عن حاكم ​مصرف لبنان​ يوم الجمعة الماضي والذي أرسى أُسساً جديدة للتعامل بين ​المصارف​ وصغار المودعين.

التعميم المذكور، لحظ إلزام المصارف بدفع كل وديعة لا تتعدى قيمتها الـ 5 ملايين ليرة أو 3 آلاف دولار، بسعر الدّولار الرّائج في السّوق، ما يعني عملياً، إقفال 1.7 مليون حساب مصرفي، بكلفة إجمالية قدرها، نحو مليار دولار، بينما تَرك التّعميم كل الحسابات الأخرى باللّيرة أو بالّدولار، التي تفوق قيمتها عن القِيم الآنفة الذّكر تحت رحمة المصارف، التي توقفت منذ أكثر من أسبوع عن دفع الدّولار للمودعين.

الخبير الاقتصادي​ والمالي جو سرّوع قال لـ "الاقتصاد"، إن تعميم ​حاكم مصرف لبنان​، يجب أن يُنظر إليه نظرة إجتماعية، إضافة إلى النّظرة النّقدية، حيث أن هذا التّعميم ظاهره نقدي (حلحلة حسابات صغار المودعين)، وباطنه إجتماعي (إحتساب قيمة الودائع على أساس سعر صرف الدّولار في السّوق)، والأمر الأخير يعني أن المودع سيحصل على وديعته بمجموع يفوق قيمة الوديعة الأصلية.

وأضاف سّروع، أن "هذا التّعميم يكرّس سوقين للدّولار في سوق بيروت، الأول السعر الرسمي المحدد من قبل مصرف لبنان، والثّاني هو سعر السّوق المتداول به من قبل الصرّافين.

أما عن التعميم الثاني رقم 149، والذي قضى بإنشاء منصّة إلكترونية تضمّ مصرف لبنان والمصارف والصّيارفة (من فئة أ)، والتي ستتولّى التّداول بالعملات النّقدية الأجنبية ومنها الدّولار بهدف تمويل الاقتصاد، فهذا يعني أن النّقد الأجنبي الذي سيوظّف بخدمة الاقتصاد، سيخرج بموجب هذا التّعميم من مصرف لبنان. وهنا يمكن طرح أكثر من سؤال، حول آليّات تنفيذ هذا التّعميم (مثال: أن من سيستفيد من هذا التعميم، يجب أن يخضع لضوابط تضمن إعادة الدّولارات إلى الدّاخل اللبناني، كما يفترض أن يرافق ذلك دخول أموال أجنبية لتدعيم إحتياطي البنك المركزي).

ويتابع سرّوع: "وإلى ما تقدّم، يمكن السؤال عن جديّة التزام الصرافين بالسعر الذي يحدده مصرف لبنان من خلال المنصة التي لحظها التعميم 149.

وختم سرّوع بالقول، إن التعميم الأوّل سيساهم حتماً بحلحلة واضحة بالنسبة لصغار المودعين، وسيؤمّن لهم مكتسبات جديدة هم بأمسّ الحاجة إليها اليوم في زمن وباء "كورونا"، وما نتج وينتج عنه من أوضاع اقتصادية ومعيشية شديدة التّعقيد.