شهد الأسبوع الأول من نيسان 2020 أول احتكاك جدّي غير مباشر بين "الدولة العميقة" من جهة وبين رئيس الحكومة ​حسان دياب​ من جهةٍ ثانية وذلك على خلفية التعيينات المالية. وإذا كان هذا الإحتكاك بقي في إطاره الضيّق ولم يتعدّى في مضمونه أكثر من توجيه إشارة تنبيه الى رئيس الحكومة مفادها أن الدولة العميقة لا زالت قوية وتملك الأمر "خارج وداخل الحكومة على حدٍّ سواء، كما أن هذا الإحتكاك لم يسفر عن وقوع إصابات أو خسائر" من كلا الطرفين إنما انتهى على قاعدة "أن الدولة العميقة لن تسمح لدياب بتخطّي الخطوط الحمر التي وضعتها منذ أكثر من ثلاثة عقود".

وإذا كان رئيس الحكومة قد نجح في مواجهة "الدولة العميقة" في أول اختبار رسمي للقوة بين الطرفين، حيث رفض الإنصياع لرغباتها في الإستحواذ على التعيينات المالية في لجنة الرقابة على ​المصارف​ وفي "​مصرف لبنان​"، فهذا لا يعني أن الأمور قد انتهت هنا بل أن الوقائع تشي أن "الدولة العميقة" ستستمر بالضغط على دياب حتى "تطويعه" أو اسقاطه إذا تعذّر تحقيق الأمر الأول.

وإلى ما تقدّم، شهد هذا الأسبوع حدثاً مالياً تمثّل بالقرارين الذين أصدرهما "مصرف لبنان" يوم أمس الجمعة. في القرار الأول، عمد "مصرف لبنان" الى تنظيم العلاقة بين المصارف وصغار المودعين الذين لا تزيد مجموع ودائعهم في المصرف الواحد الـ5 ملايين ليرة أو 3 آلاف دولار بحيث طلب القرار الى المصارف دفع مجموع هذه الحسابات دفعةً واحدة الى أصحابها بحسب سعر ​الدولار​ في السوق، وهو السعر الذي سيحدّده "مصرف لبنان" لاحقاً.

وإذا ما تم إلتزام المصارف بالقرار، أي بدفع المبالغ التي طلبها "مصرف لبنان" منها والتي تشكّل مليون و700 ألف حساب مصرفي ونسبة 61% من إجمالي جميع الحسابات المصرفية، فإن المصارف ستتخلص من هذه الحسابات ما سينجم عنه تخفيف الإزدحام أمام المصارف. وتبلغ قيمة الحسابات التي نحن بصددها، المليار دولار أميركي.

أما القرار الثاني، فيتعلّق بإنشاء منصّة مصرفية بالإشتراك بين "مصرف لبنان" ومؤسسات الصيرفة "فئة أ" والمصارف، وتسمح للمركزي ببيع وشراء الدولار لدعم الإقتصاد من خلال وحدة مصرفية تنشأ لهذه الغاية.

على العموم، بقي الهم الصحّي المتمثّل بوباء "كورونا" الهمّ الأساسي للحكومة وللبنانيين على حد سواء مضافاً اليه الهمّ المعيشي الإقتصادي للأكثرية الساحقة من اللبنانيين وذلك على ضوء الإرتفاع الجنوني في أسعار السلع والحاجيات واستمرار عمليات صرف العمال والموظّفين من المؤسسات التي أقفلت إما لأسباب اقتصادية في وقت سابق وإما بسبب إعلان حالة الطوارئ الصحّية.