توحيد الصناديق الضّامنة يبدأ بإعادة توزيع ​الإنفاق​ على النظام الصحي بشقيه الوقائي والعلاجيتشكل التغطية الصحية الشاملة استثمارا أساسيا في رأس المال البشري لدفع ​النمو الاقتصادي​ المستدام والشامل للجميع. ومع ذلك، لا يزال نصف سكان العالم غير قادر على الحصول على خدمات صحية جيدة، بينما يسقط 100 مليون شخص في براثن ​الفقر​ المدقع كل عام بسبب النفقات الصحية. ويمثل هذا الوضع أزمة في تمويل ​الرعاية الصحية​، وهو ما لا يعيق فقط التقدم نحو تحقيق أهداف ​التنمية المستدامة​ المتعلقة بالصحة، بل يعيق أيضا التقدم في تحقيق الهدف المركزي من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في إنهاء الفقر بحلول عام 2030.

وتعدُّ الصناديق الصحية الضامنة، الممول الرئيسي في القطاع على مختلف مستوياتها وخدماتها.

وفي غضون ذلك، يشكل موضوع توحيد الصناديق الضامنة في ​القطاع العام​، بنداً ثابتاً في البيانات الوزارية بهدف خفض كلفة الفاتورة الاستشفائية.

فيما يبلغ عدد المضمونين والمستفيدين نحو مليون ونصف شخص، أي ما يوازي ثلث الشعب اللبناني، وهو يوّفر خدمات متنوعة للمنتسبين بين صحية واجتماعية.

والسؤال المطروح، هو هل من تصوّر لدى "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" حول موضوع التوحيد؟

أبو ناصيف

رئيس الديوان والمدير المالي في "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" شوقي أبو ناصيف يقول "للاقتصاد": تطرّق البيان الوزاري لحكومة الرئيس ​حسان دياب​ (حكومة مواجه التحديات) في البند المتعلق بتقوية شبكات الأمان الاجتماعي، إلى إعادة هيكلة وتوحيد أنظمة إدارة القطاع الصحي وتعزيز التغطية الصحية للمواطنين وتفعيل دور الرعاية الصحية الأوّلية، كما تطرق البيان إلى ضرورة التعاون مع مقدمي الخدمات الطبية والمؤسسات التعليمية في القطاعين العام والخاص، لتحديث شبكة أمان مبنية على نظام صحي متكامل، فضلا عن درس شراء ​الأدوية​ والحاجات والمستلزمات الطبية من خلال لجنة مشتركة للجهات الضامنة الرسمية وإلزام جميع المؤسسات شراء الأدوية من الجهة التي استحصلت على أفضل الأسعار مع توحيدها. كما تطرق في البند المتعلق بالإصلاحات الهيكلية، إلى تحديث وتفعيل خدمات "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" وتعزيز شمولية التقديمات.

هذه الأفكار الأولية على رغم أهميتها إنما لم ترقى إلى مرتبة استراتيجية وطنية متكاملة لتامين الحماية الصحية الشاملة لجميع اللبنانيين والمقيمين على الأراضي اللبنانية؛ فعندما نتكلم عن استراتيجية وطنية للحماية الصحية الشاملة، لا نعني به فقط الصناديق الضامنة إنما النظام الصحي برمته، إنطلاقا من برامج الوقاية وحملات التوعية وتأمين بيئة صحية ملائمة خالية من ​التلوث​، وأسلوب حياة صحي للعيش والعمل وتربية الأولاد، مرورا بالكشف المبكر للأمراض من خلال الفحوصات المخبرية والشعاعية اللازمة، وصولا إلى العلاج والإستشفاء، وأخيرا إعادة التأهيل والدمج بالمجتمع وسوق العمل.

هذه الدورة الكاملة يجب أن تبدأ من إعادة النظر بالنصوص التشريعية والتنظيمية التي ترعى القطاع الصحي برمته، لاسيما تلك المتعلقة بمقدمي الخدمات الصحية من مستشفيات ومختبرات وأطباء وصيادلة ومراكز صحية أولية، لاسيما لجهة خريطة انتشارها على الأراضي اللبنانية وحجمها وعددها، مقارنة بحجم الاقتصاد وبعدد اللبنانيين والمقيمين وتصنيفها وفقا لمعايير معينة، كما يجب إعادة النظر بسياسة الدواء والمستلزمات الطبية، إن كان لناحية استيرادها أو تصنيعها محلياً وتسعيرها، واستهلاكها، بالإضافة إلى إنشاء مؤسسات ومختبرات متخصصة تعنى بتطوير الأبحاث والدراسات الإحصائية والاكتوارية حول القطاع الصحي تنطلق من قاعدة معلومات متكاملة وموثوقة.

وفيما يتعلق بالصناديق والمؤسسات الضامنة، فهي تقسم إلى صناديق ومؤسسات تعنى بالعاملين في القطاع العام كتعاونية موظفي الدولة، والطبابة العسكرية في الجيش، ومصلحة الصحة في القوى ال​أمن​ الداخلي، والأمن العام وغيرها من الأجهزة الأمنية العسكرية، وصندوق تعاضد القضاة وصندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية في ​الجامعة اللبنانية​، بالإضافة إلى صناديق ومؤسسات تعنى ب​القطاع الخاص​. ويشكل "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" العمود الفقري لها، تليه مباشرة وزارة الصحة العامة، بالإضافة إلى صناديق التعاضد لأصحاب المهن الحرة كالأطباء والمحامين و​المهندسين​ وغيرهم وشركات التأمين الخاصة.

هذا التعدد في الأجهزة الضامنة، تعدد مماثل في مقدمي الخدمات الصحية؛ فمنها ما هو عام كالمستشفيات الحكومية ومراكز الرعاية الصحية الأولية، والمستشفى العسكري ومراكز الطبابة لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية، ومنها ما هو خاص كالمستشفيات والمختبرات الخاصة.

وظهرت منذ التسعينيات، أصوات تطالب بتوحيد الأجهزة الضامنة وإنشاء نظام الرعاية الصحية الشاملة أو على الأقل التنسيق والتعاون في ما بينها. وهذه المبادرات والأفكار بقيت دون أي تطبيق فعلي لغاية العام 2007، حيث صدر أول مرسوم يؤسس ويحدد آليات التعاون والتنسيق بين مختلف الأجهزة الضامنة هو المرسوم رقم 980 تاريخ 24/11/2017 (إنشاء لجنة للتنسيق والتعاون بين الهيئات الضامنة العامة وتنظيم عملها). وأنشأ هذا المرسوم لجنة دائمة برئاسة وزير الصحة وعضوية مدير عام وزارة الصحة ومدير عام ​الضمان الاجتماعي​ ومدير عام تعاونية موظفي الدولة ورؤساء الطبابة في الأجهزة الأمنية والعسكرية، ومهمتها تعزيز التعاون والتنسيق بين الهيئات الضامنة والعمل على توحيد آليات العمل بينها وخصوصا لجهة تطوير قاعدة المعلومات الموحدة وصولا إلى امتلاك شبكة إلكترونية متكاملة بين كافة مواقع الإنتاج، واعتماد آليات عملية لضبط دخول المرضي للمستشفيات، وتوحيد آليات الرقابة وتوحيد تعرفة الأعمال والخدمات الطبية، وترشيد الإنفاق الصحي وضبطه من خلال الربط بين تأمين الخدمات الصحية والوقائية، واعتبار البرامج والمؤسسات الرعائية جزء من سياسات ​التأمينات الاجتماعية​، والتوجه نحو بدائل الاستشفاء خاصة الاستشفاء النهاري والاستشفاء المنزلي، بالإضافة إلى تطوير خدمات القطاع الاستشفائي الحكومي ومؤسسات الرعاية من أجل خلق منافسة بينها وبين القطاع الخاص، واعتماد مركزية موحدة لتأمين ​مشتريات​ الصناديق العامة ومؤسساتها من الأدوية واللوازم الطبية واعتماد سياسة دوائية واضحة ومحددة بين الصناديق في مجالات الاستشفاء وخارجه.

وكان من المفترض أن تضع هذه اللجنة خلال مهلة شهر من تاريخ تأليفها ​خطة عمل​ شاملة تتضمن الأهداف والتوّجهات الأساسية لعملها. وتصدر هذه التوّجهات بموجب قرار يتّخذه ​مجلس الوزراء​ بناء لاقتراح وزير الصحة العامة. كما كان من المفترض أن تشكل لجاناً متخصصة مع موازنات خاصة بها. كان يهدف هذا المرسوم إلى تأسيس استراتيجية وطنية صحية يشترك فيها جميع الهيئات الضامنة الرسمية، إنما للأسف هذه المبادرة لم تصل إلى غاياتها، وتوقف عمل هذه اللجنة بعد عدة اجتماعات لغاية العام 2017، حيث أعاد الوزير ​غسان حاصباني​ تفعيلها جزئيا وأنشأ ثلاث لجان، لجنة لوضع أسس لشراء وتغطية الأدوية من قبل الجهات الضامنة، ولجنة لتنسيق تنظيم ادخال واستعمال اللوازم الطبية ووضع ​آلية​ تسعيرها، ولجنة ثالثة تتعلق بتوحيد أسس تعاقد المؤسسات الضامنة الحكومية مع المستشفيات. هذه المحاولة الجديدة لتفعيل عمل اللجنة، أيضا لم تصل إلى النتائج المرجوّة.

في الوقت عينه، كانت اللجان في ​مجلس النواب​ تدرس اقتراح قانون يتعلق بإنشاء نظام التغطية الصحية الشاملة، الذي أصبح في ما بعد يعرف باسم إنشاء نظام البطاقة الاستشفائية (مشروع البطاقة الصحية). يؤمن هذا النظام، في صيغته النهائية حزمتين من الرعاية الصحية:

الحزمة الأساسية ويستفيد منها جميع اللبنانيين (سواء كانوا مشمولين بنظام تغطية صحية أم لا) وتضم رزم صحية أساسية ووقائية وعلاجية بحسب بروتوكولات وزارة الصحة العامة المعتمدة ضمن الرعاية الصحية الأولية، الحزمة الشاملة (استشفاء وطبابة وادوية الأمراض المستعصية والسرطانية) ويستفيد منها الذين لا يستفيدون من اي تغطية صحية أخرى.

ويشترط هذا الاقتراح على من يرغب بالاستفادة من الرزمتين أو من أي منهما أن ينشأ له ملف صحي في احد مراكز الرعاية الصحية الاولية أو المستشفيات الحكومية أو الخاصة المعتمدة لهذا الغرض من وزارة الصحة، ويستحصل بموجبه على بطاقة صحية خاصة به. تدير هذا النظام وزارة الصحة العامة من خلال لجنة خاصة التي يمكنها التعاقد مع مؤسسات متخصصة بإدارة عمليات التامين الصحي (TPA) لإدارة الأعمال التنفيذية المتعلقة بالموافقة على الأعمال الطبية وتدقيق الفواتير، أما التمويل فسوف يكون من خلال ​الاعتمادات​ المرصودة في ​الموازنة العامة​ واشتراكات تُحصل من فواتير الهاتف المحمول والبطاقات المدفوعة سلفا بنسبة 8 %.

بغض النظر عن تفاصيل هذا المشروع وطريقة تمويله وادارته ما يهمني الإضاءة عليه هو أمرين:

الأمر الأول: هو تكوين ملف صحي إلزامي لكل لبناني لكي يحصل على بطاقة صحية بغض النظر عن الجهة الضامنة التي ينتسب أو يستفيد منها. ومن أجل تكوين هذا الملف عليه ان يخضع لمعاينة طبية وفحوص مخبرية وشعاعية، دورية. وبالتالي ، يشكل هذا الموضوع خطوة متقدمة وأساسية باتجاه الوقاية المسبقة والاكتشاف المبكر للأمراض المزمنة و السرطانية وغيرها.

الأمر الثاني: هو الرزمة الأساسية التي سوف يستفيد منها جميع اللبنانيين وتضم رزم صحية أساسية وقائية وعلاجية، اي ما يعرف بالرعاية الصحية الأولية (معاينة ​طبيب​، فحوص مخبرية وشعاعية) التي تنتهي بتشخيص المرض وعندها يتحوّل المريض إلى ​المرحلة الثانية​ من العناية الطبية وهي مرحلة العلاج والاستشفاء.

استنادا الى المرسوم 980 ومشروع قانون البطاقة الصحية بدأت تتكوّن الملامح الأساسية لاستراتيجية صحية متكاملة قائمة على مبدئين:

المبدأ الأول: أعلى مستويات التنسيق والتعاون بين المؤسسات الضامنة ووزارة الصحة، بغض النظر عن توحيد أو عدم توحيدها ضمن مؤسسة واحدة.

المبدأ الثاني: تعزيز وتطوير ونشر شبكة مراكز الرعاية الصحية الأولية التي تدار من الجمعيات الأهلية والدينية والبلديات بدعم وتنسيق وتمويل ومراقبة وزارة الصحة العامة بالإضافة إلى المستشفيات الحكومية.

هذه المراكز المنتشرة على كامل الأراضي اللبنانية في حال تم تفعيلها وادارتها بشكل فعال، بامكانها تقديم المرحلة الأولى من العناية الطبية، معاينة (طبيب عام ، طبيب عائلة)، الفحوصات المخبرية والشعاعية و برامج الوقاية لجميع اللبنانيين. تكاليف هذه العناية مغطاة بالكامل أو بشكل جزئي من قبل البطاقة الصحية المنوي إنشائها، على ان تبقى المرحلة الثانية اي بعد تشخيص المرض او الحالة الطبية ويتبين انه بحاجة إلى علاج او طبيب اختصاصي او إلى الاستشفاء، وعندها تصبح تكاليف العلاجات والأدوية والاستشفاء على عاتق الصناديق الضامنة، وبالتالي تشكل مراكز الرعاية الصحية الأولية المدخل للاستفادة من تقديمات الصناديق الضامنة.

وفر مؤكد

وعن الوفر المرتقب من توحيد الصناديق يقول ابو ناصيف : لا شك ان توحيد المعايير والتعريفات والرقابة وشراء الأدوية والمستلزمات، واعادة وتوزيع الصيدليات والمختبرات والمراكز الطبية والاستشفائية بشكل منظم ومدروس، وإيجاد بنية تحتية معلوماتية متكاملة وموّحدة في ما بين جميع المؤسسات الضامنة لجهة البرمجة، والصيانة، وأمن المعلومات وقاعدة معلومات موّحدة عن القطاع الطبي تساهم في رصد حالات الأوبئة والقطاعات الأكثر تعرضا للمرض، وتوجيه برامج الوقاية والتوعية نحو هذه النشاطات، فضلا عن دور قاعدة المعلومات في الكشف عن الغش والتلاعب والإسراف في الإنفاق، يساهم في الوفر وضبط الفاتورة الصحية، بشكل كبير.

بالإضافة الى توجيه الإنفاق وترشيده من خلال إدخال معيار جديد على تصنيف المستشفيات والمراكز الطبية أو حتى الأطباء والصيادلة قائم على مدى اعتمادهم معايير الحد من الانفاق من خلال وصفهم لأدوية الجنريك والحد من فترات الاستشفاء واعتماد الاستشفاء المنزلي، وكذلك الحد من الإسراف باللجوء إلى العناية الطبية والاستشفاء بشكل عام، الذي يحرّض عليه بعض الأطباء لتأمين الاستفادة المادية له وللمستشفى والمختبر الذي يتعاون معهما على حساب الصناديق والهيئات الضامنة. فالمطلوب تامين القدر الكافي من العناية باقل كلفة ممكنة، فالقطاع الصحي ليس بابا للتجارة وتحقيق الأرباح.

ويلفت أبو ناصيف الى ان هذه التدابير والسياسات من شأنها ان تحد من الإنفاق على المدى القريب والمتوسط، إنما الذي يخفّض الفاتورة الصحية على المدى البعيد، هو الاستثمار ببرامج الوقاية الصحية، لاسيما في مجال البيئة والتربية والعمل، التشجيع على الرياضة والغذاء السليم، الكشف المبكر عن الأمراض، إلخ...؛ فالتطور الطبي والعلاجات الجديدة والمكلفة والارتفاع في الفاتورة الصحية، لا يمكن أن تحد منها الا سياسة قائمة على الحد من تفشي الأمراض والأوبئة، لاسيما الأمراض السرطانية والمزمنة من خلال بيئة سليمة، وأسلوب حياة قائم على الغذاء السليم والرياضة.

من المؤكد ان آلية التوحيد لن تكون سهلة بسبب بين التقديمات في كل الصناديق العاملة اليوم، إلى جانب التفاوت في مساهمة المضمون بين صندوق وآخر.

ما هي الإجراءات الواجب اتباعها قبل تطبيق التوحيد ؟

يقول أبو ناصيف: لا شك ان ثمة صعوبة في توحيد الصناديق نظرا للحقوق المكتسبة لبعض الفئات كالقضاة، وأفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية وموظفي الدولة من الفئات الثالثة وما فوق و الضباط وغيرهم... فهنالك تفاوت بين نسبة التغطية (100 %، و 90 %، و 80 %)، ودرجة الاستشفاء (درجة أولى ودرجة ثانية). هذه الحقوق المكتسبة تشكل عاملا سلبيا في توحيد الصناديق الضامنة؛ فالخيار الاساسي في هذا المجال هو توحيد الصناديق الضامنة بالحد الأدنى من التقديمات للجميع، على أن تبقى الحقوق المكتسبة من خلال صناديق تعاضد تساهم في تمويلها المؤسسات والهيئات والأفراد.

هذه الخطوة أن كانت صعبة التحقيق بصورة فورية نتيجة ممانعة بعض الفئات التي تتمتع بامتيازات خاصة في هذا المجال، غير أنه بالإمكان البدء بخطوات أولية وتحضيرية تؤسس لمرحلة التوحيد الكامل للصناديق ، وهي التنسيق والتعاون بين هذه الصناديق والهيئات كمرحلة أولى. فالهدف ليس توحيد الصناديق الضامنة بقدر ما هو توحيد معايير الحصول على الخدمات الصحية ومعايير الشراء وتسعير الأدوية والمستلزمات، وتوحيد تعريفات الخدمات الطبية والاستشفائية واعتماد معدل موّحد للمساهمات والاشتراكات، وتنظيم العلاقة مع مقدمي الخدمات وتوحيد معايير الرقابة على المستشفيات والتنسيق بين المؤسسات الضامنة بهذا الخصوص بالإضافة إلى ارساء بنية تحتية معلوماتية متكاملة وموّحدة في ما بين جميع المؤسسات الضامنة.

ويسأل أبو ناصيف: إذا كان التوحيد الكامل والشامل دونه صعوبات فما يمنع مثلا توحيد الرقابة على المستشفيات،عوضا عن ان يكون لكل هيئة ضامنة طبيب مراقب في كل مستشفى؟

ماذا يمنع من أن يكون الطبيب المراقب هو نفسه لكل الأجهزة الضامنة؟

ماذا يمنع أيضا ان يكون هنالك بنية تحتية معلوماتية واحدة للجميع او منصة موّحدة بين جميع الهيئات الضامنة للربط بينها وبين والمستشفيات والأطباء والصيدليات؟

وماذا يمنع أيضا من أن يتم شراء الأدوية والمستلزمات الطبية من خلال مناقصات موّحدة بين الجميع أو إنشاء صيدليات مشتركة وغيرها من الأمور؟

فالهدف الأساسي هو ان يحصل جميع اللبنانيين على نفس الخدمات، بنفس الطريقة و بنفس الجودة، وبنفس الأسعار وعندها لا فرق بين من يسدد الكلفة سواء كان الضمان الاجتماعي أو التعاونية او وزارة الصحة أو غيرها، وبالتالي توحيد الصناديق الضامنة يصبح تلقائيا بعد هذه المرحلة. المطلوب بكل بساطة اعادة توزيع الإنفاق على النظام الصحي بشقيه الوقائي والعلاجي وتنظيمه، وترشيده من اجل ان يؤمن التغطية الصحية لجميع اللبنانيين باقل كلفة ممكنة.

في ضوء هذه المقاربة والعرض للمراحل التي رافقت قضية توحيد الصناديق الضامنة التي قدمها أبو ناصيف، يبدو ملف توحيد الصناديق ضروري ولكنه يحتاج لتفاهمات سياسية اسوة بغيره من الملفات، فلا يعود مخرجا لالغاء مكتسبات لصالح توحيد حسابات لخدمات.