بقي وباء "كورونا" القاتل يتصدّر المشهد العام في لبنان، وانطلاقاً من خطورته على حياة الناس، دافعاً باقي الملفات المأزومة والملحّة لا سيما منها الملف المالي الى الصفوف الخلفية.

وبدا واضحاً خلال الأسابيع القليلة الماضية، أن الحكومة اضطرت مرغمة، أو على الأقل بسبب عجزها عن انجاز ملفات التعيينات المالية الملحّة، الى الإنكفاء عن هذا الأمر وتكريس جهودها باتجاه الأزمة المركزية الوطنية الأهم التي تهدّد اللبنانيين في حياتهم، وهي أزمة وباء "كورونا".

فشلت الحكومة في جلستها الأخيرة يوم الخميس الماضي في انجاز التعيينات في هيئة حاكمية "​مصرف لبنان​"، كذلك فشلت في إنجاز تعيينات لجنة الرقابة على ​المصارف​، وذلك نتيجة وجود تباين بين الحكومة والاطراف السياسية المؤثرة داخل الحكومة، ما دفع بالرئيس حسان دياب الى تأجيل ملف التعيينات الى الأسبوع المقبل. كما اضطرت الحكومة الى سحب مشروع "الكابيتال كونترول" الذي كان وزير المال غازي وزني قد طرحه مؤخراً ثم عاد وطلب سحبه من جدول أعمال جلسة ​مجلس الوزراء​ نتيجة معارضة الثنائي الشيعي للمشروع بصيغته المقترحة.

الإنجاز، شبه الوحيد، وإن كان يصحّ إطلاق هذه التسمية عليه تمثّل في كلمة وزير المالية خلال التبيان الذي وجّهه يوم أمس الجمعة لحاملي اليوروبوند توطئةً للمباشرة في إعادة هيكلة متوجّبات كامل هذه الإصدارات في ظروف طبيعية وودّية بين ​الدولة اللبنانية​ وحاملي هذه السندات.

وقد توجه وزني الى الدائنين بتبرير وتوضيح أسباب توجّه ​الحكومة اللبنانية​ نحو تعليق تسديد استحقاقات اليوروبوند من خلال شرحه لعمق الأزمة التي يواجهها لبنان وإطلاع الدّائنين على أهداف هيكلة الدّين العام المنوي اعتماده. وأشار وزني في هذا السياق، الى أن لبنان يعاني من جفاف في تدفقات رأس المال الخارجي، الى عجز كبير في ​الموازنة​ ما أدّى الى عدم تمويل ​توازن​ ميزان المدفوعات الخارجي والمزمن لاقتصادنا. كما أشار وزني الى انخفاض سعر الصرف الموازي نتيجة أزمة سيولة على صعيد ​العملات​ الأجنبية وارتفاع ​التضخم​ و​انكماش​ النمو وعدم استدامة المستويات الحالية للدّين العام.

وكان البارز في تبيان وزير المال، إشارته الصريحة الى ان ​القطاع المصرفي اللبناني​، أصبح في الواقع متعثراً، كما أن النموذج الإقتصادي اللبناني قد أصبح مكسوراً يتطلّب عملية إصلاح طارئة وشاملة وخطة انقاذ تمكّن لبنان من البدء من جديد، وهذه الخطّة تتضمّن ركائز أساسية وجدول زمني للتنفيذ.

وختم وزني متوجها الى الدائنين بالقول: "تتعهد هذه الحكومة بالمشاركة في مناقشات حسن نية شفافة مع الجهات الدائنة للبنان لإيجاد حلّ معقول ومستدام لمشكلة هيكلية الدّين العام في لبنان".

أخيراً، كشف مسؤول في وزارة المالية لوكالة "​رويترز​" أن لبنان يتوقع انكماشاً اقتصادياً بنسبة 12% في 2020، متأثراً بفيروس "كورونا"، مشيراً الى ان التضخم بلغ 20-25% في 2020. وأشار المسؤول الى ان احتياطيات ​النقد الأجنبي​ السائلة لدى "مصرف لبنان" وصلت الى 22 مليار دولار في كانون الثاني وحزمة التمويل من ​المجتمع الدولي​ لم تتبلور بعد.