تستمر ​الحكومة اللبنانية​، ومنذ حصولها على "ثقة المنظومة الحاكمة"، بالتخبط في التعامل مع الأزمات الإقتصادية والمالية والإجتماعية التي يعيشها البلد نتيجة تراكمات 30 عاماً من ​الفساد​ والهدر والمحسوبيات و​المحاصصة​.

ويبرز هذا التخبّط اليوم من خلال التصريحات الرسمية والتسريبات والإستشارات المحلية والدولية التي تجريها الحكومة بشأن إستحقاق سندات "اليوروبوند" يوم الإثنين المقبل، مع العلم أن اتخاذ القرار بشأن هذا الإستحقاق ما هو إلا خطوة من رحلة الألف ميل تجاه حل الملفات الشائكة التي لا تعدّ ولا تحصى.

ما هي التوقعات في هذا الملف والترتيبات التي ستلي قرار الحكومة؟ ومن أين يبدأ حل الأزمة؟ هذه الأسئلة وغيرها، أجاب عنها الخبير الإقتصادي في "OxfordEconomics"، ​نافذ ذوق​:

بدايةً ما هو رأيك في موضوع تسديد استحقاق "اليوروبوند" يوم الإثنين المقبل؟

لبنان، بمكوّنات اقتصاده والعبء الذي يحمله اليوم، يجب أن يتّجه لإعادة هيكلة الدين. البلد يفتقد الموارد والسبل لاستقطاب العملة الأجنبية وتسديد الدّين، الذي يستهلك نصف التدفّقات المالية. الحل الوحيد اليوم هو إعادة الهيكلة ، وهو أمر طبيعي جدًّا ويعدّ إحتمال متوقّع أيضاً بالنسبة للدائنين.

موضوع عدم تسديد إستحقاق "اليوروبوند" حصل في العديد من البلدان ولم يضرّ بسمعتها، بل تمكّنت من العودة الى الأسواق والإستدانة بعد عامين أو ثلاثة.

إعادة الهيكلة ستسمح للإقتصاد بالعودة لتحقيق النمو والتخلص من العبء الذي يحمله في هذه المرحلة، ولكن كيف ستحصل هذه العملية، هو السؤال المهم اليوم. إعادة الهيكلة قد تحصل بطريقة فوضوية أو بطريقة منظّمة وفقاً لخطة اقتصادية ومالية تقدّم للدائنين، علينا أن نختار.

على هذا الصعيد كيف ترى سير الأمور منذ بدء المناقشات حتى اليوم؟

وفقاً لما رأيناه جميعاً، واستناداً إلى أن القرار النهائي بشأن السداد أو عدمه لم يُتّخذ حتى اليوم، فإن الأمور تسير بطريقة فوضوية.

في البداية أكد المسؤولون على خيار الدفع، ثم اقترحوا الدفع للجهات الخارجية والتفاوض مع الجهات الداخلية (الدائنين)، ثم أشاروا الى استبعاد خيار الدفع.

الحكومة استشارت شركات مالية وقانونية بخصوص هذا الموضوع ومن المفترض أن تكون قد ناقشت الدائنين أيضاً، ونحن ننتظر القرار الذي على الأغلب سيكون عدم الدفع.

من أين يبدأ حل الأزمة برأيك، مع غياب الموارد المالية وغياب ثقة المجتمع اللبناني والدولي بالمنظومة الحاكمة؟ هل أنت مع خطة اقتصادية محلية أم مع برنامج متكامل من "​صندوق النقد​"؟

أنا دائماً مع الخطة الإقتصادية المحلية، وذلك لأن اللبنانيين هم الأكثر اطلاعاً بشأن أحوال اقتصادهم. في لبنان الكثير من الكفاءات والخبراء الذين يمكنهم وضع أفضل خطة للخروج من هذه الأزمة، لكن المشكلة دائماً: التنفيذ.

نحن كمواطنون، لا نثق بهذه الطبقة الحاكمة في تنفيذ الخطّة التي سيتم وضعها. لذلك، يجب الإستعانة بصندوق النقد الدولي في دور "المشرف على التنفيذ".

- أصدر "​مصرف لبنان​" تعميماً يفرض بموجبه على مؤسسات الصرافة كافة تحت طائلة تطبيق ​العقوبات​ القانونية والإدارية، التقيد إستثنائياً كحد أقصى لسعر شراء ​العملات​ الأجنبية مقابل ​الليرة اللبنانية​، لا يتعدّى نسبة 30% من السعر الذي يحدده مصرف لبنان في تعامله مع ​المصارف​.

هذا التعميم ردّ طبيعي على ما يحصل في السوق وأتوقع أن يكون له أثر إيجابي، إلا أن ​جذور​ المشكلة لاتزال موجودة. السوق يعاني من شحّ في ​الدولار​، والطلب على الدولار سيبقى مرتفعاً الى أن نرى إشارات ايجابية سياسياً أو اقتصادياً.