وافق ​مصرف لبنان​ على تأمين سيولة بقيمة 100 مليون دولار، لشراء المواد الأولية الصناعية من الخارج، لزوم التصنيع والإنتاج، ما يعتبر حقا للصناعيين، وعملية أساسية من أجل تغذية السوق المحلي بالإنتاج الوطني، وزيادة التصدير والتخفيف من الاستيراد، بحسب تأكيد وزير الصناعة عماد حب الله.

رئيس الحكومة ​حسان دياب​، شدد على أنه من واجب الدولة ضمان استمرارية هذا القطاع، حيث أن هذا الطلب يساهم بتحويل الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج؛ فالدول التي عانت الأزمة التي يعيشها لبنان، اعتمدت على الصناعة للخروج منها.

"​جمعية الصناعيين​"، ممثّلة برئيسها فادي الجميل، كشف أن مبلغ الـ 100 المليون دولار، يكفي الصناعيين بين 10 و12 يوماً فقط، وقال إن هذا التدبير يعدُّ أقل من حاجات الصناعيين التي تقدر بـ 3 مليار دولار سنوياً، أي 8 مليون دولار في اليوم، وشبّه الجميل خطوة تأمين الـ 100 مليون دولار، بمدّ الجسر، للعبور إلى الحلول الجذرية، لتأمين المواد الأولية للصناعة.

فهل تعبُّر هذه الخطوة عن جدية الدولة اللبنانية في تحمل مسوؤلياتها تجاه هذا القطاع الحيوي؟ وما مصير القطاع والعاملين فيه، في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية في البلاد؟ ما الذي يحتاج إليه من أجل الخروج من مرحلة الخطر؟

هذه الأسئلة وغيرها، أجاب عليها نائب رئيس جمعية الصناعيين، ​زياد بكداش​، في مقابلة خصّ بها موقع "الاقتصاد":

- هل تعُبّر خطوة تأمين سيولة بقيمة 100 مليون دولار، عن جدية الدولة اللبنانية في تحمل مسؤولياتها تجاه هذا القطاع الصناعي؟

"نشكر جميع المسؤولين السياسيين على هذا القرار، الذي يقضي بتخصيص 100 مليون دولار للصناعة، من أجل شراء المواد الأولية. هذه المبادرة جيدة وإيجابية للغاية، لكن العبرة تبقى في التنفيذ. فحتّى اليوم، لا توجد ​آلية​ لتحديد كيفية صرف هذا المبلغ، أكان على صعيد التسهيلات – إن وجدت – أو على صعيد الدفع النقدي، إذا كان ذلك متوفّراً في ​المصارف​، ويجب أن لا ننسى أنه في نهاية المطاف، ستدور الأمور بأكملها، وستصدر قرارات من جميع الأشخاص المعنيين، لتصل أخيرا إلى مصرف لبنان، الذي سيصدر عنه القرار المنتظر؛ مع ال​علم​ أن الـ 100 مليون دولار، ليست هبة أو دين، بل هي أموال الصناعيين، الموجودة في المصارف، وبالتالي "ما فيا تربيح جميلة".

ولكن الأهم في الموضوع أن كلنا نعلم أن المشكلة الأساسية الموجودة في لبنان تكمن في ​التحويلات​، ونحن نطالب بأن يسمحوا للصناعيين بتحويل هذا المبلغ من أجل الحصول على المواد الأولية.

وهنا لا بد من السؤال: "هل أن هذه الأموال موجودة أم غير موجودة؟"، ولكن للأسف، لا نعلم الإجابة الى حد الآن.

إضافة الى ذلك، سمعنا أن القطاعات التي كانت قد أجرت اتفاقا سابقا مع المركزي، منها الطحين و​الأدوية​، تخلّفت عن دفع الإلتزامات، في شباط الماضي؛ إذ إن إحدى البواخر التي تنقل الطحين، وصلت إلى مرفأ بيروت في 11 شباط، أي منذ 20 يوما، ولكن لم تؤمن بعد الأموال المخصصة لها، في حين أن أصحاب المطاحن يدفعون غرامات التأخير، بانتظار قرار مصرف لبنان لتأمين الأموال، بحسب فرق العملة.

وانطلاقا من هذا الأمر، نتخوف بعض الشيء، من المشاكل في التنفيذ من قبل مصرف لبنان. فإذا قال إنه لا يمتلك الإمكانية لدفع الـ 100 مليون دولار، فلن نتمكن حينها من القيام بأي شيء. ولكن لا نريد أن نستبق الأمور، بل سنحافظ على التفاؤل، كما كنا دائما، من أجل الوصول أخيرا الى النتيجة المرجوة.

وبعد الحصول على أول 100 مليون، سنتكلم حينها عن الأموال المتبقية، حيث كنا قد طلبنا كبداية، مبلغ 300 مليون دولار؛ مع العلم أن الصناعة هي اليوم القطاع الوحيد الذي يؤمن الأموال الجديدة القادمة من الخارج ب​الدولار​ (Fresh Money).

- في نهاية عام 2019، قلت أن نحو 150 ألف صناعي مهدد. كيف تقيم الوضع اليوم؟ ما هو مصير الصناعيين والمصانع؟

المشاكل موجودة، وهناك العديد من المصانع التي تفتقد إلى المواد الأولية الكافية، لأن لبنان يعاني منذ نحو خمسة أشهر، من مشاكل في التحويلات.

وهناك مصانع توقفت عن العمل، حتى عودة الحصول على المواد الأولية، كما أن هناك مصانع أخرى، تمتلك كمية لا تكفيها للكثير من الوقت، وقد طلبت بالفعل المواد اللازمة؛ وكل حالة لها استثناءاتها الخاصة.

لكن بشكل عام، ما زال الوضع مشابها لما كان عليه في 2019، ونحاول قدر المستطاع الصمود. ونتمنى أن يتحسن ​الوضع المالي​، وخاصة في ما يتعلق بالتحويلات، لكي نتمكن من تأمين المواد الأولية، التي ستساعدنا في الحفاظ على حسن سير العمل.

نتمنى أن لا ​يقفل​ أي مصنع أبوابه. لكن الاقتصاد عامة، غير مشجع، والجميع على علم بذلك. وبالتالي، لا نريد إلقاء المسؤولية على أي شخص أو أي جهة، ولكن هذه السياسات الاقتصادية هي التي أوصلتنا الى هنا. وكان من المفترض على المصارف ومصرف لبنان، أن ينتبها حول هذه المواضيع، وفي النهاية، تبين أنها تدين الشخص الخطأ!

- نلاحظ أن الاستيراد يتراجع شيئا فشيئا مع مرور الأيام، في ظل زيادة الحاجة الى المنتجات اللبنانية محلية الصنع. فهل تتحلى المصانع اللبنانية بالمسؤولية الكاملة كي لا تعمد الى الاستفادة من هذا الوضع، من أجل احتكار السوق ورفع الأسعار بشكل كبير؟

من المؤكد أن المنتج اللبناني، سيزيد سعره بين 15% و25%، بالدولار، عن ما كان عليه في السابق. لأننا شهدنا زيادة في قيمة المنتج المستورد بنحو 40%. وبالتالي، سيزيد سعر المنتج اللبناني بشكل مبرّر.

وليس من المفترض أن ترتفع أسعار 90% من الصناعات الوطنية، في الأسواق المحلية، بالليرة اللبنانية، بأكثر من 25%.

وفي حال تخطت هذه النسبة، نطلب من وزارة الاقتصاد التحقيق في هذا الموضوع للعمل على مكافحته؛ مع العلم أنها لا تمتلك الطقم الكامل، القادر على تغطية مختلف الأسواق اللبنانية.

ولا بد من الاشارة في النهاية، إلى أن بعض الصناعيين وبعض ​التجار​ يعملون بجشع، ولكن هذه الصفة لا تنطبق على الأكثرية؛ فهم يعانون من مشكلة الدولار، لأن البضائع الآتية من الخارج، قد يصل فيها فرق الأسعار الى حد الـ 50%.