فيروس "كورونا".. الذي طغى على اهتمامات وانشغالات اللبنانيين جميعاً خلال الأيام الثلاثة الماضية، لم يصب إلّا مواطنة واحدة موجودة في حجر صحّي في "مستشفى بيروت الحكومي"، فيما تهديد أصحاب الأفران والمخابز بالإضراب، أصابت آثاره ومفاعيله جميع اللبنانيين.

الطّوابير لشراء ​الخبز​، عادت إلى الواجهة من جديد، مع تثبيت الأفران إضرابهم المفتوح في جميع خطوط الإنتاج.

نقيب الأفران ونائب رئيس اتحاد المخابز والأفران علي إبراهيم، شرح في مقابلة مع "الاقتصاد" سبب الإضراب، والأسباب التي دفعتهم للتراجع عن هذا التصعيد في ضوء الأزمة الحاليّة:

حدّثنا عن مفاوضات الساعات الأخيرة وما الخطوات المقبلة في ملف الأفران؟

إن تدخل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي وطلبه تعليق الإضراب، هو ما دفعنا إلى وقف هذا التّصعيد، بانتظار بدء الحوار مع المعنيين.

هناك دعوة فعلية ورسمية حددت، وسنجتمع غداً الثلاثاء مع وزير الاقتصاد راوول نعمة.

هل نتوقع حلولاً للأزمة وعلى أي أساس سيتحاور أصحاب الأفران؟

"هناك دراسة أُجريت في عهد الحكومة السّابقة من قبل وزير الاقتصاد السّابق منصور بطيش، بالتعاون مع ​الاتحاد الأوروبي​ وخبراء لبنانيين، ونحن نطالب بأن تُسحب هذه الدراسة، لأن تغيراً كبيراً طرأ على سعر ال​طحين​ وال​مازوت​ بسبب اختلاف سعر صرف الدّولار عمّا كان عليه قبل 8 أشهر.

هذه الدّراسة، يجب أن تُرفع التقديرات فيها، لإعطاء أصحاب الأفران والمخابز حقوقهم.

طوابير الناس أمام الأفران والاحتقان الشّعبي.. هل أشعركم بالضّغط؟

"هناك مطالب محقّة، ولكن هناك غياب للمسؤولين. عندما نكون أصحاب حق، فإننا لا نشعر بالضّغط ولا نقبل الخسارة والعمل دون مقابل.

إنّ وضع النّاس في مقابل الأفران، لن يمنعنا عن المطالبة بحقوقنا."

متى كان آخر اجتماع مع رئيس الحكومة والوزراء المعنيين بهذا الملف؟ وما كانت النتيجة؟

"اجتمعنا بالمعنيين من وزراء في الحكومة وبحثنا هذا الملف، وعرضنا معاناتنا كأصحاب أفران ومخابز، في جلستين قبل نيل الحكومة الثّقة، وبعدما نالت الثّقة.

قبل نيل الثقة، قيل لنا، إن هذه المشكلة سنعمل على حلّها، ولكن ننتظر حتى نأخذ الثّقة ونتّخذ القرارات.

أما بعد نيل الحكومة الثّقة، فإننا لم نحصل على أيّ وعود أو أفعال، تخفف عنّا الأعباء والخسائر التي تتكبّدها صناعتنا الغذائيّة.

رأينا خلال الفترة الماضية، أن المطلوب من أصحاب المخابز والأفران أن يتحمّلوا وحدهم معاناة النّاس وهمّومهم وكلفة تأمين لقمة عيشهم، فيما كانت الحكومة غائبة عن اتخاذ أي قرار عاجل بخصوص قضيتنا."

كم عمر الأزمة بالنسبة لأصحاب الأفران؟ وما هو السبب الرئيسي في خسائركم؟

"الأزمة بدأت منذ 7 إلى 8 أشهر، وخلال هذه الفترة تحمّلنا على أنفسنا وأبقينا إنتاجنا رغم الغلاء في كل المواد اللازمة لتأمين استمرار سير خطوط الإنتاج، من طحين ومازوت وغيرها من المستحضرات التي تأثرت بارتفاع سعر صرف الدّولار، الذي وصل إلى مستوى 2500 ليرة، وكبّدنا خسائر بدل الأرباح التي فقدتها الأفران، في غياب أي خطوة حكومية خلال الفترة منذ 8 أشهر."

لجأتم إلى خفض وزن ربطة الخبز قبل فترة قصيرة.. ألم تساعد هذه الخطوة في وقف خسائر الأفران؟

"عندما لجأنا إلى خطوة خفض وزن ربطة الخبز، وذلك خلال فترة الحكومة الأخيرة برئاسة ​سعد الحريري​، كانت الخطوة حينها بسبب غياب أي ​إجراءات حكومية​ للحد من خسائرنا الناتجة عن ارتفاع سعر صرف الدّولار، وعدم توفّره بالسوق أصلاً واضطرارنا لشرائه من السوق السّوداء، بهدف الاستمرار في شراء الطّحين وغيرها من المستحضرات اللّازمة للإنتاج.

خفّضنا وزن ربطة الخبز في السابق من 1000 غرام إلى 900 غرام، وكانت هذه الخطوة تهدف إلى الحد من خسائرنا حينما بلغ سعر صرف الدّولار مستوى 1900 ليرة. إن هذه الخطوة زادت من الإيرادات 150 ليرة لكل ربطة، ولكنّ اليوم بعدما وصل سعر الصّرف إلى 2500 ليرة للدّولار الواحد، فإن الخفض الأخير في وزن ربطة الخبز لم يعد له أي نتيجة ولن يكون بمقدورنا تحمل عبء زيادة سعر صرف الدّولار."

أين يجد أصحاب المخابز والأفران الحل اليوم؟

"المشكلة الأساسية تكمن في السياسة الخاطئة، التي تنص على تثبيت سعر ربطة الخبز عند 1500 ليرة، فيما جميع المواد اللازمة للإنتاج غير ثابتة وتتغير بتغيّر سعر صرف الدّولار.

إن تثبيت سعر العناصر الدّاخلة في صناعة الخبز، من خلال ​آلية​ دعم تعتمدها الحكومة ممثلة بوزارة الإقتصاد، كفيلة بحل أزمة أصحاب المخابز والأفران.

خلال الأشهر الـ 8 الماضية، طرأت 3 زيادات على أسعار الطّحين، ونحن تحمّلنا هذه الزيادات، ولكنّ اليوم الأمور خرجت عن قدرة تحمّل أصحاب المخابز والأفران، وبات لزاماً القيام بخطوات عاجلة لوقف الخسائر.

إن الأفران تشغل الآلاف من العمّال، ولن نقبل كأصحاب هذه المصالح الإقتصادية، أن نكون كغيرنا ونتجه إلى الإقفال ونشرد آلاف العائلات.

أنتم كأصحاب أفران لا تتلقون أي دعم للمنتجات المستعملة في الإنتاج؟

الدّعم توقف قبل 8 سنوات، وجميع العناصر التي تدخل في إنتاج الخبز ليست مدعومة أبداً، ويتحمل تكلفتها وتغير أسعارها أصحاب المخابز والأفران حصراً، وهنا تكمن المشكلة وهذا ما يسبب الخسائر.

الدّولة ليس لها الحق أصلاً في أن تسعّر ربطة الخبز، لأنها لا تدعم مواد إنتاجها.

هل تتوقعون حلولاً لأزمتكم أو أن الحل صعب حالياً؟

أي دعوة من قبل الحكومة لعقد اجتماع، إننا سنقابلها مباشرة كأصحاب أفران بالجلوس سوية، وحل الأزمة الراهنة، هدفنا ليس الإغلاق ووقف إنتاج الخبز، إنما وقف الخسائر ونسعى دائماً للحلول.