بحثت هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام، خلال اجتماع برئاسة رئيس الاتحاد ​حسن فقيه​ وحضور الأعضاء، في موضوع استمرار وتفاقم ​الأزمة الاقتصادية​ والمالية والنقدية والسياسية والتي انعكست على العمال وغالبية الشعب ال​لبنان​ي وتجسدت بشكل أساسي في تواصل عمليات الصرف اليومي من العمل أفراداً وجماعات وفي مختلف قطاعات الإنتاج، حيث لم يتوقف عدّاد الإحصاءات الذي وصلت حتى بداية العام حسب التقارير من معاهد الأبحاث والمتابعة إلى فقدان حوالي 220 ألف وظيفة كلياً أو جزئياً وخصوصاً في قطاعات ​السياحة​ والتجارة والصناعة والخدمات وقطاع بيع ​التجزئة​ (المولات) وسوى ذلك من القطاعات بما ينذر بتفاقم الأزمة ونتائجها وتحوّلها إلى انفجار اجتماعي واسع لا قدرة لأحد السيطرة عليه.

وأوضحت أن كل ذلك ترافق مع فقدان العملة الوطنية لأكثر من 40% من قيمتها الشرائية مع فلتان ​الدولار الأميركي​ وانعكاساته السلبية على قيمة الرواتب و​الأجور​ وموجة غلاء في أسعار جميع السلع المستوردة أو المصنعة محلياً واستمرار إذلال الناس المودعين وخصوصاً الصغار منهم أمام أبواب ​المصارف​ لسحب ما يقيهم الجوع والبرد وكلفة تعليم أولادهم وطبابتهم وحاجاتهم الأساسية المختلفة.

كما لفتت الى أن كل ذلك يثبت صحة ما ذهب إليه الاتحاد العمالي العام منذ أكثر من سنتين من التنبيه في المضيّ بهذه السياسات غير المسؤولة سواء من المصرف المركزي أو ​جمعية المصارف​ وبعض أعضائها والتغطية والتواطؤ والشراكة مع مافيات المال وشركات التطوير العقاري والمازوت و​الكهرباء​ ومحتلّي الأملاك البحرية والبرية والنهرية من قبل بعض أهل السلطة والنافذين فيها على مختلف المستويات.

وجدد الاتحاد موقفه ورؤيته من أنّ هذا النموذج الاقتصادي الريعي والربوي الذي نشأ مع دولة لبنان الكبير قبل 100 عام، قد سقط الى غير رجعة، بعد ما أدى اليه من كل هذا الخراب و​الفساد​ والإفساد في كافة مجالات الحياة ودمّر التعليم الرسمي على مختلف مستوياتها وقطاع الاستشفاء الحكومي وجعل من واحد بالمائة فقط يملكون أكثر من 52% من الودائع في المصارف والتي حوّلوها في عزّ الأزمة الى الخارج بدون أي وازع وطني أو أخلاقي.

وذكر أنّ النظام السياسي القائم على ​المحاصصة​ الطائفية والمذهبية والذي ولّد كل هذه النزاعات و​الحروب​ ولا يزال، قد سقط بدوره وآن الأوان لإقرار قانون انتخابي يعتمد المواطنة والنسبية والدائرة الواحدة على المستوى الوطني خارج القيد الطائفي لإنتاج سلطة ودولة عصرية تتماشى مع مصالح اللبنانيين وبناء وطن جديد نستطيع من خلاله إجراء الإصلاحات الجوهرية الضرورية في مختلف مناحي حياتنا ومستقبل أولادنا.

من جهة ثانية، كشف الاتحاد أنّ الحكومة والمجتمع السياسي لا زالا يترددان في حسم الموقف من دفع سندات "اليوروبوند" المستحقة وخصوصاً في 9 آذار القادم وشهري نيسان وحزيران.

وأعلن بشكل حاسم ضرورة الامتناع عن دفع هذه الاستحقاقات الآن، والعمل على تأجيل دفعها سواء بإعادة هيكلة هذه الديون أو إعادة جدولتها وعدم الخضوع لحملة التهويل الإعلامية المبرمجة التي تقوم بها بعض الأوساط المصرفية التي باعت شكلياً هذه السندات وهي المستفيد الوحيد من دفعها.

كما طالب الحكومة وجميع المعنيين الى إعطاء الأفضلية لما تبقّى من أموال احتياط بالدولار الأميركي لدى المصرف المركزي الى دعم حبة الدواء للمريض ورغيف خبز الفقير و​صفيحة المازوت​ كي لا يقضي الناس برداً في الجبال والأرياف وتدفيع من جنى أكثر من 90 مليار دولار خلال العقود الثلاثة الماضية أرباحاً من الفوائد على ​سندات الخزينة​ وحدها وإلزام المصارف وأصحاب الأموال المحوّلة للخارج الى استعادتها لإعادة رسملة المصارف وحلّ مسألة ​السيولة​ بالدولار للمودعين.

من ناحية أخرى، أشار الاتحاد الى أن ما يجري في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مؤخراً من ربط دفع المستحقات للمضمونين من فواتير طبية وسواها هو جريمة قانونية وأخلاقية لا يمكن المرور عليها مرور الكرام. فهذا التدبير مخالفة فاضحة للقانون الأساسي للصندوق وهو بمثابة أخذ العمال رهائن مقابل تحصيل اشتراكات الصندوق من المتخلفين عن الدفع فمن يتحمل مسؤولية العامل عند تعرضه للمرض أو للوفاة لا سمح الله إذا تلكأ صاحب العمل عن الدفع وامتنع الصندوق عن تطبيق القانون وعن واجبه بالتحصيل عبر إجراءات محدّدة بالقانون وخصوصاً الاجراءات القانونية بحقّ الدولة لإجبارها على دفع المستحقات المتوجبة عليها لصندوق الضمان. كما يستغرب الاتحاد كل هذا التأخير غير المبرر في إنهاء معاملات تصفية ​نهاية الخدمة​ ويحمّل الإدارة المسؤولية الكاملة عنها.

وأدان هذا التدبير أياً كان المسؤول عنه سواء موظف من الدرجة الثالثة أو سواها ويحمّل جميع المسؤولين وأولهم ممثلي العمال في مجلس الإدارة والمجلس نفسه وإدارة الصندوق واللجان المعنية بالمراقبة من فنية وغير فنية إضافةً إلى مطالبته سلطة الوصاية بالتدخل الفوري لوقف هذا التدبير فوراً ومن دون إبطاء. ويعتبر الاتحاد مضمون هذه الفقرة من بيانه بمثابة إخبار للنيابة العامة المالية والتمييزية لاتخاذ الإجراءات السريعة والفورية لوضع الأمور في نصابها ومحاسبة المخالفين باتخاذ ​العقوبات​ الضرورية في حقّهم كي لا تتكرّر هذه المهزلة.