لا يزال ​الدولار​ الأميركي هاجس اللبنانيين الأساسي في هذه الأيام، خصوصاً بعد الاجراءات الجديدة التي اتخذتها بعض ​المصارف​ مؤخراً لناحية خفض سقف السحوبات الدولارية، من 200 دولار في الأسبوع إلى ما بين 400 و 600 دولار شهرياً، ما فاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بالمواطن اللبناني، خصوصاً وأنّ مالكي الشقق و​العقارات​ باتوا يطالبون ​المستأجرين​ الدفع بالدولار أو ما يعادله ب​الليرة اللبنانية​، بحسب سعر صرف سوق السوداء الذي تجاوز سقف الـ 2200 ليرة.

فإذا اعتبرنا أنّ سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار بلغ نحو 2200 ليرة، فهذا يعني أن المواطن الذي كان يدفع 600 دولار أمريكي إيجار منزل، والتي كانت تعادل 900 ألف ليرة، أصبح يدفع مليون وثلاث مائة وعشرون ألف ليرة، أي ارتفع الإيجار لأكثر من الثلث، فهل يحق للمالك أن يُجبر المستأجر على الدفع ب​الدولار الأميركي​؟

يرى بعض القانونيين أن عقود الايجار القديمة والجديدة المعقودة بالدولار الأميركي يمكن دفعها بالليرة اللبنانية وبسعر الصرف الرسمي بتاريخ الدفع، ويعتمد أصحاب هذا الرأي على المادة 192 من قانون النقد والتسليف الذي ينصّ على إلزامية قبول العملة اللبنانية، لأن الموضوع يمس بسيادة الدولة، فبالتالي لا يحق للمالك عدم قبول العملة الوطنية.

وفي حال امتنع المالك عن قبول العملة الوطنية يمكن بحسب بعض القانونيين، تطبيق ​العقوبات​ المنصوص عليها في المادة 319 من قانون العقوبات، والتي تقضي بالسجن من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وبغرامة مالية تتراوح بين 500 ألف ليرة إلى 2 مليون ليرة، ويمكن أن يقضى بنشر الحكم.

كما يمكن للمستأجر، توجيه إنذار للمالك بهذا الخصوص وإحاطته علماً بما ينص عليه القانون. إضافةً إلى ذلك، يمكن للمستأجر عرض المبلغ وإيداعه فعلياً لدى كاتب العدل، أو إرسال بدل الايجار بموجب حوالة بريدية، ويقوم كاتب العدل بالتواصل مع المالك ويطلب منه استلام الإيجار منه.

كسبار: الحلّ الوحيد يكمن بتعديل القانون في ​مجلس النواب

يؤكد عضو مجلس نقابة المحامين في بيروت ومفوض ​قصر العدل​ المحامي ناضر كسبار، أنه "يجب التمييز بين العقود التي تنص على تحديد بدلات الإيجار بالعملة الأجنبية وبين تلك التي تنص على تحديدها بالعملة الأجنبية أو بما يوازيها بتاريخ الدفع، ويقول لـ "الاقتصاد" : "إذا كان العقد ينص على دفع الإيجار بالعملة الأجنبية حصراً، فهذا يعني أنه لا يمكن للمستأجر أن يطالب بالدفع بالعملة اللبنانية بما يوازي السعر الرسمي للدولار أو لغيره من العملة الأجنبية، وعليه الدفع بتلك العملة. أما إذا كان العقد ينص أساساً على إمكانية الدفع بالعملة الأجنبية أو بما يوازي العملة الأجنبية بتاريخ الدفع، ففي هذه الحالة يستطيع المستأجر الدفع بالعملة اللبنانية بحسب السعر الرسمي للعملة الاجنبية".

ويضيف كسبار: "إذاً يحق للمالك إلزام المستأجر تطبيق النصّ القانوني الموقع بينهما، ولكن إذا كان بدل الإيجار محدداً بالدولار الأميركي، وأرسل المالك إنذاراً بالدفع للمستأجر يطالبه فيه الدفع بالليرة اللبنانية بسعر أغلى من سعر الصرف الرسمي، في هذه الحالة يحق للمستأجر الدفع بالليرة اللبنانية طبقاً للسعر الرسمي للدولار الأميركي، أما في حال كان الإنذار موجّها للمستأجر يطالبه فيه الدفع بالدولار الأميركي ففي هذه الحالة يجب على المستأجر الدفع بالدولار".

ويتابع: "لا شك أن أزمة شحّ الدولار كان لها انعكاسات سلبية على معظم الشعب اللبناني وفي مجالات عديدة، خصوصاً فيما خصّ ​الإيجارات​ المعقودة بالدولار الأميركي، فطالما ارتضى المستأجر أن يكون عقده بالدولار أو بأي عملة أخرى ووقع عليه، والعقد كما هو معلوم هو شريعة المتعاقدينـ فهذا يعني أن عليه دفع إجاره للمالك بالدولار أو بالعملة التي تم الاتفاق عليها، إلا في حال كانت هنالك عبارة في العقد تقول مثلاً "أو ما يعادله بالليرة اللبنانية بحسب السعر الرسمي" أو عبارة أخرى تقول: "في حال تغيرت الظروف يمكن للمستأجر أن يدفع بالعملة الوطنية، وذلك بحسب سعر الصرف الرسمي الذي يحدده ​مصرف لبنان​"، عندها يستطيع المستأجر بحسب العقد الدفع بالسعر الرسمي ولا يحق للمالك مطالبته بأي زيادة".

الحلّ الوحيد لهذه المشكلة برأي كسبار، يكمن بتعديل القانون في مجلس النواب كأن تقول المادة مثلاً "على الرغم من كل نصّ أو اتفاق سابق أو مخالف بين أي فريق من الفرقاء أي عقد أو اتفاق أو مبلغ متوجب من شخص لآخر أو من مؤسسة لأخرى أو بين دائن أو مدين، يمكن للمتوجب عليه المبلغ بغير العملة الوطنية أن يسدد المبلغ طبقاً لسعر الصرف الرسمي الصادر عن مصرف لبنان"، هذه المادة بنصها القانوني كما ذكرناه - في حال تم تشريعها - قادرة على حلّ معظم المشاكل التي يعاني منها اللبنانيين في ظلّ أزمة شح الدولار، وأعتقد انه آن الآوان لمثل هذه الخطوة من قبل النواب وتشريعها في المجلس النيابي بقانون معجل مكرر لتفادي أزمات قد تكون أكبر في المستقبل".