تسعى شركة "بيريتك"، منذ تأسيسها عام 2002، الى تشجيع الابتكار، والتكنولوجيا، وروح المبادرة، و​ريادة الأعمال​، كما تعمل على توفير بيئة ديناميكية لخلق فرص العمل وتطوير ​الشركات الناشئة​، إضافة الى تحقيق المشاريع ذات الطابع الاقتصادي والتنموي، عبر دعم المبادرات الفردية للشباب ال​لبنان​ي.

وقد استضافت منذ 18 عاما، مئات شركة، وساعدت أكثر من 3700 رائد أعمال ضمن برامج المختلفة، كما ساهمت في خلق أكثر من 1800 فرصة عمل، واستثمرت أكثر من 70 مليون دولار في شركات التكنولوجيا اللبنانية.

ومؤخرا، أطلقت مركز الابتكار في قطاعات الغذائية والزراعية و​التكنولوجيا النظيفة​ في لبنان تحت اسم "ACT Smart Innovation Hub". وللاطلاع أكثر على هذا المشروع، كان لـ"الاقتصاد"، مقابلة خاصة مع نائب المدير العام في "بيريتك" ومدير مركز الابتكار الجديد، رامي بوجوده:

- أخبرنا أكثر عن مركز الابتكار الجديد الذي أطلقته "بيريتك" مؤخرا؟

يهدف مركز الابتكار في قطاعات الغذائية والزراعية والتكنولوجيا النظيفة في لبنان، الذي أطلق عليه اسم "ACT Smart Innovation Hub"، إلى تعزيز تقدم الأعمال و​النمو الاقتصادي​، إضافة الى خلق فرص العمل في قطاعات الغذائية والزراعية والتكنولوجيا النظيفة في لبنان.

ونحن نسعى الى تحفيز المبدعين ورواد الأعمال، لكي يضعوا إبداعاتهم وطاقتهم في خدمة هذه القطاعات، ومن هنا، سنشجع على تطوير الحلول المحلية لتحديات الأمن البيئي والغذائي التي يواجهها لبنان.

وتجدر الاشارة الى أن المركز الجديد، يستفيد من إنجازات برنامج "أغريتك"، مع إضافة مجالات عدة، تركز على تحسين الوصول إلى الأسواق والشراكات من خلال نقل التكنولوجيا، والبحث لدعم الصناعة، وروابط تطوير الأعمال، مع الالتفات الى تحديات السوق الفعلية التي تقترحها الجهات الفاعلة في الصناعة وبناء الشراكات.

وبفضل التمويل السخي من مملكة ​هولندا​، أطلقنا هذا المركز، وسوف نعمل على تبادل الخبرات بين البلدين، لإلهام مختلف الجهات اللبنانية الفاعلة، على القيام بالأمور بطريقة مختلفة.

- ما الذي دفع "بيريتيك" الى إطلاق هذا البرنامج؟

لبنان بحاجة ماسة الى هذا النوع من المشاريع، بسبب عدم التطابق الموجود اليوم، بين قطاع التعليم وفرص العمل المتاحة. ف​الشباب​ اللبناني يهاجر الى الخارج بعد التخرج، بسبب مشكلة ​البطالة​ التي تلقي بظلالها على البلاد.

ولكن اذا توسعنا قليلا في أبحاثنا، سنلاحظ أن هناك العديد من القطاعات التي تشجع على الإبداع والابتكار، ومنها ​الطاقة المتجددة​، النفايات، والزراعة. وبالتالي، سيؤدي إدخال إبداعات الشباب، وطاقاتهم، الى مركز الابتكار، إلى فتح آفاق جديدة، وإثبات أن الأمور قابلة للتحقيق بطريقة مختلفة.

فالبيئة التموينية حول قطاعات الغذائية والزراعية والتكنولوجيا النظيفة في لبنان، شبه معدومة، حيث تعمل مختلف الجهات الفاعلة في الصوامع على الرغم من القيمة المضافة الواضحة للتعاون. ومن هنا، فإن إنشاء منصات لضغط السياسات وتطوير الأعمال لهذه الجهات الفاعلة للتبادل والعمل بشكل جماعي في إطار المركز، سيساعد "بيريتك" في هدفها لتحسين البيئة التموينية من منظور قطاعي كامل.

ولا بد من الاشارة الى أن السياسات الاقتصادية للحكومة اللبنانية، دعمت تاريخياً مجال الخدمات، على حساب الزراعة والصناعة، لكنها تعتمد الآن على "اقتصاد المعرفة"، لمعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية للبلد في المستقبل.

- متى ستبدأون بمرحلة التطبيق؟

لقد بدأنا، بالفعل، بالاهتمام في القطاع الزراعي، منذ حوالي سنتين، من خلال مسرع الأعمال (accelerator) "أغريتيك"، الذي يعمل بدورته الثالثة، في الوقت الحاضر.

والنجاح الذي تحقق في تلك الفترة، دفعنا الى السير قدما في هذا المشروع، اذ تمكنا من مساعدة رواد الأعمال على الانطلاق بمشاريعهم، وتطويرها. وهناك العديد من الأشخاص الذين أسسوا شركاتهم الخاصة، وساهموا في توظيف عدد كبير من الناس، وفي تحسين القطاع الزراعي، عبر جوانب مختلفة من الابتكار.

أما بالنسبة الى المسرّع المتعلق بالتكنولوجيا النظيفة، فسوف تنطلق دورته في شهر حزيران القادم، ولكن خلال هذه الفترة، سنتواجد في مختلف المناطق اللبنانية، من أجل نشر هذا البرنامج بين الناس، وتعريفهم الى أهدافه وإمكاناته.

كما ننظم ما يسمى بـ"Ideathon" (ماراثون الأفكار)، حيث يتوجه الأشخاص لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، في جامعة أو مركز معين، من أجل تقديم الأفكار المبتكرة، التي سنساعدهم على تحويلها الى نموذج عمل ناجح.

- الى أي مدى سيساعد مركز الابتكار الجديد، المجتمع اللبناني، خاصة خلال الفترة الصعبة التي يمرّ بها لبنان؟

تدرك "بيريتك" أن النظام الإيكولوجي المزدهر لريادة الأعمال حول قطاعات الغذائية والزراعية والتكنولوجيا النظيفة، هو المفتاح في نمو واستدامة العمليات المقصودة. أما برنامج الابتكار "ACT Smart Innovation Hub"، فهو ذات أهمية واسعة، خاصة خلال الأزمة التي نعيشها؛ فنحن لا ندعم من خلاله، الصناعات المحلية فحسب، بل نعمل أيضا على تقديم ابتكارات، قادرة على الانطلاق من لبنان الى العالم، كما نخلق فرصا للتصدير والانفتاح على الأسواق الخارجية.

فهدفنا لا يتمثل في حلّ المشاكل المحلية فقط، بل يشمل أيضا البحث عن الحلول المفيدة في لبنان، وفي المنطقة ككل.

- هل تلاقون الدعم المناسب من قبل الوزارات المعنية؟

هناك تواصل مستمر ودعم دائم من قبل الوزارات المعنية، حول كل ما هو جديد في "بيريتك". لكن نجاح برنامج الابتكار، لا يرتبط مباشرة بهذه الجهات، بل بأفكار الشباب وقدرتهم على العطاء.

- ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها رائد الأعمال في لبنان من أجل تحقيق التقدم والنجاح؟

أولا، المرونة، والقدرة على التكيف والصمود.

ثانيا، الاستفادة من الفرص المتاحة، بأفضل طريقة ممكنة.

ثالثا، خلال الأزمات، على رواد الأعمال الاهتمام بالأوضاع القائمة، والخروج بأفكار مفيدة، من أجل إيجاد الحلول، وخلق فرص العمل، وتحقيق النجاح المنشود.

فعندما تعيش البلاد وضعا اقتصاديا صعبا، سنجد عددا كبيرا من الفرص، حيث بإمكان المشاريع المطروحة، أن تشمل على سبيل المثال، استبدال العديد من المنتجات المستوردة من الخارج، أو خلق المنتجات الجديدة، أو حتى إدخال التكنولوجيا الى القطاعات، لكي تصبح ذات فعالية أكبر، وتتمكن من تأمين المزيد من الأرباح.

- برأيك، هل تأقلم الشباب اللبناني مع فكرة ريادة الأعمال؟

اذا نظرنا الى المنطقة العربية ككل، سنرى أن الشباب اللبناني هو من أكثر الفئات تحفيزا للدخول الى عالم ريادة الأعمال. فهذا المجال بحاجة الى الصبر، والجرأة، والنفس الطويل، وأعتقد أن اللبناني يتحلى بكل هذه الصفات التي تخوله الحصول على فرص كثيرة للسير قدما نحو الأمام.

فاذا نظرنا الى الدول المجاورة، سنرى أن معظم الوظائف هي في القطاع العام، في حين أن اللبناني يعلم تماما، أنه في حال لم يجد فرص العمل المناسبة في لبنان، سيجد نفسه أمام خيارين: إما الهجرة، وإما خلق الفرص الجديدة.

وعندما نعمل مع الشابات والشبان على برامجنا، نلاحظ أن النسبة الأكبر منهم، يتحلون بالنفس الطويل من أجل الدخول الى ريادة الأعمال، كما أنهم يبدون كامل استعدادهم لاستثمار الوقت، وتحمل المخاطر كافة، والحصول على أكبر كمية ممكنة من المعلومات من الأشخاص الموجودين من حولهم، والذين يقدمون لهم كل المساعدة اللازمة من أجل الوصول الى نتيجة مفيدة ومرضية في مشاريعهم.

- ما هي تطلعات "بيريتك" ومشاريعها المستقبلية؟

تعمل "بيريتك" في نطاق التنمية الاقتصادية، وإدارة الابتكار، ودعم ريادة الأعمال، منذ حوالي 18 عاما.

وخلال الأزمة التي يمرّ بها لبنان، نحن نلعب دورا أساسيا مع القطاع الخاص، على جميع المستويات، حيث لدينا العديد من النشاطات الهادفة الى تحفيز الشباب، وتشجيعهم على الانخراط في عالم ريادة الأعمال وخلق فرص العمل. كما نتعاون أيضا مع ​الشركات الصغيرة​ والمتوسطة الحجم، في مجال تحسين الفعالية، وإدارة الأزمات، وتطوير الأعمال.

أما التوجه العام لـ"بيريتك"، فيتمثل في الدخول الى أكبر عدد ممكن من المجالات. ونحن نعمل حاليا في نطاق الزراعة، الطاقة المتجددة، التكنولوجيا النظيفة، المبادرات الاجتماعية، ريادة الأعمال التقنية، بالاضافة طبعا، الى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل عام.

وتجدر الاشارة الى أن فريق عمل "بيريتك"، بات يتمتع بخبرة واسعة، تتيح له تطوير ذاته، وغيره أيضا، من أجل التوسع بالبرامج والمشاريع، من لبنان الى العالمية؛ حيث نشجع الشباب دائما، على الانطلاق من بلدنا الأم، والتفكير في كيفية الانفتاح نحو ​الأسواق العالمية​. فالسوق اللبناني صغير جدا، ومن هنا، ننصح الجميع بالالتفات الى ما يتعدى المشكلة الصغيرة التي يعاني منها بلدنا، وإيجاد الحلول للمشاكل الأكبر، التي من شأنها مساعدة لبنان، وفي الوقت ذاته، تخطي حدود الوطن، والمساهمة في توظيف المزيد من الأشخاص، وإدخال الأموال من الخارج.

فالاقتصاد اللبناني بحاجة ماسة الى الدعم عن طريق بيع الخدمات، وعدم الاكتفاء بحركة الأموال الداخلية فحسب. وبالتالي، علينا العمل على تصدير الأفكار والمشاريع والمنتجات، من أجل الحصول على عائدات، تساعد في خلق المزيد من فرص العمل، على الصعيد المحلي.

- رسالة أخيرة الى جيل الشباب اللبناني.

لبنان يوفر عددا كبيرا من الفرص، التي تتيح للشباب إطلاق مشاريعهم الخاصة وتحقيق طموحاتهم. كما هناك جهات عدة، قادرة على تقديم كل المساعدة اللازمة لهؤلاء الشباب.

نحن بحاجة اليوم الى طاقة شبابية، تتحلى بالقدرة على الابتكار، وعلى تحسين الوضع الاقتصادي المحلي، وذلك لكي يتمكن لبنان من استعادة عافيته، والسير بخطى ثابتة. كما أننا نبحث عن أشخاص جديين، مستعدين لخوض تجرية ريادة الأعمال، والسير في هذا الطريق الصعب، الذي يتخلله العديد من الصعوبات والتحديات.

ولكن رغم كل المجهود والتعب، سنجد في نهاية المطاف، أن النتيجة النهائية مرضية ومجزية، الى أقصى الحدود!