تتفاوت تأثيرات انتشار "​فيروس​ كورونا"، وهو مرض تنفسي قاتل نشأ في مدينة ووهان وسط ​الصين​، على القطاعات الاقتصادية المختلفة، بدءا من السلع الفاخرة إلى ​السيارات​، فكيف ستواجه القطاعات هذه التداعيات:

السّلع الفاخرة

طابور من نحو 30 شخصا، كثير منهم يتحدثون الصينية، كانوا يقفون في صف عند منصات "لوي فيتون" و"​شانيل​" و "غوتشي" في متاجر "غاليري لافاييت" في ​باريس​.

المشاهد في العاصمة الفرنسية تعكس مدى أهمية المشترين الصينيين في قطاع السلع الفاخرة العالمية.

ونمت سوق السلع الفاخرة 5 % في عام 2018 لتصل إلى 1.3 تريليون يورو، ووفقا لمستشاري "شركة باين آند كو"، فقد أصبح تسوق الزبائن الصينيين في الداخل والخارج يمثل 90 % من النمو في سوق السلع الفاخرة.

الوجهات الترفيهية

في مدينة ماكاو الصّينة، تم إلغاء جميع الاحتفالات في أعقاب تفشي "فيروس كورونا"، وارتدى موزعو الورق في الكازينوهات الأقنعة، وتم فحص درجة حرارة الزوار، وإغلاق أجزاء من مناطق اللعب.

وماكاو هي وجهة شائعة للمسافرين من الصين حيث المقامرة غير قانونية رسميا، وتعتمد بشكل أساسي على الزوار الصينيين في إيراداتها ​السياح​ية.

وسيلحق تفشي الفيروس، ضرراً كبيراً بكازينوهات ماكاو، المملوكة في جانب كبير منها لشركات ترفيه دولية.

وتأثير فيروس كورونا على ماكاو كان فوريا، حيث تظهر الأرقام الصادرة عن مكتب ​السياحة​، أن عدد السياح من البر الرئيسي انخفض 80 % خلال عطلة رأس السنة الصينية، حيث انخفض إجمالي عدد السياح الوافدين 60 % خلال أيام العطلة.

فيما أسهم شركات الكازينوهات الكبيرة التي لديها منتجعات في المنطقة سجلت تراجعات، إذ انخفضت أسهم "​لاس فيغاس​ ساندس" بنحو 6 %، و"واين ريزورتس" نحو 7 %.

كما تم إغلاق كثير من الوجهات الترفيهية الصينية الأخرى، نتيجة تفشي الفيروس.

وأغلقت "​ديزني​ لاند" حدائقها ومدينة ألعابها في ​شنغهاي​ و​هونغ كونغ​ "كإجراء احترازي"، وقالت إنها تهدف إلى إعادة الأموال إلى الضيوف الذين كانوا قد حجزوا تذاكر مدينة الألعاب أو غرف الفندق.

كذلك تم إغلاق "المتحف الوطني الصيني" و"المدينة المحرمة" و"ستاد ​بكين​ الأولمبي"، وأجزاء من "سور الصين العظيم."

وتنازلت مجموعات ​الفنادق​ الكبيرة بما في ذلك "​هيلتون​" و"​ماريوت​" و"أكور" و"إنتركونتيننتال" عن رسوم الإلغاء حتى الثامن من شباط الجاري.

فيما شركات الرحلات البحرية مثل "رويال كاريبيان" و"كارنفال"، منعت المسافرين الذين جاؤوا أخيرا من ووهان من الصعود إلى سفنها، وألغت الرحلات البحرية.

وتم إلغاء سبعة أفلام شهيرة كان من المقرر أن تصدر في عطلة رأس السنة الصينية، بما في ذلك فيلم "فانغارد" لجاكي شان، بسبب إغلاق آلاف دور السينما أبوابها.

شركات الطيران

أسهم شركات الطيران العالمية تضررت بسبب زيادة المخاوف من أن الانتشار السريع لـ "فيروس كورونا"، قد تكون له آثار بعيدة المدى في رغبة الأشخاص وقدرتهم على السفر في الصين وخارجها.

وأجرى محللون، مقارنات مع اندلاع "فيروس سارس" قبل ما يقارب عقدين من الزمن، الذي وصفه الرئيس التنفيذي لشركة "​لوفتهانزا​" في ذلك الحين، بأنه "أسوأ أزمة على الإطلاق" لصناعة الطيران.

وكانت أسهم شركات الطيران من بين أكبر الأسهم التي انخفضت في ​الأسهم الأوروبية​، وقادت "​إير فرانس​ كيه أل أم" المجموعة الهابطة بخسارة بلغت نحو 6 %.

شركات الطيران الأوروبية الكبيرة الأخرى التي تتعامل مع الصين تضررت أيضا، وانخفضت أسهم "IAG"، مالكة "بريتش إيرويز" 5.5 %، بينما انخفضت "لوفتهانزا" الألمانية أكثر من 4 %.

حتى شركات الطيران التي لا تتعامل بشكل مباشر مع الصين، تعرضت للضغط بسبب المخاوف من أن أي انخفاض في أعداد المسافرين إلى خارج الدولة قد يتردد صداه عالميا. وتراجعت "​إيزي جيت​" 5 %، بينما انخفضت "راينير" 3 %.

المصارف

المصارف وشركات إدارة الثروات الدولية التي توسعت بشكل كبير في الصين في الأعوام الأخيرة، تحوط الموظفين الذين من المحتمل أن يكونوا معرضين للعدوى وحظرت السفر وطهرت مكاتبها الآسيوية.

وطلب مصرف "كريدي سويس" من الموظفين في هونغ كونغ العمل من المنزل، وعدم المجيء إلى مقره الرئيسي في برج "مركز التجارة الدولي"، إذا كانوا قد زاروا البر الرئيسي في الأيام الـ 14 الماضية.

وأطلق مصرف "أتش أس بي سي" سياسات سفر أكثر تقييدا"، لكن السفر إلى البر الرئيسي من هونغ كونغ ليس محظورا.

وطلب من الموظفين عدم المجيء إلى المكتب حتى الثالث من شباط، التاريخ الذي تم تمديد رأس السنة القمرية الصينية إليه من قبل الحكومة.

في الوقت نفسه، فرض "​ستاندرد تشارترد​" قيودا على سفر جميع الموظفين غير الضروريين إلى مكاتبه في الصين وهونغ كونغ، وحظر الرحلات إلى مقاطعتي ووهان وهوبي، وطلب من العائدين من المناطق المصابة العمل من المنزل لمدة 14 يوما.

وقالت "فيديليتي إنترناشونال"، وهي شركة تدير 584 مليار دولار من ​الاستثمارات​، إنها تشجع الموظفين الموجودين في الصين على العمل من المنزل.

بدورها "أليانز غلوبال إنفسترز"، الفرع الاستثماري الذي تبلغ قيمته 557 مليار يورو لشركة ​التأمين​ الألمانية، نصحت الموظفين بالامتناع عن السفر إلى المناطق المصابة قبل عطلة رأس السنة الصينية.

السيارات

شركات صناعة السيارات الدولية، بما في ذلك "نيسان" و"​بيجو​" و"​رينو​"، بدأت سحب الموظفين الأجانب من المصانع في أجزاء من الصين كانت قد تضررت من "فيروس كورونا"، وسط تحذيرات من أن تفشي المرض يمكن أن يعيق ​سوق السيارات​ المتعثرة في الصين أصلاً.

والمدن الصينية الـ 40 التي أفادت عن حالات إصابة مؤكدة "بفيروس كورونا" بأرقام عشرية، تمثل 40 % من سوق السيارات في الصين.

وتُعدُّ منطقة ووهان المركز الرئيسي لصناعة السيارات في الصين، وتضم مصانع لـ "نيسان" و"بيجو" و"​هوندا​" و"​جنرال موتورز​" و"جيلي" و"رينو"، فضلا عن مجموعة كبيرة من موردي قطع السيارات، التي تخدم شبكة أوسع من مصانع التجميع.

التكنولوجيا

عندما بدأ تفشي "فيروس سارس" في الصين عام 2002، كان العدد الصغير نسبيا من مالكي الهواتف الخليوية هناك يكتشفون للتو الرسائل النصية.

اليوم، الصين هي أكبر سوق للهواتف الخليوية في العالم، حيث يعتمد 1.4 مليار شخص على هواتفهم الذكية في المدفوعات، وطلب الطعام وغيرها من المعاملات التي لا تعد ولا تحصى كل يوم.

هذا الاعتماد على ​الهواتف الذكية​ قد يصبح نعمة أو نقمة في الوقت الذي تحاول فيه الصين احتواء تفشي "فيروس كورونا".