أكد عميد كلية إدارة الأعمال في "جامعة الحكمة"، البروفيسور ​جورج نعمة​، لبرنامج "الإقتصاد في أسبوع" عبر "إذاعة ​لبنان​" الذي تعدّه وتقدّمه ​كوثر حنبوري​، أنه "في لبنان نحن بحاجة إلى أمرين عاجلين لمواجهة الأزمة، الأول يتمثّل بإصلاح جذري للسياسة ال​مالي​ة للحكومة، عبر خطوات عاجلة تقوم مثلاً بإقفال مؤسسات غير فاعلة، ووقف الهدر وتخفيض العجز".

وقال إن الخطوة الثاني، تتمثل في تعاطي الحكومة مع ​المجتمع الدولي​ لجلب المساعدات المالية أيّاً كانت الجهة المانحة "لبنان بحاجة الى ​ضخ أموال​ فيه...الحكومة التي تبنّت ​موازنة​ وضعتها الحكومة التي سبقتها عليها أن تؤمّن الإتيان بهذه الأموال".

وأشار نعمة، إلى أنه قبل بداية الأزمة، كان العجز 9000 مليار ليرة، وعندها كنّا بحاجة إلى مساعدة خارجية، فيما اليوم بعد تراجع نسبته 40 إلى 50% في إيرادات الدولة، فإنه يحتّم على لبنان اللجوء إلى الخارج لطلب المساعدة.

وعن رفع الضمان على الودائع، رأى أنها خطوة جيدةً ظاهريًّا، لكنها مؤشر خطير أيضاً، وذلك لأنها تشير الى احتمال ​افلاس​ ​مصارف​، وقال: "النسبة الأكبر من المودعين هم صغار المودعين ومن الجيّد تأمين ودائعهم، ولكن من المهم أن نشير أيضاً الى المعنى الآخر للخطوة".

ومن جهة ثانية، قال نعمه: "هناك كميات كبيرة من ​الدولار​ يجب على البنك المركزي تأمينها لأننا نحتاجها في ثلاثة أمور: أولاً، الإصدار الجديد لسندات الخزينة، أي استحقاق الشهر القدم، ثانياً، ​استيراد​ مواد أساسية، بالإضافة الى سعر صرف الليرة. ثلاثة أمور متشابكة ومرتبطة ببعضها البعض. المؤشر الأساسي الذ يمكن أن يوضح نوعية الإجراءات التي يمكن اتخاذها هو احتياطي المركزي بالدولار الأميركي، وكما نعلم هناك تكتّم شديد على النسبة المتوفّرة لدى "مصرف لبنان" والتي يمكن أن يضخّها في السوق (ليس الأرقام المذكورة في ​الميزانية​ العمومية)...الأرقام المتداولة ليست نهائية وليست دقيقة"، مضيفاً "استنزاف الدولارات بدأ منذ الـ2012، أي أن الخلل حاصل منذ سنوات، لكننا تغاضينا عن الموضوع ".

وأضاف: "هل لدى المركزي خيارات؟ هل يمتلك كمية كافية من الدولارات لهذه الأمور؟ موضوع استيراد السلع الأساسية موضوع مهم جدًّا وهو موضوع أساسي اجتماعي وانساني وذلك لأن مجتمعنا يعتمد في غذائه على السلع المستوردة...لن يتمكن المركزي من تأمين العشرين مليار دولار سنوياً، لكن هل هو قادر على تأمين الأساسي منها؟".

وعن موضوع الـ"Haircut"، أوضح نعمه أنه يعتمد على "قدرة الدولة على تسديد مستحقاتها...إن لم نشهد تخلف للدولة عن سداد مستحقاتها في الإصدار المقبل، هل سيبقى المركزي قادراً على دعم الإستيراد؟ وإذا نجح في الأمرين، هل سيلجأ الى خفض قيمة العملة أمام الدولار الى 2000 ليرة (وهو الإجراء الذي برأيي كان يجب اتخاذه من قبل)؟ ".

وردًّا على سؤال حنبوري حول رفع سقف السحوبات، أشار الى أن "ذلك مرتبط بعوامل عدّة، الكمية التي يضخها المركزي من الدولار بالإضافة الى نسبة ​السيولة​ لدى كل مصرف...نعلم أن نسبة السيولة الى الودائع تختلف كثيراً فيما بين المصارف...".

وعن إقرار ​الموازنة​ دون إجراء أي تحديث عليها من قبل الحكومة الجديدة، رأى نعمه أن "الحكومة تم تشكيلها بحالة تأزم نقدي ومالي واجتماعي، ومن غير المقبول كان السير قدماً بموازنة قدّمتها الحكومة الماضية أولاً تحت ضغط شارع (أي أن الأرقام قد لا تكون كلها دقيقة وواقعية) ثانياً، قبل فترةٍ طويلة من المتغيّرات التي حصلت بالبلد، كي لا نتحدّث بالشق القانوني الدستوري أو حتّى السياسي".

وأضاف: "الحكومة الجديدة هدفها الحصول على ثقة الشعب المنتفض منذ أشهر، وذلك لم يحصل مع إقرار هذه الموازنة. كان من الأفضل الإستمرار بالإنفاق على قاعدة الإثني عشرة لأسابيع مقبلة، وهو أمر كنا قد قمنا به لعشر سنوات، واسترداد الحكومة لمشروع الموازنة".

وتابع: "لطالما كان الشق الدسم بالبيان الوزاري هو الشق السياسي ومعادلة "جيش شعب مقاومة" وموقف لبنان بالنسبة لأزمات المنطقة، أما اليوم فذلك كله بات غير أساسي أمام الشق النقدي والمالي...عنوان البيان الوزاري هو "الإصلاح النقدي المالي: كيفية الخروج من الأزمة"، وهذا غير ممكن بهكذا مشروع موازنة".