طوى شهر كانون الثاني الذكرى التاسعة للثورة الشعبية التي اندلعت في مصر، والتي أسقطت الرئيس المصري السابق حسني مبارك في العام 2011، وعلى الرغم من المرور السنين الا ان اثر ونتائج هذه الثورة ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا في ظل انقسام الاراء حول ما وصل اليه الاقتصاد اليوم، فالبعض يؤكد على التقدم والازدهار والنمو غير المسبوق للبلاد حيث تشيد الحكومة بالنجاح الكبير في تجربتها الاصلاحية من خلال تحسن ​المؤشرات الاقتصادية​ ، وفي المقابل يوجه البعض الاخر الكثير من الانتقادات لمسار ​الحكومة المصرية​ على اعتبار ان هذه الايجابية في المؤشرات لم تنعكس على الاوضاع المعيشية للمواطن المصري في ظل التراجع الواضح في القدرة الشرائية و​الفقر​ الذي بات يطال شريحة اكبر من الشعب وبحسب ​البنك الدولي​ فان 60% من المصريين إما فقراء أو عرضة للفقر حيث قلصت الحكومة ​دعم الطاقة​ ، وليمثل ارتفاع ​الديون​ تحديا كبيرا أمام ​الاقتصاد المصري​، حيث ارتفع الدين المحلي إلى 4.204 تريليونات جنيه في 2019، وزاد الدين الخارجي إلى 109.36 مليارات دولار مقارنة بنحو 34.9 مليار دولار، ليرتفع نصيب الفرد من الدين الخارجي من 413 دولارا إلى 1100 دولار.

وفي هذا الاطار ولمعرفة اداء الاقتصاد المصري في العام 2019 وتداعيات ارتفاع الدين العام المحلي والخارجي والاوضاع المعيشية للمواطن المصري كان لموقع الاقتصاد هذا اللقاء الخاص مع الخبيرالاقتصادي من مصر أحمد معطي .

- بداية كيف تقيم اداء الاقتصاد المصري في العام 2019 ومع بداية العام 2020 ؟ من حيث معدلات ​التضخم​ والنمو ؟

ان اداء الاقتصاد المصري في تحسن مستمر وذلك بأشادة كل المحافل الدولية خاصة في مؤشرات الاقتصاد الكلي التضخم ومعدل النمو، حيث انخفض التضخم في مصر الى 7.1 وهوفي تحسن مستمر منذ تموز 2017 والذي وصل عند ذروته الى 34.2%، وهو أعلى معدل فى نحو 3 عقود، ويرجع هذا التحسن القوى في اداء معدل التضخم الى نجاح برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي قامت به مصر مع ​صندوق النقد الدولي​.

كما ان تراجع ​معدلات التضخم​ ساهم في انخفاض واستقرار اغلب ​اسعار السلع​ الغذائية والاستهلاكية بسبب انخفاض كبير في فاتورة الاستيراد مع اهتمام الدولة بالانتاج الحيواني والزراعي .

كما حققت مصر الاكتفاء الذاتي من ​الغاز​ بسبب الاستكشافات البترولية في مياه ​البحر المتوسط​ والتي وضعت البلاد على خريطة الغاز في العالم ، كما نجحت مصر في مجال ​الكهرباء​ وباتت تصدرها لاكثر من دولة على الرغم من انها كانت تفتقد لمصدر الكهرباء لفترات كثيرة .

كما تم انشاء اكبر مصنع للاسمنت في ​الشرق الاوسط​ وعدة مشاريع اخرى ادت الى انخفاض الاسعار وقد اشادت وكالة "​بلومبرغ​" بانخفاض معدلات التضخم في مصر مشيرة الى ان هذا التحسن المستمر هو الافضل في البلاد منذ 9 سنوات، اما على صعيد ​معدلات النمو​ فقد ارتفع معدل النمو الى اعلى مستوياته منذ 2010 الى 5.7 % وتراجع قليلا الى 5.6 %وذلك على الرغم ما يشهده العالم من تراجع معدلات النمو بسبب التوترات الجيوسياسية و​الحروب​ الاقتصادية وتفشي فيروس "كورونا" في الصين ، في حين توقع صندوق النقد الدولي تراجع معدل النمو الاقتصادي العالمي إلى مستوى إلى 2.7% في 2020.

- برأيك ما هي اسباب ارتفاع ​الدين العام المصري​ المحلي والخارجي؟ وما هي تداعياته على الاقتصاد ؟

بالنسبة للدين المحلي فقد أعلن البنك المركزي عن تراجع الدين العام المحلي ليبلغ نحو 4.18 تريليون جنيه، ما يمثل 66.8% من ​الناتج المحلي​ الإجمالي خلال الربع الأول من العام المالي الحالي، مقارنة بنحو 4.23 تريليون جنيه خلال الربع الأخير من العام المالي الماضي بانخفاض بلغ قدره 102.8 مليار جنيه بنسبة 2.4%.

اما بالنسبة للدين الخارجي فقد ارتفع بنسبة طفيفة بلغت 1% خلال الربع الأول من العام المالي الحالي 2019/2020 ليسجل 109.362 مليار دولار نهاية ايلول الماضي، مقارنة مع 108.699 مليار نهاية حزيران من العام ذاته، بقيمة زيادة بلغت 664 مليون دولار، اما على اساس سنوى فقد ارتفع الى 17.4% بقيمة زيادة بلغت 16.2 مليار دولار.

واعتبر ان التداعيات السلبية لارتفاع الدين الاجنبى على الاقتصاد المصري ليست كبيرة نظرا لارتفاع معدلات النمو وانخفاض معدلات البطالة مما يشير الى ان هذه الديون يتم استخدامها في مكانها الصحيح في التنمية وليس كما كان يحدث في السابق حيث كان يتم استخدام الديون لارضاء المطالب الفئوية او لسداد ديون اخرى، فالديون صحية لاي دولة اذا تم استخدامها استخدام امثل في تحقيق رؤية الدولة، مع الاشارة الى ان اغلب الدول تقوم بالاستدانة وخاصة الدول العظمى على راسها ​الولايات المتحدة الاميركية​ .

- ما هو عنوان المرحلة المقبلة التي ستتخذه الحكومة المصرية لدعم الاقتصاد وتحفيز النمو ؟ وما هي ابرز القطاعات التي ستركز عليها ؟

ان عنوان المرحلة المقبلة سيكون "الصناعة والاستثمار والتكنولوجيا " وذلك لتحفيز النمو وابرز القطاعات التي ستركز عليها الدولة خلال 2020 هو قطاع ​السياحة​ الذي يشهد طفرة في مصر خاصة بعد الاستقرار الامنى الذي تشهده البلاد في الفترة الاخيرة وافتتاح الكثير من المناطق الاثرية وترميم مناطق اخرى.

وتتجه انظار العالم الى افتتاح المتحف المصري الكبير والذي بسببه اشار موقع "انسايدر" ان مصر هى من افضل 12 دولة ينصح بزيارتها في 2020 ، كما تقدمنا عالميا في مؤشر تنافسية السياحة الى 65 بدلا من 74.

كما تهتم مصر بقطاع التكنولوجيا والتحول الرقمي،حيث اعلنت وزارة الداخلية استخراج تصاريح السفر و​شهادات​ الخدمة العسكرية إلكترونيا وايضا ماكينات الإصدار الإلكترونى بديوان عام قطاع الأحوال المدنية لاستخراج شهادات الميلاد كما يتبع البنك المركزي خطته للشمول المالي للتحول الى استخدام كروت الدفع بدلا من استخدام الاموال .

- ما هي معدلات النمو المتوقع ان يحققها الاقتصاد المصري في العام 2020؟

ان كل التقارير الاقتصادية الصادرة عن بنوك الاستثمار والمؤسسات دولية تتوقع ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد المصري في 2020 ، حيث ذكر تقرير إدارة ​الأمم المتحدة​ للشؤون الاقتصادية والاجتماعية انه من المتوقع ارتفاع معدلات النمو في مصر الى 5.8% في 2020 كما توقع البنك الدولي، ارتفاع معدل نمو الى 6 % خلال العام المالي 2020 – 2021.

- شهدت مصر في الاونة الاخيرة تحسن في سعر صرف الجنيه مقابل ​الدولار​، برايك ما هي الاسباب التي تقف وراء ارتفاع العلمة المحلية ؟ وكيف هو التوجه العام للعملة في العام 2020 ؟

تحسن اداء الدولار امام الجنيه بقوة فقد انخفض من اعلى مستوياته بحوالى 19.90 جنيه الى مستوياته الحالية بحوالي 15.75 في اغلب ​البنوك المصرية​ ويعتبر ​الجنيه المصري​ هو افضل ثاني عملة اداء في العالم امام الدولار بعد الروبيل الروسي ويرجع هذا التحسن لعدة اسباب منها التحسن الكبير في قطاع السياحة وارتفاع الايرادات الى 12.6 مليار دولار كما بلغت تحويلات المصرين من الخارج حوالي 26 مليار دولار، في حين وصلت تدفقات نقدية من الدولار الى البلاد في شهر كانون الثاني وفي 4 ايام فقط الى 1.7 مليار دولار.

كما ان هناك تحسن في الاحتياطي الاجنبي من الدولار حيث وصل الى 45.41 مليار دولار بالاضافة الى ارتفاع ايرادت ​قناة السويس​ وانخفاض ​عجز الموازنة​ الناتج عن انخفاض الاستيراد .

واشيد ايضا بخطة البنك المركزي في القضاء على ​السوق السوداء​ والتي كانت من اهم الاسباب التى اثرت على قوة الجنيه مما ادى الى وجود وفرة دولارية في مصر ادت الى انخفاض الجنية واتوقع مزيدا من الانخفاض لقيمة الدولار امام الجنيه خلال عام 2020.

- ان مؤشرات الايجابية للاقتصاد المصرية التي تتحدث عنها الحكومة لا يعبر بطبيعة الحال عن اوضاع المصريين الاقتصادية والمعيشبة ، ما رأيك بهذه الظروف المعيشية للمواطن المصري ؟ وكيف تقيم التضارب بين ايجابية المؤشرات والوضع المعيشي؟

بالتأكيد ان المواطن المصري عانى بعد ثورة 2011 والتي اثرت على الاقتصاد وعلى الاوضاع المعيشية للمصريين ، مما دفع بمصر الى اتخاذ قرارات الاصلاح الاقتصادي لتحسين الاوضع مرة اخرى ، وبالتالي فان نتائج هذه الاصلاحلات ستظهر تدريجيا وبعد فترة.

وبدأ المواطن المصري في الشعور بالاستقرار في الاسعار بل بانخفاض في اغلب الاسعار خاصة من بعد النصف الاول من 2019 وحتى اللحظة كما انخفضت معدلات البطالة الى ادنى مستوياتها حيث وصلت الى 7.8 % مما يشير الى خلق فرص عمل كثيرة في البلاد في الاونة الاخيرة ومن المتوقع ان يشعر المواطن بمزيد من التحسن في الفترة القادمة.