بعد 33 يوماً من تكليف د. ​حسان دياب​، أبصرت حكومة "ما بعد 17 تشرين" النور..ما الجديد؟ تقليص عدد الوزراء من 30 الى 20 وزير (بعدما كان مقرراً لها أن تكون 18) عبر دمج وزارات والغاء أخرى. كيف تمّت عملية التأليف؟ تمّ تشكيل الحكومة على أساس "اختيار اختصاصيين" ولكن "دائماً وأبداً" على مبدأ ​المحاصصة​ الطائفية والحزبية، وهذه المرة من فريق واحد "8 آذار".

وعلى الرغم من إصرار دياب تشكيل حكومة إختصاصيين إلا أنه وبمراجعة أسماء الوزراء نلحظ الآتي: وزير الصناعة عماد حب الله: مهندس ​اتصالات​، وزير السياحة والشؤون الإجتماعية رمزي مشرفية: ​طبيب​ متخصص في زراعة العظام والمفاصل، وزيرة العمل لميا يمين الدويهي: مهندسة معمارية وأخصائية في الترميم والحفاظ على الاوابد والمواقع التاريخية، وزيرة ​الشباب​ والرياضة فارتينيه اوهانيان: مرشدة اجتماعية، وزيرة الدفاع زينة عكر: مديرة تنفيذية لشركة "الدولية للمعلومات" لاستطلاعات الرأي، حاصلة على شهادة في الإدارة والتسويق، بالإضافة الى بعض المصرفيين.

وبين مؤيّد ومعارض لهذه الحكومة، بناءً على الأسماء التي ضمّتها، يبقى السؤال الأهم: ما هو برنامجها الإنقاذي للبلد من أسوأ مرحلة عرفها اقتصادياً؟ وما هي الأولويات في الفترة المقبلة؟ لمعرفة المزيد حول هذه المواضيع وغيرها كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي والمستشار السابق في "​البنك الدولي​" د. سمير الضاهر:

- ما هي توقعاتك للمرحلة المقبلة؟ هل ترى أن الحكومة التي جرى تأليفها تتمتع بمواصفات الحكومة الإنقاذية؟

توقعاتي للمرحلة المقبلة، نتيجة لامبالاة المسؤولين وقدٌ غُيِّبوا عن الوعي بل الوجود، هو وللأسف، أن يتابع الاقتصاد الوطني مسيرة الانحدار نحو قعرٍ ما دونه قعرُ.

في الواقع المأساوي الذي يتخبّط فيه ​لبنان​ اليوم، الحكومة الانقاذيَّة هي التي بوسعها: أولّاً، اتِّخاذ القرارات الحازمة والمؤلمة لِدَرء الإنزلاق الإضافي للاقتصاد، وهي قرارات معروفة لا غِنى عنها ولا بديل؛ وثانياً، أن تكون لها القدرة على إقناع اللبنانيين بجدوى هذه القرارات لما فيها مصلحتهم على المدى الطويل، وأن تتمتع بالطاقة السياسية على تنفيذ القرارات هذه؛ وثالثا وخاصةً، أن تؤول سياسات التصحيح إلى أن يتحمَّل المقتدرون، لا الطبقة الوسطى والفقراء، كلفةَ وعناء التصحيح.

السؤال هنا، هل يتمتَّع هذا الفريق، ذات الجدارة المهنيّة الأكيدة، بهذه المواصفات والقدرات؟

- تحدّث وزير المالية في الحكومة الجديدة غازي وزني عن أن موضوع سندات اليوروبوند في آذار المقبل هو الموضوع ذات الأولوية اليوم، هل توافق الرأي؟

سندات اليوروبوند في آذار المقبل هو موضوع مُهّم طبعاً، لأنه بادرة أوّل الغيث على طريق الاستحقاقات المالية الداهِمة والمتتالية التي يواجهها لبنان، إنما هذا الاستحقاق ليس هو الوحيد بل عقبة واحدة فقط من العقبات العديدة على طريق العذاب والخلاص. الأولوية في نظري هي الشروع السريع بوضع الاستراتيجية الشاملة لما بعد "آذار المقبل" للخروج من النفق، والمضي بتنفيذها.

- أكد رئيس الحكومة الجديدة حسان دياب أنه لا إقالة لحاكم المركزي في الفترة المقبلة، الا ترى أن هذا الموضوع يغذي اللاثقة التي يشعر بها الشارع اللبناني؟

في رأيي نظراً لما آلت إليه الأوضاع في لبنان نتيجة سياسات خاطئة عبر السنين، بما فيها السياسات النقديّة، هناك ضرورة مُلِحَّة لتعديل قانون النقد والتسليف لإخضاع البنك المركزي لرقابة البرلمان كما هو الحال في الولايات المتّحدة حيث يخضع ​البنك الاحتياطي الفيدرالي​ الأميركي لإشراف ​الكونغرس​. كذلك من الضروري، ضمن تعديل القانون، ألّا يُجَدَّد التكليف لحاكم المصرف إلّا مرّة واحدة.

- أعلنت نقابة الصرافين هذا الأسبوع عن تثبيت سعر صرف الدولار عند 2000 ليرة، ما هي تداعيات هذا الموضوع؟ وهل ترى استمرار لموضوع السعرين للدولار في المرحلة المقبلة؟

كي تتمكن نقابة الصرّافين من الالتزام بتثبيت سعر صرف الدولار على أيٍ مستوى كان، ذلك مؤشِّر واضح على أن هناك اتفاق وتنسيق واضحَيْن مع البنك المركزي على أن الأخير سوف يَمُدُّ الصرّافين بالسيولة بالدولار المطلوبة لالتزام بسعر الصرف هذا. ذلك مقدمة واضحة على أن البنك المركزي يتوجّه نحو الاعتراف بسعري صرف متوازيين تمهيداً للوصول إلى سعر صرف لا علاقة له بالـ1500 ليرة للدولار.