ليس لسقف الطموح أي حدود، ما دام الإصرار والتركيز منصبّاً على النجاح، بهذه الكلمات يمكن توصيف إنجاز غير مسبوق في وطننا، لِ​لبنان​ية استطاعت أن تتميز عربياً وتحصد خبرة بين ​أميركا​ و​روسيا​ ودبي، في مجال لم يحدث أن استطاع لبنان حتى التخطيط له.

الدكتورة "رنا نقولا" أول لبنانية استطاعت أن تبدأ مشوار رائدة فضاء، عبر برنامج "رواد ​الفضاء​" الذي استطاعت فيه أن تكون بين الـ 3 الأوائل من أصل 500 مشترك.

وفي مقابلة خاصة مع "الاقتصاد" تشرح لنا الدكتورة نقولا إنجازها، وتحدّثنا عن طموحها:

هل بإمكاننا اليوم أن نقول أن رنا نقولا هي رائدة فضاء؟

"وسائل التواصل الإجتماعية تناولت الموضوع بطريقة خاطئة، أنا شاركت في برنامج عالمي، بنسخته العربية كأول جزء، والذي يهدف إلى إجراء التجارب والإختبارات التي تقام في "​ناسا​" وفي روسيا، لاختيار روّاد الفضاء، ورغم أن التحديات والإختبارات أقيمت في روسيا و"ناسا"، إلا أنني اليوم لست رائدة فضاء، ولا يوجد وكالة فضاء في لبنان لأستطيع الإنتساب إليها وأصبح رائدة فضاء."

كيف تميزتِ في البرنامج؟

"تم اختياري من بين 500 مرشح تقدموا للاشتراك في برنامج "رواد الفضاء" بإشراف رائد الفضاء الكندي "كريس هادفيلد"، لأكون من ضمن الـ "12 مشاركاً"، ووصلتُ إلى الحلقة الأخيرة وتنافست على اللقب مع ​السعودية​ مشاعل الشميمري و​الإمارات​ي محمد أهلي."

كيف تقيمين هذه التجرببة؟

"تجربتي في برنامج "Astronauts" تُعدُّ خطوة أولى على الطريق أن أكون رائدة فضاء، لقد أثبت أنا وزميلاتي أننا كنساء عربيات قادرات على التميز والمواجهة وخوض مجال العلوم، لقد منحتنا 4 أشهر من التصوير، الفرصة لاكتشاف قدراتنا، وفرصة عشنا من خلالها خبرة رواد الفضاء وكنا فعلًا خارج كوكب الأرض."

ما الفارق بين ما الإختبارات والتدريبات في البرنامج ووكالات الفضاء؟

"خضعت في البرنامج لتدريب جزئي خلال 4 أشهر، إنتقلت فيها بين دبي و"مركز يوري غاغارين" في روسيا و"مركز كينيدي" للفضاء في وكالة "ناسا" بالولايات المتحدة، فيما رائد الفضاء يقضي عامين من التدريبات ليصبح رسمياً "رائد فضاء".

إختبرنا ما يمر به رواد الفضاء، وأن نقوم بالتدريبات التي يقومون بها، ولكن في إطار برنامج تلفزيوني."

هل أهلتكِ دراستك للوصول إلى هذا الإنجاز؟

​​​​​​​

"إنني حائزة على إجازة في الفيزياء من كلية العلوم في ​الجامعة اللبنانية​، و"ماستر" في الفيزياء من الجامعة الأميركية في بيروت "AUB" ودكتوراه في النانو ​تكنولوجيا​ "Nanotechnology" من "University of Technology of Troyes" في ​فرنسا​.

​​​​​​​

وكالات الفضاء، تختار في عمليات ​التوظيف​ التي تجريها لاختيار رواد الفضاء، أشخاصاً يحوزون على دكتوراه في العلوم، والتركيز الأكبر يكون على مادة الفيزياء، أو يتم اختيار أشخاص بخلفية حربية أي في الجيش.

حاملو ​شهادات​ دكتوراه في العلوم، قادرون على القيام بالاختبارات العلمية المطلوبة على متن ​محطة الفضاء الدولية​.

الطيارون من الجيش يتم اختيارهم، بسبب خبرتهم السابقة، وقدرتهم على العمل تحت الضغط، وتمكنهم من قيادة مركبات فضائية.

والبرنامج الذي شاركت فيه، ضم 500 تم انتقائهم من هذه الخلفيات."

هل نقلت تميّزك إلى عملك؟

"أعمل حاليا كأستاذة محاضرة في الجامعة اللبنانية الأميركية "LAU" في بيروت، وباحثة في هيئة ​الطاقة​ الذرية"Le Commissariat à l'énergie atomique et aux énergies alternatives – CEA" في ​باريس​، وعضو في الجمعية الدولية للبصريات والضوئيات "International Society for Optics and Photonics"، إضافة إلى أنني مُراجعة منتظمة في مجلتي "Plasmonics"، و "Nanospectroscopy".

وفي الجامعة اللبنانية الأميركية، بدأنا حديثاً، في برنامج جديد حول الفيزياء التطبيقية، وأنا جزء من هذا البرنامج وأعمل من خلاله على تطويره واستقطاب التلاميذ إلى هذا التخصص، إلى جانب الأبحاث التي نقوم بها.

وأعتزم تقديم سلسلة محاضرات وورش عمل في عدد من المدارس لتشجيع الطلاب والطالبات على التخصص في علوم الفيزياء والفضاء، على اعتبار أن الفيزياء مادة تطبيقية مرنة تستند الى نظريات سهّلت التقدم والتطور من حولنا."

في لبنان ليس لدينا وكالة فضاء؟ كيف ينجذب الطالب إلى هذا مجال في غياب الأساسات؟

"قبل بضعة أعوام، لم تكن هناك أي دولة عربية لديها وجود في خريطة العالم الفضائي، أو في علوم الفضاء، ووكالات الفضاء، ولكن حديثاً، دولة الإمارات شاركت عبر رائد فضاء، في رحلة خارجية، وعلى ضوء هذه المشاركة، رأينا اهتمام دول أخرى، كالسعودية التي تحاول تأسيس وكالة فضاء خاصة، إضافة إلى جهود لدى كل من ​البحرين​ والكويت في هذا المجال.

وانطلاقاً من هذا الزّخم العربي، يمكننا نحن في لبنان أيضاً، أن نحلم ونطمح ليكون لدينا وكالة فضاء، وليس من الضروري أن ترسل وكالة الفضاء من العام الأول أو السنوات الأولى، روّاداً ورحلات إلى الفضاء، ويمكن إرسال ​أقمار اصطناعية​ مثلاً، وهناك مشروع، تعتزم ​الدولة اللبنانية​ القيام به، لإطلاق أول "CubeSat" لبناني، وهو نوع من الأقمار الاصطناعية."

خطوة مشاركتك في هذا البرنامج هي نهاية حلم، أو بداية لطريق رنا نقولا في الفضاء؟

"هذا حلمي منذ كنت صغيرة، للأسف إذا أردت التوجه إلى وكالة فضاء سيكون ذلك عبر جنسيتي الفرنسيةـ وذلك للإنضمام إلى "الوكالة الأوروبية للفضاء"، وعبر هذا الباب أنا أحلم بالإنضمام إلى الوكالة، ولكن هناك صعوبة بسبب عدم استقطابهم رواد فضاء إلا كل 7 سنوات تقريباً، يتم خلالها فتح باب التوظيف، ولكن أنا اليوم بانتظار هذه الفرصة، خاصة أنني حصلت على رسالة توصية من أول رائد الفضاء الكندي "كريس هادفيلد"، وخضت كل التجارب، وحصلت على شهادة بمشاركتنا في روسيا، على أمل أن أحقق حلمي.

وإذا لم يتحقق حلمي بالدخول إلى وكالة فضاء، فإن اهتمامي وتركيزي ينصب على الأبحاث التي أقوم بها."