يعيش ​لبنان​ اليوم أكبر أزمة اقتصادية ومالية في تاريخه، حيث تتفاقم معاناة اللبنانيين المعيشية يوماً بعد يوم، ويتجه الوضع من سيئ الى اسوء بسبب الأزمة النقدية وتسقيف عمليات سحب العملة الصعبة من قبل ​المصارف​ و​التضخم​ المتفشي وتدهور القدرة الشرائية وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل ​جنوني​ واغلاق المؤسسات وصرف الاف الموظفين.

هذه الاوقات الصعبة التي نعيشها اليوم لم نشهدها خلال فترة الحرب الأهلية،ف​الفقر​ دخل كل ​المنازل​ حتى اصبحت الاسر عاجزة عن تأمين الطعام ومستلزمات الحياة الاساسية لاطفالها مما دفع ببعض الاباء اليائسين الى الانتحار، واظهرت دراسة للبنك الدولي بالتعاون مع منظمات الأمم المتّحدة و​الاتحاد الأوروبي​ و​صندوق النقد​، أن ما يقارب من مليون مواطن لبناني يعيشون على أقل من 4 دولارات في اليوم، في حين إنّ الأسعار في لبنان هي أغلى بنسبة 30 % من أي بلد في المنطقة ، كما توقع ​البنك الدولي​ ارتفاع التضخم بنسبة 35% في حين شهدت الاسعار زيادة بنسبة 25% والتي من شانها ان تزيد معدلات الفقر من 30 الى 52% .

وفي ظل هذه الظروف المأسوية التي نعيشها اليوم وسوداوية المشهد اظهر الشعب اللبناني درجة كبيرة من المسؤولية الاجتماعية والمساهمة في مد العون إلى مجتمعاتهمووقوفهم جنبا الى جنب، فنشطت المبادرات الفردية والجماعية للقضاء على ​الجوع​ ومساعدة الفقراء وتأمين الغذاء والاساسيات الاخرى للمحتاجين، كما نشطت الدعاوات عبر ​شبكات التواصل الاجتماعي​ للتبرع، وكثفت الجمعيات الخيرية الموجودة في لبنان نشاطتها ومنها بنك الغذاء اللبناني الذي ينشط لاطعام الجياع عبر التصدي للهدر الغذائي وتأمين الطعام لمن لا يستطيع تأمينه، بهدف القضاء على الجوع في كل المناطق اللبنانية.

وفي هذا الاطار وللتعرف اكثر على بنك الغذاء اللبناني وألية عمله كان لموقع "الاقتصاد" هذا اللقاء الخاص مع المديرة التنفيذية للبنك سهى زعيتر .

بداية ما هوبنك الغذاء اللبناني؟ ومنذ متى يعمل في لبنان ؟ ولماذا نشطت اعمال الجمعية في الاونة الاخيرة ؟

بنك الغذاء فكرة عالمية نشطت بعد الحرب العالمية الثانية في الولايات المتحدة ومن بعدها انتقلت الى البلاد العربية بداية من مصر في العام 2006، وبدأت الجمعية الخيرية عملها في لبنانفي العام 2012 بهدف"الحد من هدر النعمة والقضاء على الجوع وتأمين الطعام للاشخاص العاجزة عن تأمين غذائها اليومي ".

وفي الاونة الاخيرة نشط عمل بنك الغذاء اللبناني نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، حيث باتت الاسر عاجزة عن تأمين الغذاء ومتطلبات الحياة الاساسية لافرادها مما ادى برب الاسرة الى ​اليأس​ فاقدم البعض منهم على الانتحار ومن هنا عمدت الجمعية الى مد يد المساعدة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة من خلال التوجه للاسر والافراد الفقيرة وتأمين المساعدة لهم، وبدورها حصلت الجمعية على مساعدات اكثر استطاعت من خلالها الوصول الى جميع المناطق اللبنانية عبر المؤسسات التي يتم التعامل معها .

- ما هي الية عمل البنك من حيث جمع الاطعمة لغاية توزيعها على الفقراء؟ وبرامج هذه الجمعية؟

لدى بنك الغذاء اللبناني عدة برامج يعمل من خلالها منها برنامج توضيب الغذاء الفائض في المطاعم والمناسبات والولائم التي تقام سواء اعراس او مأتم وغيرها،ووضعه في سيارات مبردة ومخصصة لنقل الطعام وتسليمها الى الجمعيات التي بدورها تقوم بتوزيعها على الفقراء.

وقرر البنك ومنذ اليوم الاول العمل مع الجمعيات بهدف توفير الوقت والجهد على اعتبار ان هذه الجمعيات تمتلك معلومات وقاعدة بياناتحول العائلات التي تحتاج الى مساعدات والمناطق الموجودة فيها .

ويعمل البنك في الوقت الحالي مع 75 جمعية موزعة على كافة المناطق ويتم التعامل معها بحسب احتياجاتها، فمنها من يحصل على الاكل المطبوخ ومنها من تستقبل ​المواد الغذائية​ والحصص وغيرها لتوزيعها بدورها على المحتاجين .

كما يقوم البنك باستلام اموال من بعض المتبرعين وشراء ​مواد غذائية​ وتوضيبها على شكل حصص تكفي لمدة شهر وتحتوي على الاساسيات من الغذاء التي يجب ان تتوفر في كل بيت ويتم وارسالها الى العائلات المحتاجة .

كما لدى البنك برنامج تعليمي يهدف الى توعية الجيل الصاعد في المدارس والجامعات لمعرفة مسؤوليته في منع هدر الطعام ومساعدة الفقراء .

كيف يتم التأكد من سلامة الأطعمة التي توزع على الفقراء؟

ان ​الشباب​ العاملين في بنك الغذاء اللبناني والذين يقومون باستلام الطعام من الجهات المانحة يحملون شهادات في السلامة الغذائية تجدد كل عام وبعد اجراء دورة تدريبية لدى شركة "​بويكر​" لمعرفة السبل الصحيحة لتوضيب الطعام حفاظا على صحة وسلامةالاشخاص الذي تصل اليهم هذه ​المساعدات​ .

ما هي مصادر تمويل جمعية بنك الغذاء اللبناني؟ وما مدى تعاون المجتمع مع الجمعية ؟

ان بنك الغذاء اللبناني يعتمد وبشكل اساسي على ​التبرعات​ شأنهشأن اغلب الجمعيات في لبنان وهذه التبرعات من الممكن ان تكون عينية اومادية .

وفي الوقت الحالي تراجعت التبرعات العينية نظرا لتراجع المناسبات والافراح، في حين يتبرع الاشخاص بالمواد الغذائية الجافة ليتم تحضيرها على شكل حصص غذائية وايصالها الى بيوت الاسر الفقيرة، كما تتلقى الجمعية مساعدات مادية كبيرة من الجالية اللبنانية الموجودة في كافة انحاء العالم ، ونشط المجتمع بشكل كبير في الاونة الاخيرة نظرا لاحساسه بالمسؤولية اتجاه المواطنين العاجزين عن تأمين متطلبات الحياة الاسياسة بسبب التدهور الاجتماعي والاقتصاديالذي يشهده لبنان في الفترة الاخيرة .

كما هناك مؤسسات عالمية تعمل على مساعدة بنك الغذاء اللبناني لتوسيع النطاق الجغرافي الذي يعمل به .

كيف يتم اخيتار الأسر التي ستستفيد من هذه المساعدات؟ وهل تطال اعمالها المناطق اللبنانية كافة ؟

يتم الوصول الى الاسر المحتاجة عبر الجمعيات الخيرية وعبر وزارة الشؤون الاجتماعية كما تمكن البنك من مساعدة الافراد بشكل مباشر نظرا الى ​الوضع الاقتصادي​ والمعيشي الصعب .

وتسعى الجمعية الى توسيع رقعة مساعداتها لتطالالمناطق اللبنانية كافة وتم الوصول الى المناطق البعيدة مثل عرسال و​عكار​ و​طرابلس​ وغيرها واليوم يتم العمل للوصول الى البقاع والهرمل، في حين تحظى بيروت بحصة الاسد.

كما تسعى الجمعية للوصول الى منطقتي الشمال والبقاع المهملتين من قبل الدولة وحيث حالات الفقر المدقع ونسبة كبيرة من الاسر التي ترزح تحت خط الفقر.

في ظل تفاقم ​الازمة الاقتصادية​ في لبنان الى اي مدى زاد الطلب على هذه المساعدات الغذائية ؟

ان الازمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان منذ نهاية العام الماضي ومطلع هذا العام ادت الىزيادة الطلب وبشكل كبيرعلى المساعدات من قبل الجمعيات التي يتم التعامل معها وكذلك من قبل الافراد .

ما هي الحملات التي ستعمدون للقيام بها في المستقبل القريب ؟

في الاونة الاخيرة عمدت ​بلدية بيروت​ باشراف ومساعدة محافظ بيروت زياد شبيب الى تقديم مستودع كبير لبنك الغذاء اللبناني لتتمكن الجمعية من تلبية اكبر عدد ممكن من الطلبيات، من حيثتوضيب الحصص الغذائية وحفظ هذه المواد لمدة اطول نظرا الى ان مستودع البنك صغير ويعمد الى استلام وتسلم المساعدات مباشرة للجمعيات.

كما نناشد الاشخاص القادرة على مساعدتنا بكافة الوسائل المتاحة سواء المادية او العينية، وهناك تعاون جيد جدا من كافة فئات المجتمع اللبناني سواء التلاميذ والموظفين واصحاب الشركات وحتى من قبل اللبنانيين في الخارج، والجميل والواضح هذا العام ان المساعدات لم تقتصر فقط على فترة الاعياد كما كل عام بل استمرت نظرا الى الوضع الاستثناني الذي نمر به.