في ظل الأزمة الإقتصادية الأسوأ التي يعيشها البلد منذ الحرب اللبنانية 1975-1990، ومع استمرار مماطلة سلطة "إلا المصارف" في تشكيل حكومة (قد تنقذنا وقد تكون كسابقاتها)، يجري الحديث عن اقتراح "​مصرف لبنان​" تبديل سندات دين بالعملة الأجنبية (يوروبوند) تُقدّر قيمتها بـ1.2 مليار دولار وتستحق في شهر آذار المقبل، بسندات أخرى أطول أجلاً.

ووفقاً لما ذكرته وكالة "​بلومبيرغ​" الأميركية، فإن الفكرة طُرحت على حَمَلَة الـ"يوروبوند" المحليين، الا أنّها تمهّد لاتخاذ إجراءات مماثلة من شأنها أن تطال حملة السندات الأجانب.

ما هو تأثير هكذا إجراء وهل سيحلّ المشكلة؟ ماذا عن المرحلة المقبلة والحديث عن إمكانية تنفيذ الـ"Haircut"؟ لمعرفة المزيد حول هذه المواضيع وغيرها كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع المحلل المالي والإقتصادي د. بلال علامة:

ما هو رأيك بسيناريو ​مبادلة​ السندات الدولية، ما هي آثارها وهل من الأفضل تأجيلها كما نقلت بعض التقارير عن وزير المالية ​علي حسن خليل​؟

في ظل الواقع المالي الذي يعيشه البلد اليوم، الحلول المطروحة هي تأجيل السندات أو استبدالها بأخرى أطول أجلاً (12 عام). معظم هذه السندات تحملها ​البنوك اللبنانية​ وجزء منها بحوالي 600 مليون دولار يحملها أجانب.

كي لا نتجه الى مرحلة الـDefault أي التعثر أو العجز عن الدفع، من المفضل مبادلة السندات، وذلك لأن دفعها يشكّل كارثة على ما تبقّى من احتياطي لـ"مصرف لبنان".

المبادلة لا تحل المشكلة طبعاً، لكنها تمنحنا "نفس أطول" على المدى المنظور. يجب أن نحرص على أن لا تستنزف الإستحقاقات القادمة في شهري آذار وحزيران، ​العملات​ الأجنبية الموجودة، وفي الوقت نفسه أن لا نصل الى مرحلة "التعثر".

تتباين المواقف اليوم حول اللجوء الى "​صندوق النقد الدولي​"، في حين يعتبر البعض أنه من الأفضل تجنّب الموضوع لقساوة الإجراءات التي ستُتّخذ يشير آخرون الى أن تدخّل الصندوق يضمن تحقيق الإصلاحات وهو أفضل من تسلّم الدولة الهشّة لزمام الأمور في هكذا مرحلة، ما هو رأيك في هذا الموضوع؟

أعتقد أن المسار الذي يسير به المسؤولون في هذه الدولة سيوصلنا في نهاية المطاف، شئنا أم أبينا، الى وصاية "صندوق النقد الدولي"، لأنهم وعلى مدى ثلاث سنوات لا يقومون بالحد الأدنى من الإجراءات الإصلاحية المطلوبة.

من الواضح أنهم عاجزون، لكن مستمرّون بالمماطلة. في النهاية، سنلجأ لـ"صندوق النقد الدولي" الذي سيتّخذ الإجراءات اللازمة، ستكون قاسية نعم، لكنها ستعيد الحياة لإقتصادنا الريعي القائم على الخدمات والتدفقات المالية من الخارج. لا يمكننا الإستمرار بتأجيل الأزمة، فلنتّخذ القرار الذي يحلّ المشكلة من أساسها.

وصاية "صندوق النقد" على الواقع المالي هي الوحيدة القادرة على فرض الإجراءات الواجب اتخاذها، بقبول قسري من قبل الشعب، لتحقيق الإصلاح.

في هذه الحالة كيف ستكون المرحلة الإنتقالية بالنسبة للشعب اللبناني؟

ستكون قاسية طبعاً، ولكن أفضل من المرحلة التي نعيشها اليوم. الشعب اللبناني يعيش حالة من عدم اليقين ويتجه الى مجهول أكبر، أما في حالة "صندوق النقد" سنكون على طريق الإصلاح المضمةن، إلى حدًّ كبير.

العملية ليست بهذه البساطة طبعاً، فهي تشمل إعادة هيكلة للمصارف وللدّين بالإضافة الى إعادة ترتيب القطاعات وخاصّةً ​القطاع العام​ الذي تتخطى كلفته المعقول (50% من إيرادات الدولة).

هل ترى امكانية لاتخاذ إجراء الـ"Haircut" عمّا ​قريب​؟

إذا أردنا ذلك أم لا، الـ"Haircut" عملية ستحصل. الـ"Haircut" أنواع، إذا لم تقع على المودعين (طبعاً كبار المودعين) ستقع على سندات الدّين وتحديداً على فائدة سندات الدّين. دون إجراء الـ"Haircut" على ​الديون​، لن نتمكّن من الخروج من هذه الدوّامة. لبنان اليوم بحاجة بشكل مباشر الى 20 مليار دولار لاستعادة الوضع الذي كان عليه قبل عام فقط، أي مرحلة الركود ولكن المنتطمة.