باميلا حنينه، شابة ​لبنان​ية طموحة، جمعت ما بين حبها للإعلام وشغفها في ​علم​ الجريمة، فاخترقت بذلك عالما جديدا، و"خطيرا"، الى حد ما – كما يعتبره البعض، وشقت طريقها بذكاء وحنكة، وواظبت على تحقيق النجاح والازهار.

ولعلّ التقدم الكبير الذي أحرزته المرأة اللبنانية على مختلف الأصعدة، يشكل إرثا حقيقيا لجيل صاعد من الشابات والسيدات الناجحات، حيث ساهمت حنينه في فتح آفاق جديدة، وأثبتت بذلك، أن المرأة هي المسؤولة الأولى عن النهوض بوضعيتها، واكتساب ثقة محيطها، واستحقاق موقعها في المجتمع.

فلنتعرف معا، الى الإعلامية باميلا حنينه، التي كانت مِن أول مَن تخصص في علم الجريمة في لبنان، من خلال هذه المقابلة التي خصّت بها موقع "الاقتصاد":

من هي باميلا حنينه؟

تخصصت في العلوم السياسية، وحصلت مؤخرا، على ماجستير في علم الجريمة (criminology)، من "​جامعة الروح القدس​ – الكسليك"، "USEK"؛ وهذا الاختصاص موجود فقط في هذه الجامعة، وعدد الطلاب فيه، لا يتخطى أصابع اليد.

عملت في جمعيات عدة تعنى بالحوكمة، منها "الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية"، كما خضعت لفترة تدريبية في ​مجلس النواب​.

انخرطت في العمل التلفزيوني، بسبب شغفي في الإعلام؛ والعلوم السياسية ساعدتني كثيرا من هذه الناحية. كما قررت التوجه نحو علم الجريمة، لأنني أحب هذا الاختصاص؛ ولعل هذه الخطوة، سترسم ​خارطة طريق​، من شأنها أن تفتح المجال أمام زيادة عدد الاختصاصيين في إدارة مسارح الجرائم، والتعرف الى الأدلة الجنائية، ومتابعة الأشخاص المسجونين، وإعادة تأهيل السجون، و​الطب الشرعي​، والحمض ​النووي​، وغيرها من الأمور.

برأيك، هل هناك مستقبل للمتخصصين في علم الجريمة في لبنان؟

أعتقد فعلا أن المستقبل موجود، لأننا بحاجة أولا، الى اختصاصيين في هذا المجال. وثانيا، لقد انفتحنا على الخارج، وعمدنا في بعض الأحيان، الى اللجوء لخبرات الاختصاصيين الأجانب، لإدارة مسارح الجرائم الحاصلة في لبنان.

فالمشكلة في لبنان، تكمن في أن الأشخاص الذين يعملون في الأدلة الجنائية، وفي القسم المخصص للجرائم في مديرية ​قوى الأمن الداخلي​، لم يتخصصوا في علم الجريمة، بل استحصلوا على شهادات في مجالات أخرى، وخضعوا لتدريبات عدة في هذا المجال، بينما نحن قد تخصصنا فيه من الألف الى الياء؛ ولهذا السبب، أعتقد فعلا أن قوى الأمن الداخلي بحاجة الينا والى خبراتنا.

ولا بد من الاشارة الى أننا تخرجنا – صديقتي وأنا – مؤخرا، وحصلنا على شهادة في علم الجريمة، وبالتالي أصبح بإمكان لبنان الاستفادة من معرفتنا ومهاراتنا، بدلا من الاستعانة بالخبراء الأجانب.

ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها الشخص من أجل النجاح في علم الجريمة؟

أولا، القلب القوي، بسبب المشاهد القاسية التي سيصادفها.

ثانيا، الموضوعية؛ فلبنان بلد صغير، ومن الممكن أن نتواجد في مكان نتعرف فيه الى الأشخاص المصابين أو حتى المتّهمين.

ثالثا، المواظبة على القيام بالأبحاث؛ فهذا المجال واسع جدا، ويتطلب منا تحديث معلوماتنا بشكل يومي، وخاصة في ما يتعلق بالتقينات الحديثة المستخدمة في الدول المتقدمة.

ومن هنا، أشدد على ضرورة إقرار قانون لإدارة مسارح الجرائم في لبنان؛ فعلى سبيل المثال، لدى حصول أي جريمة أو انفجار، يدخل الجميع الى مسرح الجريمة لإلقاء نظرة على ما يجري، في حين أن هذا الأمر ممنوع عالميا، لأنهم بذلك، يوسّخون المكان، ويمسحون الأدلة الموجودة.

ما هي مشاريعك وطموحاتك المستقبلية؟

أولا، سوف أواظب على عملي الإعلامي، لأن هذا النشاط، يتيح لي إيصال علم الجريمة، الى أكبر عدد ممكن من الأشخاص، وتقديم المعلومات المفيدة حوله.

وأعتقد أن هذا المجال سوف ينال اهتمام العديد من اللبنانيين، لأن الجرائم موجودة للأسف، بكثرة وبشكل يومي. كما أن لبنان من أكثر البلدان التي تواجه اكتظاظا في السجون.

ثانيا، أتمنى فعلا، أن أتمكن من طبع كتيّب حول علم الجريمة، وتوزيعه على المؤسسات العامة، وخاصة على قوى الأمن الداخلي.

فأنا مؤمنة بضرورة سعي الانسان الى تحقيق طموحاته وأهدافه، وعدم الاستسلام أمام العوائق والصعوبات.

هل واجهت أي تمييز خلال فترة الدراسة والعمل لمجرد كونك امرأة وشابة؟

لا شك في أن كوني امرأة، شكل تحديا إضافيا بالنسبة لي، لكنني لم أواجه أي تمييز على الإطلاق، وأعتقد أن المرأة تتمتع بإمكانيات، وفرص، وحظوظ، أكبر في هذا اختصاص علم الجريمة، لأنها بطبيعتها صبورة، ومتروية، وتركز على أدق التفاصيل.

من قدم لك الدعم في مسيرتك؟

تلقيت الدعم الأكبر من عائلتي، وذلك رغم تخوفهم من هذا الاختصاص، الذي ما زال يعد غريبا وخطيرا بالنسبة للبعض.

كما ​نلت​ تشجيعا واسعا من خطيبي. فهو محام ويعرف جوانب علم الجريمة؛ وبالاضافة الى ذلك، ساعدني في كل ما يتعلق بالقوانين التي كنا ندرسها في الجامعة.

من جهة أخرى، كنا، زملائي وأنا في الجامعة، ندعم بعضنا البعض، وننشر الروح التحفيزية في ما بيننا، وخاصة خلال التجارب والأبحاث الصعبة، وذلك لكي نتمكن معا من اجتياز هذه المرحلة بنجاح.

ما هي النصيحة التي تودين إيصالها الى جيل ​الشباب​ التي تنتمين اليه، من جهة، والى المرأة اللبنانية من جهة أخرى؟

أشجع الأشخاص المهتمين بعلم الجريمة، والشغوفين بالمواضيع الأمنية، على الانخراط في هذا المجال؛ مع العلم أنه على من يرغب في دراسته، أن يكون متخصصا قبل ذلك، في الطب، علم النفس، القانون، أو الدراسات المختبرية.

ولكن أقول للمهتمين: "لا تترددوا في الإقدام على هذه الخطوة، خوفا من عدم إيجاد فرص العمل، فالمستقبل لم يعد محصورا بالاختصاصات التقليدية. وعلم الجريمة يقدم معلومات كثيرة، ويسهم في تنمية معرفة الشخص وثقافته، عبر مجموعة واسعة من الدراسات، كما يدفع الشخص، لا إراديا، للنظر الى المجتمع بطريقة مختلفة تماما، دون إصدار الأحكام المسبقة".

من جهة أخرى، أشجع المرأة على المثابرة على تحقيق أهدافها كافة، بغض النظر عن الصعوبات التي قد تعترض طريقها. اذ يجب أن لا تضع المجتمع عائقا أمامها، أو سببا لعدم وصولها الى أقصى درجات النجاح؛ فاذا أصرت على التقدم، بإمكانها خوض أي مجال كان، وتحقيق أكبر الإنجازات.

المجتمع سيتغير عندما نغيّر عقليتنا؛ وعلى كل شخص منا أن يبدأ بنفسه!