من الواضح أن العام 2020 سيحمل في طياته الكثير من التحديات للاقتصاد العالمي، وخاصة في ظل تصاعد التوتر بين الجانب الأميركي وال​إيران​ي على اثر حادثة اغتيال واشنطن القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في ​العراق​ ليأتي هذا التصعيد بمثابة الضربة القاضية لاحتمال نجاح الجهود الدولية والإقليمية للتهدئة وعدم التصعيد بين الطرفين، لتدخل المنطقة حقبة جديدة من الصراع يصعب التكهن بمساراتها، أو رسم صورة لنهايتها في المدى المنظور حيث سيكون العالم مفتوحا على الرد والرد المقابل بين الطرفين مع احتمالية توسع الرقعة الجغرافية.

وتجد إيران نفسها ملزمة بالرد على الضربة الأميركية، وتمتلك ​طهران​ قدرات مؤكدة على إغلاق جزئي، أو كلي، ل​مضيق هرمز​ وتهديد حرية ​الملاحة البحرية​ وحركة مرور ​التجارة الدولية​، بالإضافة إلى استهداف منشأت ​النفط​ ​السعودية​ أو شن هجمات الكترونية، لربما ستطال الداخل الأميركي.

وألقت التوترات الاميركية الايرانية بظلالها على ​الأسواق الخليجية​ كما العالمية حيث شهدت ​الاسهم​ هبوطا حادا في مطلع تداولاتها هذا الاسبوع اذ أغلقت كافة الأسواق الخليجية السبع في دول مجلس التعاون الخليجي في تعاملات يوم الأحد على تراجع في ظل مخاوف المستثمرين من اندلاع صراع أميركي - إيراني محتمل في المنطقة لتعود هذه الاسواق الى الاستقرار يوم أمس الاثنين، كما سجلت ​أسعار النفط​ ارتفاعا بنحو اثنين بالمئة، مواصلة مكاسبها ودافعة برنت فوق 70 دولارا للبرميل.

وفي ظل هذه الضبابية التي تخيم على ال​أسواق المال​ية وأسعار النفط وزخم التحليلات التي تشير الى احتمالية التصعيد في المنطقة، في ظل ترقب رد الفعل الايراني ستبقى الأسواق الخليجية والعامية في حالة ترقب ورهن تطور الاحداث في الايام المقبلة، وفي هذا الاطار ولمعرفة ماذا ينتظر ​أسواق الأسهم الخليجية​ و​اسعار النفط​ بعد تصاعد التوترات الجيوسياسية كان لـ "الاقتصاد"، حوارا مع الخبير الاقتصادي من ​الأردن​ الأستاذ مازن ارشيد.

بداية كيف انعكس اغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني على الأسواق الخليجية وعلى أسعار النفط؟ وكيف تلقفت ​الأسواق العالمية​ هذه الضربة الاميركية ؟

تراجعت الأسواق الخليجية بشكل ملحوظ في اليوم الاول للتداول بعد حادثة اغتيال سليماني، لكن تداولات يوم الاثنين شهدت تحسنا، لأن الأسواق استوعبت الحدث وجرى امتصاص الأزمة، فشهدنا ارتفاعا في هذه الاسهم، كما أن الأسواق العالمية شهدت تراجعات كبيرة عقب الضربة الأميركية تجاوزت 1.5 % و 2 %، ولكن يوم أمس الاثنين شهدنا تراجعا طفيفا في ​الأسواق الأوروبية​ والأميركية، في حين شهد مؤشر "​ناسداك​" ارتفاعا بسيطا وبالتالي فإن الأسواق تمر غب حالة من احتضان واستيعاب للحدث، كذلك الأمر بالنسبة لمؤشر "​نيكي​" و​البورصة اليابانية​، وهذه الحالة من الممكن أن تكون مؤقتة بانتظار رد الجانب الإيراني، فهناك نوع من الترقب والحذر في إطار التداول بأسواق المال، وكذلك الأمر بالنسبة لاسعار النفط.

ماذا ينتظر أسواق الأسهم الخليجية بعد تصاعد التوترات الجيوسياسية؟

الكل اليوم ينظر بعين الترقب لما سيكون عليه رد الجانب الإيراني، ولا يمكن توقع ما يمكن أن يحدث للأسهم الخليجية ، ومن وجهة نظري، فإن أسواق العالم ككل بما فيها الأسواق الخليجية، ستكون بوضع الحذر والقلق قبل الاندفاع نحو الشراء وزيادة الطلب على هذه الادوات الاستثمارية، كما من غير المتوقع أن تشهد أسعار النفط ارتفاعات كبيرة، بل ستشهد نوعا من الاستقرار بانتظار الرد الإيراني.

برأيك كيف ستنعكس حالة القلق السائدة الآن بين المستثمرين على ​الأسواق العربية​ والعالمية؟ وعلى الاستثمار في ال​دول الخليج​ية؟

في ما يتعلق بالاستثمارات المتدفقة إلى ​الدول الخليجية​، لا أتوقع أن يكون للأحداث الأخيرة تأثيرات طويلة الأمد على هذه الاستثمارات، ولكن الأمور تتوقف بالطبع على الرد الايراني، ومن السابق لأوانه الحديث عن تراجعات كبيرة في هذه الاستثمارات.

هل من الممكن برأيك ان تلجأ إيران إلى تعطيل إمدادات النفط في ​الشرق الأوسط​ عبر مضيق هرمز؟ أو استهداف منشآت النفط في دول الخليج الحليفة لأميركا؟

أشك في أن إيران ستعمد إلى اتخاذ أي إجراءات انتقامية في ما يتعلق بتعطيل الإمدادات في مضيق هرمز، نظرا إلى أن الصادرات الإيرانية للنفط تتدفق عبر هذا المضيق أيضا، وبالتالي فإن أي إجراءات انتقامية إيرانية في هذا المضيق، ستضر أيضا بصادراتها، كما أن أي خطوات لإغلاق المضيق، ستواجه برد فعل ليس أميركي فقط، بل عالمي نظرا لأهمية هذا الممر المائي الحيوي والدولي، لعبور ​شحنات النفط​ وغيرها، وتعتبر هذه الخطوة بمثابة إعلان حرب من قبل طهران.

هل نشهد في الأيام المقبلة ارتفاعات كبيرة في أسعار النفط؟

إن ارتفاع أسعار النفط يتوقف على حجم وشكل الرد الايراني، فإذا كان هذا الرد موجهاً إلى مصافي النفط في السعودية، بالتالي سنشهد موجة من ارتفاع أسعار النفط نظرا لتراجع إمدادات المملكة، كما أن لجوء الجانب الايراني إلى إغلاق مضيق هرمز، من شأنه أن يرفع أسعار النفط تخوفاً من تراجع الإمدادات، ومن الصعب التنبؤ في الوقت الحالي برد فعل طهران، سواء إذا كانت مرتبطة بالنواحي الاقتصادية التي ستؤثر بشكل كبير على أسواق المال، أما إذا كان رد إيران عسكري أمني، سيؤثر بالطبع على أسواق المال ولكن بزخم أقل من الإستهداف المباشر للجوانب الاقتصادية أو استهداف لشحنات النفط.

ومن الواضح أن التوترات بين الجانبين ستستمر لفترة طويلة، وربما تترافق مع طول فترة تولي الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ سدة الرئاسة، وحتى اتضاح الصورة فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية.

كيف تقرأ التطورات الأخيرة في العلاقات الأميركية العراقية وتهديدات ترامب بفرض عقوبات على العراق؟

إن أي عقوبات أميركية محتملة على العراق، ستؤثر بشكل كبير على ​بغداد​، وبالطبع فإن تأثيرها يختلف بحسب طبيعة هذه ​العقوبات​، وفيما كانت ستطال ​القطاع النفطي​، ولا يمكن معرفة إلى أين ستتجه الأمور، وما اذا كانت هذه التهديدات ستترجم على أرض الواقع، ولكن الواضح والذي بات معلوماً أن هناك تأزماً كبيرا بعد الحادثة الأخيرة، واغتيال القائد الايراني، والجميع سيحاول بعد أيام القيام ببعض خطوات التهدئة سواء من الجانب العراقي أو الأميركي في محاولة لاستيعاب ما حصل، وإيران ستلجأ الى رد فعل يتناسب مع الحدث، ولا أتوقع أن يكون هناك توسع في الأزمة.