أشعل مقتل قائد فيلق القدس ال​إيران​ي قاسم سليماني، ​أسعار النفط​ والذهب في ​الأسواق العالمية​، بسبب زيادة المخاوف من صراع في ​الشرق الأوسط​، قد يعطل إمدادات النفط.

وبدأت أسعار النفط بالصعود يوم الجمعة، حيث سجلت ارتفاعا بأكثر من 3%، كما واصلت اتجاهها التصاعدي الاثنين، بعد ارتفاعها 2%، لتصل الى ما فوق الـ70 دولار للبرميل، اذ صعدت العقود الآجلة لخام برنت إلى 70.74 دولارا للبرميل، في حين سجل ​الخام الأميركي​ غرب تكساس الوسيط 64.35 دولارا للبرميل.

وتوقع محللون وخبراء، أن يتأثر خُمس الإنتاج العالمي من النفط، مع اتجاه المنطقة نحو التصعيد، كما رجحوا ارتفاع أسعار النفط لمستويات قياسية قد تناهز 100 دولار للبرميل، خاصة في حال اتجاه إيران الى إغلاق مضيق هرمز.

ما هو مصير أسعار النفط؟ كيف سيتأثر ​لبنان​؟ من هو الرابح المتوقع من الأزمة؟

هذه الأسئلة وغيرها، أجاب عليها الخبير النفطي ربيع ياغي، في هذه المقابلة الخاصة مع موقع "الاقتصاد":

- ما هي تبعات مقتل سليماني على أسعار النفط العالمية؟ وما هي التأثيرات الناجمة عن التوترات الجيوسياسية الأخيرة، خاصة في ظل حالة الترقب القائمة في الوقت الحاضر؟

أي حالة من عدم الاستقرار، أكانت جيوسياسية أم أمنية، في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا في ​منطقة الخليج​، أو منطقة غرب آسيا، سيكون لها تأثير مباشر على الأنشطة الاقتصادية والتجارية وبالتالي على تدفق النفط وكذلك على أسعار النفط عالميا.

وبالتالي فإن أي اضطراب سوف ينعكس سلبا على أسعار النفط و​الغاز​ بالتحديد. وفي الوقت ذاته، هذا الاضطراب الأخير ليس آنيا، بل يمر بتدرج، ويتجه نحو الازدياد وليس نحو الانحسار، ولذلك رأينا تفاعلا فوريا للبورصات النفطية العالمية، متجهة نحو الارتفاع. ومن هنا، سيكون التأثير سلبيا على المستهلك.

- رجح بعض الخبراء بأن يصل سعر البرميل الى 100 دولار في حال إغلاق مضيق هرمز. ما تعليقك على هذا الأمر؟

من الممكن أن يحصل هذا الأمر، مع العلم أنني أستبعد وصول السعر الى 100 دولار. ولكن نحن اليوم نرى أن أسعار برنت ونفط غرب تكساس (مرجعيات تسعير ​النفط الخام​ وبالتالي ​المشتقات النفطية​)، ارتفعت بحدود الـ5% منذ زيادة التوتر في منطقة الخليج، وتحديدا في ​العراق​؛ وهنا لا بد من الاشارة الى أن العراق هو بلد مصدر أساسي، في حين أن تصدير إيران تدنى الى 300 ألف برميل باليوم، وبالتالي تحيدت، وشهدنا على غياب ايراني، الى حد ما، عن عمليات التصدير، ولكن عندما كان العراق يزيد إنتاجه، ويحاول جزئيا تعويض الغياب الايراني. نرى اليوم أن المشكلة المركزية في الصراع الجيوسياسي أصبح في العراق، ما سيؤثر على التدفق النفطي، وعلى وتيرة الانتاج المرتفعة في العراق (كان هدفه الوصول الى 4.5 مليون برميل يوميا، في حين أنه إنتاجه اليوم هو ما دون الـ4 مليون)، وبالتالي فإن الاضطرابات الحاصلة في العراق لها تأثير مباشر على تدفق النفط العراقي من ​البصرة​، وعبر ​كركوك​ – تركيا، أو اذا أضفنا اليها توسع الصراع في الخليج، وإغلاق مضيق هرمز، فمن المؤكد أننا لن نتمكن حينها من تحديد سعر للنفط؛ وبالتالي لن يعد هناك سقف للأسعار، ومن الممكن أن تصل الى 90 دولار أو 100 أو حتى 110 و120.

اذا بقيت الأمور منضطبة على الوتيرة القائمة حاليا، أعتقد أن أسعار النفط لن تتجاوز حينها الـ75 أو 80 دولار للبرميل، ولكن اذا انفجرت الأمور عسكريا، لن يعود السقف موجودا؛ وتاريخيا وصل سعر النفط الى 150 دولار للبرميل، ومن الممكن أن نشهد مجددا على هذا الأمر، في حال تم إغلاق مضيق هرمز لفترة طويلة.

- كيف سيتأثر لبنان بهذا الارتفاع؟

لبنان بلد مستورد لكل المشتقات النفطية، وهو غير منتج، ما سيؤثر على الأسعار؛ لأننا نستورد بالأسعار العالمية. ومن هنا، بسبب افتقاد لبنان الى الاتفاقيات من دولة الى دولة، بخصوص استيراد النفط، عبر مناقصات أو شركات ​القطاع الخاص​، سعر السوق سيكون العنصر الأساسي الذي يفرض نفسه على الأسعار كافة.

المواطن اللبناني سيتأثر حتما، وبالنهاية، المستهلك هو من يدفع الثمن.

- الى أي مدى سوف تستفيد ​الولايات المتحدة​ من ارتفاع أسعار النفط، لكي تتمكن من المنافسة أكثر في سوق النفط من خلال زيادة إنتاجها من ​النفط الصخري​؟

الولايات المتحدة لم تعد مستوردة كالسابق، وبات لديها الاكتفاء الذاتي، ومن المتوقع، عام 2020 أن تبدأ بتصدير جزئيا كميات، بحدود 750 ألف برميل يوميا، الى الخارج.

وبالتالي لم تعد دولة معتمدة على النفط شرق الأوسطي، إنما ارتفاع التسعير عالميا، هو مؤشر لزيادة الانتاج الأميركي من النفط الصخري؛ حيث تبلغ كلفة إنتاج البرميل حوالي 28 دولار، وأي ارتفاع فوق هذا الرقم، هو مربح.

من المؤكد أنه من مصلحة ​الشركات الأميركية​ أن ترتفع أسعار النفط عالميا، وبالتالي هي قادرة على زيادة إنتاجها وربحيتها من النفط الصخري.

- بدأت "​اسرائيل​" بضخ الغاز الى عدد من الدول منها ​الاردن​ و​مصر​، ما هي تداعيات هذا الأمر على لبنان، خاصة في ظل تأخره عن التنقيب؟

لا شك أن "اسرائيل" التي بدأت معنا بعمليات المسح الجيولوجي في عام 2002، أصبحت دولة مصدرة الى الاردن ومصر، وقريبا الى ​اليونان​، بينما لم يبدأ لبنان بعد بعمليات الاستكشاف والحفر والتنقيب، لغاية هذه اللحظة.

وبالتالي فإن الفرق الزمني قد وصل للأسف الى حدود الـ17 عاما. كما أن أسواق الغاز معروفة، وعقودها ليست سنوية، بل تمتد بالعادة الى ما بين 10 و15 سنة. ومن هنا، أي اقتحام اسرائيلي للأسواق الإقليمية أو العربية تحديدا، مثل الاردن و​فلسطين​ ومصر، هو خسارة للبنان.

وفي حال تم بناء خط الأنابيب الذي ينقل الغاز في حالته الغازية – أي ليس ​الغاز المسال​ – من "اسرائيل" ​قبرص​، قبرص اليونان، اليونان جنوب ​إيطاليا​، ستكون "اسرائيل" قد سبقتنا أيضا الى ​الأسواق الأوروبية​.

الوقت لم يكن لصالحنا أبدا، والتلكؤ والتعامل البطيء والسيء مع القطاع النفطي أو الثروة الواعدة جدا، دليل على قلة الخبرة والجهل في أهمية هذا القطاع. للأسف، سبقتنا "اسرائيل"، وستلحقها قبرص في أواخر 2020 وبداية 2021.