لطالما اتسم ​لبنان​ بحركة ​هجرة​ الأدمغة منه نحو الخارج، فيما كان المبدعون الذين يعودون إلى بلدهم، محصوراً بنسب قليلة جدّاً، لأسباب متعددة، على رأسها غياب الدعم في لبنان وعدم وجود تسهيلات للتميز وغيرها من الأسباب.

الطبيب  "فارس ​زيتون​"  تحدّى هذه الظروف، وعاد إلى لبنان منذ 20 عاماً، متخصصاً في أمراض "الحساسيّة والربو و​علم​ المناعة"، ليكون مساهماً بارزاً في هذا المجال بحسب  المنظمّة العالميّة للحساسيّة (WAO)، التي منحته ​جائزة​ أكّدت تميّزه ورفع اسم لبنان في محفل طبي دولي.

وخص الدكتور زيتون "الاقتصاد"، بمقابلة تحدث فيها عن إنجازاته في لبنان والخارج:

إسم لبناني جديد يكرم دولياً.. ما التميز الذي كُرِّمت لأجله ؟

"خلال 20 عاماً لي في لبنان كطبيب، ساهمت وأقمت الكثير من المؤتمرات حول الحساسية والربو والمناعة، وانضممت كذلك إلى المسار الأكاديمي وساهمت تعليمياً بتخصصي، إضافة إلى التمريض، والنشاطات المناطقية في لبنان و​الشرق الأوسط​. وهنا جاء تكريمي لعملي في هذا المجال كأحد أهم الفاعلين في هذا المجال، وتكلل ذلك بتأسيس الجمعية العربية لأمراض الحساسية والربو المناعة، وإجراء مؤتمر عالمي غير مسبوق في هذا المجال في بيروت.

المؤتمر السنويّ العالميّ للحساسيّة الذي كرّمت فيه، إستقطب ما بين 2000 و 5000 من الخبراء والعلماء، الذين يعملون ويهتمّون في مجالات الحساسيّة والمناعة والمجالات الأخرى ذات الصلة."

ما أسباب عودتك للعمل في لبنان ؟

"منذ عام 1999 عدت إلى لبنان، بعد دراساتي الأولية والعليا وقضاء 20 عاماً في ​أميركا​، وشعرت أن هذه المنطقة بحاجة لتخصصنا، لأن أمراض الحساسية والمناعة، تنتشر بشكل هائل في العالم ولا يتم الإضاءة عليها كثيراً، وهناك نقص في الأخصائيين ونقص في المعرفة والوعي بشأن هذه الأمراض، وهذا كان هدف عودتي إلى لبنان، وهو رفع نسبة الوعي في بلدنا والمنطقة. وهو ما ارتكز عليه نشاطي طوال الـ 20 عاماً هنا، لأعمل طبيباً وكذلك أكاديمياً في الجامعة الأميركية في لبنان."

ما أهم إنجازاتك خلال مسيرتك الطبية ؟

"إنني أخصائي بـ "أمراض الحساسية والربو والمناعة" ودرست في الولايات المتّحدة، وعدت إلى لبنان منذ 20 عاماً وأعمل في بلدنا والمنطقة بهذا التخصص.

أنا ناشط في مجال نشر ثقافة أمراض الحساسية في لبنان و​العالم العربي​ ككل منذ 20 عاماً، وأنا أترأس جمعية لبنان لهذا الغرض، وتحت لواء الجمعية العالمية للحساسية "WAO"، أسّست جمعية لأول مرة في التاريخ لـ "أمراض الحساسية والربو المناعة"، والتي تضم كل الجمعيات العربية لأمراض الحساسية، وكان لي الشرف أن أكون الرئيس المؤسس لهذه الجمعية.

وأجرينا مؤتمراً مميزاً تاريخياً في منطقة الشرق الأوسط وأُقيم ببيروت في 4 نيسان من العام الجاري 2019.

المؤتمر الذي حمل اسم (World Allergy International Scientific Conference WAISC)، كان برئاستي أنا والجمعية العالمية، وأهمية هذا المؤتمر أنه يحصل مرّة أو مرتين في الصعيد العالمي، وإنجازنا أننا أقمناه في بيروت وكان بمشاركة واسعة من أهم الأطباء في ​الولايات المتحدة​ و​أوروبا​ و​آسيا​، بما يزيد عن الألف مشارك، و الـ 75 محاضراً.

"المنظمة العالمية للحساسية "WAO"، تعد المنظمة الأم لكل منظمات الحساسية في العالم، وأنا ناشط في هذه الجمعية منذ 20 عاماً."

ما أسباب إقامة هذا المؤتمر في بيروت ؟

"الدور الأكبر لذلك، كان للجمعية اللبنانية التي أسسناها، فالجمعية اللبنانية للحساسية أنجزت الكثير، وهي قيادية في العالم العربي، وقرروا إقامة المؤتمر في بيروت، ولاقى المؤتمر نجاحاً هائلاً."

ما مستوى لبنان اليوم في تخصص أمراض الحساسية والربو والمناعة ؟

"أوّلاً، في مجال الوعي، لازلنا غير متقدمين أبداً، ولازال هناك نقصاً كبيراً في نسبة الوعي فيما يخص هذه الأمراض.

ثانياً، وفيما يختص بالمجال الطبي، فلبنان والطبيب اللبناني، متقدّم على نظرائه في المنطقة والعرب وهذا يظهر في المرضى الذين يأتون إلى لبنان لتلقي العلاج.

مشكلتنا في أمراض الحساسية، أن الأخصائيين قلائل جداً، ولذلك نرى توجه عدد من المرضى نحو أطباء بديلين، وهذا ما ينتج عنه "علاج غير مجدٍ" نتيج أن الطبيب لا يحمل تخصص الحساسية أو الربو أو المناعة.

مشكلتنا في لبنان والمنطقة المجاورة بشكل عام، هي نقص في تخصص الحساسية، ونقص في الوعي تجاه هذه الأمراض، وهنا نشمل الطبيب والمريض على السواء.

وهنا أذكر أن مرضى يعانون من أمراض الحساسية كل حياتهم، ولا يتم تشخصيهم أو إعطاء العلاج المناسب لهم."

هل لبنان لا يزال بهذا المستوى اليوم بعد 20 سنة من قدومك إلى البلد؟

"بعد 20 عاماً بالتأكيد تغيّرت الحالة في لبنان نحو الأفضل، إذ شهدت المراكز الطبية تطوراً في هذا المجال، وبات لديناً وعياً أكبر، ولكننا لازلنا دون الوعي الضروري، وكان المفروض أن يكون لديناً وعياً أكبر.

أمراض الحساسية بتزايد في كل دول العالم، وتشكل ضرراً كبيراً في حياة الإنسان، وتؤدي إلى مضاعفات كثيرة، ونقص الوعي والأخصّائيين ومعرفة الطبيب متى يجب أن يحول المريض إلى الأخصائي، وهذه الأمور كنا نعمل على تحسينها في لبنان والمنطقة المجاورة."