أكثر من 60 يوماً على إنطلاق الثورة، ثورة خرج فيها المواطن ال​لبنان​ي مطالباً بلقمة العيش الكريمة وحركة سياسية بعيدة عن مسلسلات السرقة والنهب.. مطالبٌ تعريفها الدولي "حقوق" .. فمن حقّ اللبناني أن يحظى بكهرباء دون أن يتوسّلها، وأن يستخدم مياه لا يدري معمل من لوّثها.. ومن حقه أن يتعالج دون أن يحتاج لقرض مصرفي وأن يتعلم في مدارس حكومية تقارب بمستواها ​المدارس الخاصة​ صاحبة الأقساط التصاعدية.

هذه الحقوق تنبثق من "غريزة البقاء" .. ولكننا اليوم وفي ليلة الميلاد سنتعلّم "حق الفرحة بالعيد" من دون تكاليف وضرائب إضافية..هذا الحق الذي لا ينتظر اللبناني من أحد أن يمنّ عليه به.. فهذا هو الحق الذي إن لم ينوجد، يخلقه اللبناني بنفسه وبأبسط الطرق.

ولم يكن اللبنانيون يتوقعون إستمرار ثورتهم حتى الأعياد.. ولكن كما نعلم، اللبناني يتأقلم في أي ظرف ويصنع من البساطة رمزاً ثميناً للإيتسامة. لذا كان لـ"الإقتصاد" جولة في وسط بيروت، إطلعنا من خلالها على جهود الثوار في "ثورة" للحفاظ على روح العيد رغم كل الظروف السياسية والإقتصادية. جولتنا تضمنت محطات عدة: منها عشاء ميلادي مجاني، حملات تبرعات، شجرات ميلادية فردية منها تحارب أفكار إنتاحرية وآخرى توثق أحداث أمنية.

ولكن لا بد أن تنطلق رحاتنا من شجرة الميلاد الأولى التي يضعها القوار مستقلين عن بلدياتهم، وبما أن الجديث عن التمويلات بات النمط الطاغي في الآونة الأخيرة ستنفرد "الإقتصاد" بنشر أسماء الممولين والداعمين لهذه المبادرة.

الشعب اللبناني يضع شجرته الميلادية الأولى بصفر ميزانية من المال العام

عندما نتحدث عن الميلاد بالطبع يجب أن نتكلم عن الشجرة، فالبلديات في لبنان تتنافس فيما بينها لتزيين أجمل الشجرات الميلادية، إلا أن هذه السنة دخل على ساحة شجرة جديدة "شجرة الثوار"، الثوار الذين فقدوا الأمل ببلدياتهم وقدرتهم على إداراة المال العام، فقرر الشعب أن يتوحد ن خلال بشجرتهم الخاصة التي ساهمت في تشغيل اليد العاملة اللبنانية.

"شجرة الثورة" التي إنطلقت فكرتها من دعوة عنوانها "صفر ميزانية من المال العام"، ضمن حملة "ما إلنا غير بعض" كانت نتيجة لجهود عدد كبير من المواطينين من مختلف المناطق اللبنانية.

المبادرة هي عبارة عن مبادرات عدة جمعت في مبادرة واحدة من قبل أفراد حيث جمعت عدد كبير من المصممات والمصممين، الفنانات والفنانين، الحرفيين وشخصيات عامة، كما تبنتها معظم المجموعات والأحزاب في الثورة. وشجرة الميلاد في الثورة التي هي عبارة عن خيمة كبيرة حملت أمنيات اللبنانيات واللبنانيين بولادة لبنان الجديد، حيث جمعت الكلمات، ​الاعمال الفنية​، والغرافيتي من مختلف المناطق اللبنانية، وفي أسفل الشجرة حائط للأمنيات ليكتب كل أمنيته سواء بالكلمات او الرسم، كما داخله مغارة مرسومة. وإهتم بالمبادرة على صعيد التصميم والتنفيذ كالين جولان وكارلا داغر، وتنظيم الإعلامية يمنه فواز والمهندس روي داغر.

فواز عبّرت عن فخرها بهذا الإنجاز لأنها السنة الأولى التي يضع فيها الشعب اللبناني شجرة الميلاد في العاصمة هو من يحتفل بإضاءتها وبصفر ميزانية من المال العام أي دون أي تكلفة من مال الشعب. وفي حديث خاص لـ"الإقتصاد" إعتبرت فواز :"أنه لو كانت ​بلدية بيروت​ مشرفة على التنظيم لكانت كلفة الشجرة وصلت إلى حوالي 300 ألف دولار اميركي بشكل تقديري مقارنة مع السنوات السابقة، إذ بعملية حسابية سريعة يتبيّن أن عملية التركيب والفك كلفت البلدية حوالي 40 مليون ليرة لبنانية، فيما قمنا بإحتساب التكلفة الفعلية التي وصلت إلى 5250000 ليرة لبنانية (3500 دولار أميركي بحسب سعر الصرف الرسمي) مما يعني انه هنالك 34 مليون يسبحون في فلك مجهول. "

قام الثوار بنناء الهيكل الحديدي للشجرة في يوم واحد في الساحة بتكلفة رمزية. وشرحت : "حصلنا على المواد الأولية بسعر التكلفة، وصممنا على دفع أتعاب الحرفيين اللبنانيين. وقد ساهمت مجموعة أشخاص في المجتمع بتغطية هذه التكاليف، ولكن كل المصممين والمنظميين قدموا عملهم بشكل تطوعي مجاني. " وأشارت فواز الى "ان بلدية بيروت على مدى سنوات كان تصرف مبالغ طائلة من أجل شجرة الميلاد والتزيين والاحتفالات في حين تبين معنا بالأرقام ان المبالغ التي كانت تصرف هي مبالغ فيها ووهمية."

وشرحت فواز:" حاولت بلدية بيروت أن تقنعنا بإستخدام شجرتها، ولكن لم يوافق أحد من الثوار أو المجموعات الذين إعتبروا أنها تمثّل رمزاً للفساد، وبالتالي عملنا من الصفر وبنينا الشجرة بتكلفة أقل بـ 5 مليون من تكلفة تركيب شجرة بلدية بيروت."

تجدر الإشارة إلى أن العام الماضي، كان الهيكل الحديدي موجود، والزينة موجودة ورغم ذلك تكلفت البلدية 150.000 دولار اميركي.

وأكدت فواز أنه لو كانت البلدية تتعامل بشفافية مع الشعب لكانت تمكنت من إستقطاب أهم الفنانيين والمبدعين، فكل مواطن لبناني يرغب في المشاركة بمشروع وطني شرط ألا يشعر أنه سُرق، ولكن السياسة المتبعة من حيث الصرف ووضع الميزانيات من قبل الجهات المعنية اليوم، لا يمكن مسحها بيوم واحد. مضيفة:" أن عدم ثقة الشعب في الدولة دفعته لتكوين حسّ المواطنة بين بعضه البعض مستثنياً الجهات "المسؤولة" من المعادلة."

وإعتبرت هذه الثورة تضم كل فئات المجتمع وكل الطبقات، :"كل منا يقدّم لبلده بحسب إمكانياته وقدرته، فالثورة ليست ثورة فقر هي ثورة تضم كل الفئات الإجتماعية دون إستثناء، هي ثورة على فساد النظام السياسي وعلى سوء إدارته للبلاد الذي أوصلنا إلى ​الأزمة المالية​ التي أدت إبلى إفقارنا، الجميع يعمل على بناء لبنان جديد، كوطن مؤسسات ينال ثقة الشعب. "

وفي التفاصيل كشفت فواز لـ"الإقتصاد" بشكل حصري، عن أسماء الأشخاص الذين قدموا مساهمات نقدية بهدف إنجاز شجرة الميلاد في الثورة ومنهم: نجاة زعرور ومجموعة أصدقاء ،بيار عيسى ،ندى زعرور، رجل أعمال (يتحفظ عن اسمه)، رضا مقداد ، شادي خوري، سمير صليبا، رولا كزاز، ليندا بولس. كما ساهم أصحاب مؤسسات عملهم بسعر التكلفة وهم: الطباعة الكس حمصي ،الحديد من سمير الديري ،كلمات ثلاثية الأبعاد بمساهمة من هادي اسطا، الخشب من شفيق شمس الدين، العمل اليدويعطيه فرج. أما عن الأشخاص الذين تطوعوا لإنجاز شجرة الميلاد الثورية فهم، في قطاع التصميم والتنفيذ : كالين جولان وكارلا خاطر ، أما فيما يخص تصميم الهيكل والهندسة: روي داغر ، بالإضافة إلى تنظيم: يمنه فواز، وعدد من الفنانيين.

عشاء ميلادي مجاني في وسط بيروت

إنطلقت رحلتنا من ساحة الشهداء حيث أٌقيم عشاء ميلادي مجاني ضمّ أكثر من 1000 لبناني. وفي حديث خاص لـ"الإقتصاد" كشفت السيدة ناريمان حمدان من جمعية "Recycle Lebanon" أن هذا العشاء إندرج ضمن برنامج الجمعية "Regenerate Lebanon" – "جدد لبنان"، وهو برنامج قائم من قبل إنطلاق الثورة، إذ أن إهدار الطعام "Waste Food " يعتبر ثالث ملوّث في العالم، وبالتالي تقوم الجمعية بالإستحصال مجاناً على المواد الغذائية من سوق الخضار والمراكز التجارية التي لم تتمكن من بيعها، وتحضّر بهذه المواد وجبات مجانية. ومنذ بداية الثورة قامت الجمعية خلال هذا البرنامج بتحضير وجبتين يومياً، وبحلول ​عيد الميلاد​ قررت تنفيذ عشاء ميلادي مجاني في الساحة، بهدف أن يشعر الجميع من كل الطبقات بأجواء العيد وأن يتعرفوا على بعضهم البعض.

فيما يخص الشقّ التمويلي للمشروع، بما أن هذ البرنامج قائم قبل الثورة فإن الجمعية تعتمد لتغطية تكاليف المشاريع على أول سوق "Zero Waste" في ​الشرق الأوسط​ ،"Eco Souk"، إلا أن الوضع إختلف خلال الثورة، فعندما لاحظ الثوار في بيروت أن الجمعية تقوم منذ اليوم الأول كل صباح بتنظيف الساحات، وتقوم بتقديم الوجبات المجانية، تبرعت عدة أسر بمساعدات مادية، بالإضافة إلى إنضمام عدد كبير من المتطوعين.

وشرحت حمدان:"فعلى سبيل المثال إن مشروعنا الخالي من الهدر و​التلوث​، حصل على تمويل من بعض العائلات فيما يخض المستلزمات الغذائية: ​الأرز​، البهارات، العدس، البهارات وغيرها."

ولفتت حمدان إلى أن :"برنامج "Regenerate Lebanon" هو تجسيد لرؤيتنا في السنوات القادمة من خلال تقديم مثال صغير أنه بإمكاننا أن نتكاتف ونحافظ على البيئة، إذ أن ​الكهرباء​ التي نستخدمها اليوم في الساحة ناتجة عن نظام لوحي يعمل ب​الطاقة​ الشمسية الذي تبرع به أحد الأشخاص، ​المياه​ المستخدمة هي مياه مفلترة، أما مياه تنظيف "الأواني" فهي مياه مُعالجة لكي نستخدمها فيما بعد في تنظيف الأرض وغيرها. كما أن أدواتنا كلها مصنوعة من الزجاح والمعادن فقط، فلا مكان للبلاستيك هنا."

أوعَ أهلنا: حملة لضمان فرحة الفقير بالعيد

وصلنا بالجولة إلى خيمة تكتل "أوعَ" التي قرر الشباب فيها بمناسبة عيد الميلاد إطلاق حملة بعنوان "أوعَ أهلنا" وهي عبارة عن متجر مجاني يتمكن فيها أي مواطن من أخذ ما يحتاجه ويحصل على ما يريد.

وإعتبرت أحد أعضاء التكتل :"هذا العيد لا يشبه أي عيد مضى، فمن غير المسموح هذا العام أن يبقى الفقير في منزله لأنه لا يملك ثمن السهرات الخيالي، اليوم نحن في الساحات يمكننا أن نحتفل سوياً من مختلف المناطق وبأبسط الطرق، ثورتنا ثورة مطالب محقّة، وهذا لا يمنعنا من الإحتفال في الأعياد.. من غير المسموح ألا يشارك الفقير في فرحة الأعياد فقط بسبب فقره."

تجدر الإشارة إلى أن الحملة مستمرة حتى ما بعد رأس السنة.

شباب البقاع يبتكرون شجرة الميلاد من مخلفات التفاصيل اليومية:

أما "حركة شباب البقاع" فإبتكروا شجرتهم الميلادية من عبوات المياه البلاستيكية المستعملة التي حوّلوها على شكل زهور متواضعة. وعبّر أحد الثوار عن رمزية الفكرة :" شجرتنا رسالة جوهرها معناها أنه يمكننا تحويل تفاصيلنا اليومية التي نضمن وجودها في حياتنا، إلى فكرة ميلادية رمزية في خضم الثورة". وأضاف:" ثمة من يستغرب من إحتفالنا بالأعياد وكأنه مطلوب منا أن نُحرم من فرحة الميلاد لأننا نطالب بحقوقنا ، نذكّرهم بأننا نحتفل على الأرض ولسنا في أفخم المطاعم و​الفنادق​، ونؤكد لهم أننا لن نخرج من الساحات حتى تتحقق مطالبنا."

في خيمة نزل السرور.. هدية العيد صديق جديد

وفي خيمة "نزل السرور" في ساحة الشهداء، قصة شجرة ميلادية آخرى... في هذه الخيمة التي ترمز لمسرحية زياد الرحباني الحاضرة في وجدان المواطن اللبناني، قام الثوار بتزيين شجرتهم الميلادية الخاصة، التي كانت متواجدة أصلاً من منطلق الطبيعة ضمن الخيمة.

وقال أحد الشبان:"لم نتوقع أن تستمر الثورة حتى عيد الميلاد، ولكن بما أنها مناسبة يحتفل فيها الجميع بمنازلهم، الساحة باتت منزلنا، وإذا كنا أصحاب مطالب هل يجب علينا أن نكون تعساء؟ شجرتنا لم تكلفنا فلساً واحداً، فكل منا أحضر زينة قديمة من منزله."

وأضاف:" لا يعني لأننا في الثورة بأننا سنموت من الجوع، نحن نثور كي لا يموت أولادنا من الجوع."

وإعتبر شاب آخر:" هذا العيد مميز بالنسبة لنا، لم أشعر العام الماضي بروح الميلاد كما اشعر به اليوم على الأرض بين رفاقي الذين تعرفت عليهم هنا.. وأكبر هدية حصلنا عليها هذا العيد أننا تعرفنا على بعضنا البعض."

شجرة "أبو الورد" الميلادية ولدت من الإنكسار لتحارب الإنتحار

خلال تجولنا في الساحة لاحظنا وجود خيمة في رياض الصلح برونق مختلف.. يعلو منها أنغام مارسيل خليفة وأغاني زياد الرحباني، هذه خيمة محمد الخش أو كما يُحب أن يُلقب بـ "أبو الورد" الذي جعل من خيمته هالة فنية كتب على جدرانها المصنوعة من "النايلون" بقلمه الملوّن شعارات عن الحرية والإستقلالية... خيمته التي قرر أن تكون مقراً لرسماته وقرائته..

إنطلقت فكرة شجرته من الحُطام فبعد أن قام عدد من مناصري الأحزاب بتكسير الخيم في رياض الصلح تدمرت خيمة "أبو الورد"، الذي قرر أن يسكن الساحات ريثما تتحقق مطالبه، لم يكن صدى حُطام الخيمة أعلى من خيبة أمل أبو الورد.. الذي أمضى ليلة عصيبة .. يقول "لا أنكر أني أحياناً تدور في رأسي أفكار إنتحارية عندما تضيق بي الدُنيا، ولكنني أعرف كيف أسيطر عليها"، خلال تفكيري المطول هذه الليلة التي لم أتوقع ماذا ستكون نتائجها عليّ.. لم أعرف شيئاً عنها سوى أنها ليلة أعلنت الطلاق على النوم.. وعندما حلّت الساعة الخامسة فجراً وجدت نفسي من دون تفكير أجمع حُطام خيمتي المنكسرة في نفسها، أجمعها لتصبح شجرة ميلادية ولدت من الإنكسار لتجسد رمزاً. ووضعت على الشجرة أوراقاً ليكتب المارّة عليها أفكارهم السلبية أو الإنتحارية .. آملاً أن يتم سماع صوتنا.. فعندما ندرك أننا كلنا نعاني أو نمرّ بظروف صعبة .. عندها نتمسك ببعضنا البعض ومن دون أن ندرك نكون قد تمسكنا مرة آخرى بالحياة.."

ويُضيف:"في أشخاص كثير قد يشاركوني نفس الأفكار الإنتحارية وغير قادرين على مشاركتها أو الإعتراف بها بالعلن، لذا ربما إذا كتبوا يكونوا قد فرّغوا هذه الطاقة السلبية، ويشعروا بأنهم ليسوا وحدهم في هذا الكون."

شجرة "الدواليب":

في مبادرة مجهولة الهوية قام الثوار بتجميع بقايا الإطارات والأسلاك الشائكة المحروقة وتحويلها لشجرة ميلادية، بحركة رمزية تجسد أن الثوار مستمرون في ثورتهم رغم كل الظروف سواء في السلم أوالحرب.. سيتقبلون أي ظرف وسيحتفلون بالأعياد خلاله.

"شجرة الطناجر": شجرة المناسبات اللبنانية

بعد أن قامت الفنانة حياة الناظر بتصميم مجسم الـ"Phoenix " في وسط بيروت، قررت أن تبتكر شجرة ميلادية توصّل من خلالها صوت الأشخاص غير القادرين على التظاهر، وبما أن قرع الطناجر بات أحد أيقونات الثورة، إنطلقت فكرة "شجرة الطناجر" التي لاقت فيما بعد تطورات في مفهومها.

فقد كان من المفترض أن يتم إنجاز هذه الشجرة بمناسبة عيد الميلاد، ولكن الأوضاع المتغيرة يومياً ألهمت الناظر بأن لا تحدّ فكرة الشجرة بمناسبة واحدة، لتصبح رمزاً وطنياً يجسد اللا طائفية والوحدة الوطنية.. وهنا تم تغيير فكرة الشجرة لتصبح "شجرة الشعب" لتكون بمثابة رمز يذكّرنا بحبنا لبعضنا البعض. وبالتالي باتت شجرة الشعب تُزين على عيد الميلاد، ​شهر رمضان​، عيد الإستقلال وكل المناسبات التي تجمع اللبنانيين. وتم تغيير شكل الشجرة لتصبح تشبه "شجرة العائلة" بعد أن طلبت الناظر من المواطنين كتابة إسمهم، منطقتهم وأمنيتهم للبنان على الطناجر.

وأضافت الناظر في حديثها لـ"الإقتصاد" :"قررت أن أقوم بأكثر من شجرة، لتضم شجرة ​طرابلس​ مثلاً طناجر من بعلبك ، ​صور​ ، بيروت وغيرها بهدف كسر هذه الحواجز المناطقية والطائفية.

وبما أن الحديث عن التمويلات بات روتيناً، قالت الناظر: "إن طناجر الشعب شكلت التمويل الأساسي لهذه الشجرة، ولكن خلال عملي وصلني دعوات للتطوع، فمنهم من تبرع بوقته للمساعدة ومنهم من قدم لي الحديد لتدعيم الشجر، فمن اللافت أن نظرة الشعب للفن قبل الثورة إختلفت عن نظرتهم الحالية، لأن الفنّ وسيلة يستطيع أي فرد في المجتمع أن يستخدمها لتعبير عن وجعه ومطلبه، وأعتقد أن هذا هو سبب التعاون الكبير الذي وجدته من المواطنين والمغتربين على حد سواء."

أمهات تُحيّك للميلاد:

​​

وفي مبادرة ميلادية آخرى كان لطلاب الجامعات على منصة "بلا إسم" في رياض الصلح، مبادرة طلبوا فيها من الأمهات تحيّك ثياب شتوية ليتمّ توزيعها في الميلاد من ضمن حملة إسمها "Knitting for a Cause" ، "ممنوع يبقى ولا لبناني بردان". وشرحت أحد الطلاب في المجموعة :"أن الهدف من هذه الحملة هو أن نقوم بمساعدة بعضنا البعض، إنطلقنا في المبادرة من خلال الطلب من أمهاتنا حياكة قبعات صوفية، ولكن يوم الإستلام وصلنا أكثر من ذلك، فهذه الثورة كشفت لنا كم أن اللبناني محبّ للعطاء، ولا يتقيّد بنوع أو أسلوب.. فحبه للعطاء أكبر من أن يُقيّد."

في النهاية، رغم أن لبنان يمرّ بمرحلة حساسة على الصعيد الإقتصادي والسياسي، ولكن هذا الظرف جعلنا ندرك أننا فعلاً نحب بعضنا البعض.. فالعيد الذي كنا نحتفل فيه مع أسرتنا الصغيرة في المنزل بتنا اليوم نحتفل به مع ابناء شعبنا في الساحات.. هديتنا الكبرى في هذا العام أننا تكاتفنا مع بعضنا البعض.

تحية ميلادية من أسرة "الإقتصاد" لكل مواطن لبناني.