لا شكّ أن قطاع ​التجزئة​ في العام 2019 كان من القطاعات الأكثر تأثّراً بما مرّ به لبنان. بدايةً، عانى القطاع كما كل القطاعات الأخرى من الوضع الإقتصادي والقدرة الشرائية للمواطنين اللبنانيين المتراجعين منذ أعوام ، ليأتي بعدها البند المتعلّق بفرض رسم بقيمة 2% على البضائع المستوردة حتى العام 2022 في ​الموازنة​ بالإضافة الى الرسوم النوعية، الى "ثورة 17 تشرين" والتأخر في تشكيل الحكومة.

هل من خطّة يعدّها المسؤولون في هذا القطاع للصمود؟ ما هي نسب التراجع؟ وما هي الخطوات التي ستتخذ مع المعنيين؟ لمعرفة المزيد من التفاصيل كان لـ "الاقتصاد" هذا اللقاء مع رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز "الفرانشايز" ​يحيى قصعة​:

1- كيف تلخّص وضع ​قطاع التجزئة​ لهذا العام؟ بدايةً مع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من رسوم إضافية على سعر الليرة ومؤخراً ما تشهده البلاد من أوضاع مضطربة؟

الستة أشهر الأولى من العام كانت جيّدة وشهدنا تحسّناً واضحاً في عدد من القطاعات، ذلك نتيجةً إقبال السيّاح العرب. المشكلة بدأت بعد حادة قبرشمون في تموز، حيث بدأت البيانات تشير الى انخفاض الأداء. وبعد 17 تشرين، الأرقام تبيّن وجود ​كارثة​ حقيقية.

لا يمكنني تقديم أرقام دقيقة اليوم فما زلنا نعمل على تقريرنا الذي سيصدر في كانون الثاني، ولكن اؤكد أن الأرقام مخيفة.

المشكلة ليست فقط بغياب الإستقرار بل بالإجراءات التي اتخذتها البنوك أيضاً. أتلقى ​اتصالات​ بالجملة يومياً، كلها تشتكي من الأحوال. التجّار لا يعلمون كيف سيشترون البضاعة من الخارج إن كان لا يمكنهم سحب أموالهم؟ ما هو سعر الصرف الذي سيشترون به بضاعتهم من الخارج؟ كيف سيتقبل ​المستهلك​ السعر الجديد؟

نسبة ​الفقر​ ترتفع ونسبة كبيرة من اللبنانيين بات تعيش على الأساسيات.

2- القطاعات كافّةً تعاني اليوم، هل ترى أن قطاع التجزئة يعاني بالدرجة نفسها أم أكثر؟ لماذا؟

لأتحدث عن قطاع الفرانشايز، الذي يشمل التجزئة بكافة فروعها، ونسبة ممن يعملون في هذا القطاع هم من الصناعيين غير القادرين على ​استيراد​ المواد الأولية لصناعاتهم وإذا تمكّنوا من استيرادها، فيستوردونها من المصنّعين الكبار. من ناحية ثانية، كنّا تحدّثنا أصلاً عن أن قطاع الفرانشايز يعاني من تراجع الطلب على السلع الكمالية، أي أنه كان من الواضح ارتفاع نسبة الفقر وتراجع القدرة الشرائية ولكن ليس لأن تصل الى هذه المستويات المخيفة بهذه السرعة.

وفي فترة الأعياد التي نمرّ بها، تبيّن أن الوضع لا يقتصر على تراجع القدرة الشرائية لدى الأفراد بل أيضاً لدى الشركات. تعامل الشركات فيما بينها تغيّر أيضاً لناحية الدفع أو الإتفاقيات...الأمر مفاجئ حقًّا. ولا أعتقد أن الوضع سيشهد أي تحسّن من اليوم الى أربع أو خمس أشهر المقبلة، حتّى وإن تمّ تشكيل الحكومة.

3- هل تواصلتم مع أيٍّ من المعنيّين للحصول على تسهيلات؟ وما هي الخطوات التي قد تتّخذونها للحد من التأثيرات على القطاع؟

اجتمعنا مؤخراً في ​غرفة التجارة​، الإجتماع نفسه الذي اقتحمه المحتجّون، وكناّ نناقش براءات الذمة من وزارة المالية التي يستحصل عليها من يتعثّر في دفع الضرائب من ضريبة الأملاك المبنية الى ضريبة البلدية، كما ناقشنا موضوع الـTVA وكيفية تسهيل هذا الموضوع على الشركات. الـTVA يجب أن يتم دفعها كل 3 أشهر، في الوقت الذي قد لا يتقاضى صاحب المؤسسة أي مبلغ في 4 أشهر. كما ناقشنا موضوع الضمان وحاولنا إقناع بعض أصحاب المؤسسات باللجوء الى إعادة الهيكلة بدل صرف الموظفين.

كما طلبنا من ​المصارف​ أن تدرس خطوة تتعلّق بإعادة جدولة ​ديون​ الموظفين، أي أننا فعلاً نحاول كل ما بوسعنا وسنرى ما الذي سيحدث.

4- برأيك، هل يمكن لـ"​مصرف لبنان​" أن يقدّم الدعم لقطاعات الفرانشايز؟

صراحةً، وبكل تجرّد، أرى أن حاكم المصرف المركزي ​رياض سلامه​ "يجود بالموجود". لا أعتقد أنه يمكنه القيام بأكثر من ذلك. "مصرف لبنان" يلعب دوراً هامّاً اليوم، فهو يسعى جاهداً للمحافظة على أموال اللبنانيين كي لا نضطر للجوء الى "​صندوق النقد الدولي​" والخضوع لشروطه.

المشكلة في لبنان هي "الإفلاس السياسي وليس المالي". نملك كافّة المقوّمات للنجاح والتطور، ولكن الإفلاس السياسي هو الذي أدّى بالاقتصاد والمالية إلى التدهور، ونتمنّى ألا يصل ذلك الى الأمن.