أكد ​الخبير الإقتصادي​ وليد أبو سليمان في حديث لـ "الإقتصاد في أسبوع" مع الزميلة ​كوثر حنبوري​ عبر "إذاعة لبنان"، أن تعميم ​​مصرف لبنان​​ الأخير بخصوص خفض الفوائد على الودائع، خفف الضّغط على ​​المصارف​​، وأعطى دفعة للبنوك على حساب المودعين من خلال تخفيض الفوائد.

وأشار أبو سليمان، إلى إن التعميم الأخير لم يلحظ تخفيض الفوائد على ​​شهادات​​ الإيداع أي ودائع المصارف في مصرف لبنان، ما يخفف العبء على المالية العامة للدولة ومصرف لبنان، مشدداّ على ضرورة أن يلحظ المركزي قريباً، وضع سقوف للقروض الجديدة.

وقال: "في ​علم​ الإقتصاد، خفض الفوائد يدفع بالمودعين الى سحب أموالهم واستثمارها، وهو أمر جيّد، ولكن: هل المودع اليوم قادر على سحب أمواله؟ أما بالدرجة الثانية، لحظ التعميم بالفقرة الأخيرة ضرورة تقيّد المصارف بالـBRR (Beirut Reference Rate) وهو مؤشر الفوائد على الإستدانة، السؤال: كيف ستطبّق المصارف ذلك مع القروض؟ هذا أمر آخر غير ملحوظ بالتعميم".

وتابع: "من الضروري أن تواكب حاكمية مصرف لبنان هذا التعميم بتعميم آخر لتخفيف العبء عنها وعن ​الدولة اللبنانية​، تخفّض بموجبه الفوائد على شهادات الإيداع، ووضع سقوف للمدينين والقروض الجديدة".

وبخصوص سعر صرف الليرة، أوضح أبو سليمان أننا اليوم "لدينا 30 مليار دولار احتياطي بالعملة الأجنبية نستخدمها، أولاً: للإستيراد، ثانياً: للدفاع عن سعر الصرف وثالثاً: في حال شهدنا تحويلات للخارج، الأمر الذي من المفترض أن لا يحصل، ولكن لسنا أصحاب نفوذ لنعرف...وبالتالي ما لا يمكنني استيعابه اليوم هو، هل يا ترى نحن في مرحلة تحرير سعر الصرف بطريقة غير رسمية؟... سعر السوق الموازي للدولار اليوم بات هو الطاغي، علماً أن عمليات التداول وحجمها لا يتخطّى الـ12 مليون دولار، أي أن دفاععنا عن سعر الصرف يتطلّب ضخ 10 الى 12 مليون دولار يومياً فقط، لماذا لا يحصل ذلك؟ ولماذا نشجّع على المضاربة؟ هذه علامة استفهام كبيرة ونطالب بجواب على ذلك".

وعن الحلول المطلوبة للخروج من الأزمة، لفت الى حالتي ​اليونان​ و​قبرص​ اللتان تمكّنتا من تخطي الأزمات المماثلة لأزمة لبنان، وقال: "بالدرجة الأولى، أول لجم للإنهيار يكون بترميم الثقة مع الداخل اللبناني و​المجتمع الدولي​، أي بتشكيل حكومة من أشخاص أصحاب مصداقية وخبرة عالية يحاكون الداخل والخارج، بالإضافة الى تشريع الكابيتال كونترول".

وفي الموضوع المصرفي، أوضح أنه "لدينا عاملين أساسيين: ​السيولة​ والملاءة، المصارف اليوم تشهد حالة شحّ بالسيولة، أما بالملاءة فلا أزمة...​القطاع المصرفي​ يستخدم الودائع كاستثمارات بالقطاعين العام والخاص...ولكن في أي بلد في العالم، ان شهدت المصارف الهجمة التي شهدناها، لن تتمكن من تلبية متطلّبات وتطلّعات المودعين كافةً، علماً أنه وللأسف، القطاع غير المنتج وهو ​القطاع العام​ بات يزاحم القطاع الخاص على أموال المودعين منذ سنوات".

واشار الى أنه "لا يمكن أن نحمّل المصرف المركزي مسؤولية كل ما يحصل، نحن كنّا في حالة شحّ، كنا بحاجة للعملة الصعبة بسبب العجز في ​الميزان التجاري​ وميزان المدفوعات، الذي تضخّم بعد ​الأزمة السورية​، ما اضطرّ ​حاكم مصرف لبنان رياض سلامة​ لأن يرفع أسعار الفوائد ليجذب الأموال"، مضيفاَ أن "ما يحصل اليوم في المصارف وما نحذّر منه، ليس أزمة سيولة او ملاءة بل أزمة ثقة. كيفية إدارة الأزمة أدّت الى تراجع الثقة بالقطاع المصرفي".

ودعا أبو سليمان لتشريع الـ"Capital Control" مع التعهّد بالحفاظ على الودائع وتوحيد المعايير، وقال: "للأسف، لم نشهد اي مخاطبة للمودعين، ما أدى الى انعدام الثقة. كما صدر بيان عن ​جمعية المصارف​ وحّد سقوف السحوبات الى 1000 دولار بالاسبوع، لم يصمد 24 ساعة. هذا التعامل أفقد الثقة أكثر بقطاع لطالما كان شريان الإقتصاد وعموده الفقري".

وأضاف: "المودعون اليوم باتوا ينظرون الى القطاع المصرفي كما ينظرون الى القطاع العام"، مشيراً الى أن "الإستنسابية في التعامل مع المودعين غير مقبولة".