ما هو الحلّ لانقاذ لبنان من أزمته المالية والاقتصادية؟

سؤال بات يشغل جميع اللبنانيين، فالأزمة استفحلت والخروج منها بات يتطلب وجود حكومة طوارىء - بغض النظرعن تركيبتها - تعمل ضمن رؤية اقتصادية واضحة من أجل انقاذ البلد من الانهيار في ظلّ التجاذبات السياسية وفي ظلّ غياب أي خطة انقاذية قد تنشل ​الوضع الاقتصادي​ من موته السريري. في هذا السياق طرحت مجلة "Euro money" في عددها الصادر في كانون الأول 2019 سبع خطوات لإنقاذ الاقتصاد اللبناني من الانهيار:

اولاً : تخفيض إجمالي الدين العام

بحسب المجلة يحتاج لبنان إلى تخفيض إجمالي ​ديون​ه العامة التي وصلت الى نحو 85 مليار دولار مع الركود السياسي والاقتصادي المستمر، إذ أن إعادة الهيكلة هي الخيار الوحيد. ويقُدر الدين الخارجي بنحو 190 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2018 بحسب ​صندوق النقد الدولي​.

ويقول أحد المستثمرين في لندن، إن "سياسة ​مصرف لبنان​ المتمثلة في الاستمرار في سداد التزامات السندات قد ينظر إليها بشكل إيجابي من قبل المستثمرين الدوليين، لكنها في الوقت عينه تقنن ​الدولار​ات لاستيراد المعدات الطبية و​المواد الغذائية​ الأساسية وهذا يشكل خطراً كبيراً. ويعتبر المستثمر ان لبنان سيواجه صعوبات في المستقبل بتسديد مستحقات سندات اليوروبوندز.

ان أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي سيتطلب من لبنان تخفيض التزاماته على الديون. وهي الطريقة الوحيدة التي يعتبرها المحللون الاقتصاديون قادرة على ضمان إعادة ضبط سياسية واقتصادية كاملة تحتاجها البلاد. والجدير بالذكر، أن هذا الأمر قد يتخذ شكل إعادة هيكلة أو اقتطاع على حاملي السندات.

ثانياً: إصلاح النظام المصرفي

انخفضت اجمالي ودائع ​المصارف​ اللبنانية بنحو 10 مليارات دولار منذ نهاية آب الماضي وذلك بحسب ​معهد التمويل الدولي​، وتعليقاً على هذا الموضوع يقول كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمعهد غابريس إيراديان "ينبغي على السلطات اللبنانية الاتفاق على تدابير قوية لمكافحة ​التهرب الضريبي​، وتحسين عمليات تحصيل الإيرادات والخصخصة، بدلاً من إعادة هيكلة الديون".

من جهته، يقول ​الخبير الاقتصادي​ الاستراتيجي في "بلوباي" تيم آش "أن النظام المصرفي يحتاج إلى إصلاح جذري، لأن المصارف لم تعد تقوم بوظيفتها الأساسية المتمثلة باستثمار الودائع في الاقتصاد الحقيقي، معتبراً ان النظام المصرفي أصبح جزءًا من المشكلة وليس الحل".

ثالثاُ: ضبط رأس المال

لا شك بأن مصرف لبنان كان ولا يزال المصدر الأساسي للسيولة الحكومية، الا ان بعض المحللين يحذرون من أن المصرف المركزي لن يكون قادراً على استعمال احتياطه من ​العملات​ الأجنبية لدعم احتياجات البلاد إلى أجل غير مسمى، وفي هذا السياق يعتبرغابريس إيراديان ان لبنان يحتاج الى دعم مالي من ​المجتمع الدولي​ الا ان الخلافات السياسية في البلاد تحول دون ذلك، وبالتالي ان لم يُقدم لبنان على هذه الخطوة في الأشهر القليلة المقبلة فهذا يعني ان الوضع الاقتصادي قد يتدهور أكثر وكذلك الأمر بالنسبة للوضع المالي لأن احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية قد ينخفض بوتيرة اسرع في الأشهر المقبلة.

رابعاً: الاستعانة بصندوق النقد الدولي

يمكن للبنان بحسب المجلة ان يستعين بصندوق النقد الدولي خصوصاً في هذه المرحلة بالذات، اذ يحتاج الاقتصاد اللبناني الى ​اصلاح​ أكثر من اي وقت مضى. وفي هذا السياق يؤكد مصدر في صندوق النقد الدولي للمجلة أنه إذا أرادت الدولة اللبنانية إجراء تغييرات كبيرة، فسيكون ذلك أسهل مع برنامج صندوق النقد الدولي، على الرغم من أن الصندوق لم يجرِ حتى الآن أي مناقشة حول السياسات الذي يجب على لبنان اتباعها إلا ان الزيارة الأخيرة التي قام بها مديرالاتصالات في صندوق النقد الدولي جيري رايس لبيروت في أيلول الماضي، تضمنت بعض المناقشات حول هذا الموضوع.

الى ذلك، يعتقد البعض ان لبنان لن يكون قادراً على النهوض بمفرده ودون الاستعانة بصندوق النقد الدولي، فبحسب المجلة لبنان بحاجة الى صخ المزيد من الأموال وهذا الأمر لن يتم في ظلّ غياب حكومة فعلية توحي بالثقة من جهة وقادرة على اتخاذ قرارات تقشفية حقيقية من جهة أخرى.

خامساً: تعويم ​الليرة اللبنانية

بينما يُنظر إلى ربط الدولار بالعملة المحلية على أنها سمة مميزة للاستقرار الاقتصادي، وسبب رئيسي وراء استمرار المغتربين في إرسال الأموال إلى الوطن، ترى المجلة ان الليرة اللبنانية قوية بشكل مصطنع فقط.

ويعتقد بعض المحللين أن صندوق النقد الدولي قد يصرعلى السلطات اللبنانية بأن تخفض قيمة الليرة كشرط مسبق لأي اتفاق، لكن النائب الأول للمدير الإداري للصندوق ديفيد ليبتون، كان قد أكد في وقت سابق ان الصندوق لا يطلب من أي بلد أن يعتمد سعر صرف ثابت أو سعر صرف عائم، إنه خيارهم". الى ذلك، يرى معظم الخبراء على أن تخفيض قيمة العملة بشكل جزئي هو أمر حتمي، لتحفيز ​النمو الاقتصادي​. وبالنظر إلى النسبة الكبيرة من ديون العملات الأجنبية، فإن تخفيض قيمة العملة سيؤدي إلى تفاقم مشكلة ديون الحكومة. ويقول صندوق النقد الدولي إن الصدمة الحقيقية لانخفاض القيمة بنسبة 30 في المئة ستزيد الدين الخارجي إلى أكثر من 300 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

سادساً: البحث عن دعم

كان لبنان يعتمد في السنوات الماضية على الدعم التي كانت تقدمه له دول الخليج من جهة والدول الأوروبية من جهة أخرى الا ان هذ الدعم توقف بسبب التجاذبات السياسية في لبنان والتعقيدات الحاصلة في الداخل اللبناني خصوصاً مع تأثير "حزب الله" على السياسة اللبنانية ورفض المملكة العربية السعودية وحلفائها تقديم أي دعم للحزب المدعوم من ​إيران​.

لذلك تنصح المجلة في البحث عن دعم من دول أخرى، حيث أن الدائنون في مؤتمر سيدر حريصون على رؤية المزيد من الاستقرار، أو دعم صندوق النقد الدولي قبل تقديم أي التزامات أخرى.

سابعاً: الإصلاح الهيكلي الجذري والحكم القوي

تؤكد المجلة ان لبنان يحتاج إلى حكومة قوية لسن الإصلاحات الهيكلية اللازمة لإعادة بناء نظام اقتصادي وسياسي كامل.

ليبقى السؤال هل ستضع الحكومة المقبلة هذه الخطوات ضمن خطتها الاقتصادية المقبلة لانقاذ لبنان؟