يدخل النظام المالي والمصرفي في ​لبنان​، متغيراً أساسياً مع العودة المرتقبة للمصارف، إلى مزاولة أعمالها كالمعتاد في غضون الساعات القليلة المقبلة، ويتمثل هذا المتغير في تدابير وإجراءات مصرفية متشددة تخالف في مضمونها النظام الإقتصادي الحر الذي ينتهجه لبنان، منذ نشأته، لاسيما نظام حرية التحويل والصرف النقدي.

وتأتي إجراءات وتدابير ​المصارف​، التي أعلنت عنها صراحة، يوم أمس ​جمعية مصارف لبنان​، لمواجهة ما تعتبره المصارف تحديات أساسية، وحاسمة باتت تواجهها المصارف منذ فترة غير قصيرة، وأبرز ملامح هذه التحديات، تراجع ​السيولة​ بالدولار في السوق اللبناني، وتالياً عجز المصارف عن تأمين الودائع لأصحابها دفعة واحدة، أو القبام بعمليات فتح إعتمادات للإستيراد بقيم كبيرة.

وإذا كانت عودة المصارف، التي توقفت عن العمل لأكثر من أسبوع مطلوبة، إلا أن التدابير والإجراءات التي أعلنت عنها جمعية مصارف لبنان، أثارت القلق لدى زبائن المصارف، الذين إستشعروا بخطر ​شديد​، تتعرض له ودائعهم، كما كبار ​التجار​ وكبرى الشركات، التي إعتادت الحصول على تسهيلات لتمويل مشترياتها من الخارج.

وبحسب مطلعين، تدخل التدابير والإجراءات المصرفية الجديدة، في إطار نظام "​كابيتال​ كونترول"، إذ أن هذه التدابير والإجراءات نفذت خلال الأزمة اليونانية، والأزمة القبرصية أيضاً، وأن عدم "قوننة" السياسة الجديدة للمصارف، فهذا لا يلغي أبداً أن السلطة النقدية قد تغاضت عن سلوك المصارف الجديد، إحساساً منها بخطورة ​الوضع المالي​ والنقدي.

ولا تستبعد بعض الجهات المسؤولة أن يغادر العديد من المودعين، الذين سترفض المصارف إعادة ودائعهم بشكل كامل، اللجوء إلى القضاء لإنتزاع ودائعهم التي يكفلها القانون، لاسيما وأن المصارف مكشوفة قضائياً وقانونياً، نتيجة عدم وجود تغطية في هذا المجال لتدابيرها وإجراءاتها المستجدة.