استفاق اللبنانيون اليوم على "صفعة" مالية جديدة تمثلت بتخفيض وكالة التصنيف الدولية "​ستاندرد آند بورز​" تصنيف 3 مصارف لبنانية هي: ​بنك عوده​، لبنان والمهجر و​بنك البحر المتوسط​ من B- إلى درجة CCC، مشيرةً الى أنّ تصنيفات ​المصارف​ الثلاثة ستظل تحت مراقبة سلبية، أي انّها قد تتعرّض لمزيد من خفض التصنيف إذا لاحظت الوكالة ضغطاً إضافياً على سيولة المصارف، أو إذا فرضت المصارف المزيد من القيود على ​العمليات المصرفية​ و​التحويلات المالية​.

وفي وقت لاحق، خفضت الوكالة تصنيف لبنان ايضاً إلى C.C.C/C بفعل تزايد المخاطر المالية والنقدية مع نظرة مستقبلية سلبية.

خطوة "ستاندرد آند بورز" كانت متوقعة بحسب ​مصادر مصرفية​ خصوصاً في هذه الظروف وهي تأتي بعد اسبوع على تخفيض "وكالة ​موديز​" تصنيف 3 مصارف لبنانية ايضاً (عوده، لبنان والمهجر وبيبلوس) إلى Caa2 بالنسبة للودائع بالعملة المحلية، وإلى Caa3 بالنسبة للودائع بالعملة الاجنبية.

ليبقى السؤال، ماهي تداعيات كل هذه التصنيفات على ​الاقتصاد اللبناني​؟ وهل من خطة انقاذية جديدة؟

مخايل: تصنيف "ستاندرد آند بورز" كان متوقعاً

يرى مدير قسم الأبحاث الاقتصادية في "بنك لبنان والمهجر" مروان مخايل، ان "خطوة "ستاندرد آند بورز" كانت متوقعة في هذه الظروف التي نعيشها اليوم، وقد جرت العادة ان يتم تخفيض تصنيف الدولة وتتبعها المصارف، الا ان هذه المرة جرت الأمور بطريقة عكسية، عازياً خفض هذا التصنيف الى الضغط الحاصل على السيولة في لبنان فضلاُ عن اقفال المصارف".

يقول: " لا شك بأن مشهد الشلل الحاصل اليوم في الاقتصاد اللبناني جراء التحركات الشعبية التي يشهدها الشارع فضلاً عن اقفال المصارف جعل تأثير هذا التصنيف هامشياً مقارنةً مع ما يحصل على مساحة الوطن، وبالتالي تحولّ الاهتمام الى كيفية تخطي هذه المرحلة بأقل ضرر ممكن الى حين تشكيل حكومة جديدة والبدء باتخاذ الاجراءات المطلوبة لاستعادة الثقة المفقودة".

" تركيبة الحكومة المقبلة بحسب مخايل هي من الامور الثانوية خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة لأن الأهم من الشكل والتسميات هي الانتاجية التي لم نراها اساساً في الحكومات الماضية لأسباب عديدة، وبالتالي على الحكومة الجديدة مسؤوليات كبيرة من أجل استعادة الثقة اولاً اما عن طريق العمل مع صندوق النقد الدولي من خلال برنامج واضح يضعه للبنان لمدة ثلاث سنوات على الأقلّ، يتضمن رؤيته للاجراءات التي يُفترض للحكومة اتخاذها، والعمل معها على مراحل من أجل تطبيقها، وبالتالي هذه الخطوات من شأنها اعادة الثقة بوقت سريع الى لبنان، وانا أميل شخصياً الى هذا الطرح. أما في حال لم تتخذ الحكومة هذا الاجراء - لأسباب سياسية – فلا بدّ لها من خطوات عديدة لاستعادة هذه الثقة تبدأ بتعيين الهيئات الناظمة في القطاعات كافة فضلاً عن اصدار المراسيم التطبيقية للقوانين الموجودة في المجلس النيابي، والابتعاد عن المناكفات السياسية التي شهدناها في الحكومات السابقة، اضافة الى العمل بجدية على استرداد ​الأموال المنهوبة​، وبرأيي العدالة بهذا الموضوع تحديداً يجب ان تكون على النسق الأميركي، اي بالتفاوض مع المختلسين لاعادة هذه الأموال او نسبة معينة منها و بهذه الخطوة نستطيع استعادة اكبر نسب من هذه الأموال خصوصاً في هذه المرحلة بالذات، وتقفل هذه الملفات تدريجياً، وهذه الخطوة من شأنها اعادة الثقة الداخلية والخارجية".

يضيف: " لا بدّ من العمل ايضاً على تنقية المالية العامة في المؤسسات كافة، فضلاً عن الشفافية المطلوبة لان المواطن اللبناني لم يعد باستطاعته دفع المزيد من الضرائب في ظلّ غياب التقديمات الاجتماعية وهذه خطوة يجب على الحكومة الجديدة التنبه اليها، اضافةً الى الهدر الحاصل في المؤسسات العامة، فمن غير المقبول الاستمراربطريقة ​التوظيف​ العشوائي - فقط لمصالح سياسية - ودون انتاجية، لذلك على الدولة التخلص من التخمة في اعداد الموظفين الغير منتجين او الاستعانة بهم في اماكن أخرى بعد خضوعهم الى دورات تدريبية كل هذه الخطوات من شأنها اعادة الثقة الى لبنان مجدداً".

يختم مخايل حديثه بالقول : " المشكلة الأساسية التي كنا ولا نزال نعاني منها تكمن في غياب الرؤية والخطط المستقبلية لعمل الحكومة، لذلك على الحكومة الجديدة وضع رؤية اقتصادية واضحة تكون قابلة للتحقيق وتقسيمها الى مراحل في الوزارات كافة، والعمل على تقييم كل مرحلة في ​مجلس الوزراء​، والأهم من ذلك ان تكون حكومة متجانسة بغض النظرعن تركيبتها او تسميتها او حتى شكلها، فحكومة الوحدة الوطنية الأخيرة لم تستطع الانجاز بسبب المناكفات السياسية التي شهدناها بين اقطاب الحكومة الواحدة، لذلك من الممكن تشكيل حكومة من لون واحد وان يكون هنالك معارضة تماماً كما يحصل في الدول الديمقراطية وعندها تتم المحاسبة من قبل الشعب اولاً ومن الفريق السياسي المعارض ثانياً.