رأى النائب السابق لحاكم مصرف لبنلن، ناشر كتاب "السياسات النقدية في بلد دمرته الحرب"، مكرديج بولدوكيان، أن الأزمة المالية-النقدية التي يعيشها ​لبنان​ منذ نحو الشهر ليست ناجمة عن عدم توفر ​السيولة​ بالدولار لدى الجهاز المصرفي، إنما سببها الأول والمباشر هو "نفسي"، ترجم بإنعدام ثقة المودعين ب​المصارف​.

ويؤكد بولدوكيان، للإقتصاد، أن إستعادة الإستقرار النقدي بات مرتبطاً بإستعادة ثقة المودع بالقطاع المصرفي اللبناني، حيث أن هذه الثقة تزعزعت نتيجة عاملين إثنين، العامل الأول سببه المصارف التي إعتمدت سياسة "إقفال كف اليد" (فرض قيود على السحوبات والتحويلات)، خوفاً من الأتي في أجواء سياسية ضبابية. والسبب الثاني سببه الهلع من قبل المودعين الذي تسبب بإرتفاع منسوب الطلب على العمليات النقدية في أجواء غير مواتية.

وعن أوجه الشبه والتطابق أو الإختلاف بين الأزمة النقدية التي شهدها لبنان في فترة 1989-1990، يقول بولدوكيان، قد يكون هناك بعض الشبه بين المرحلتين، إلا أن نقاط الإختلاف أكثر أهمية، منها على سبيل المثال، أنه في المرحلة الأولى (1989-1990)، طبق ​حاكم مصرف لبنان​ آن ذاك إدمون نعيم، سياسة "كف اليد المفتوحة"، وبدورها إنتهجت المصارف السياسة عينها، وهذا الأمر ساهم في إستمرار الثقة بين المودع والمصرف، كما أوجب حالة من التضامن المشترك بين الطرفين.

ويضيف بولدوكيان، أن اليوم فالصورة مغايرة، المصارف تعتمد إجراءات متشددة، وتنتهج سياسات متحفظة والثقة معدومة مع غالبية المودعين، كما أن أزمة اليوم تأتي في ظل سياسة ​العقوبات​ التي تنتهجها ​الولايات المتحدة الأميركية​، وتطبقها على الكثير من الدول والمنظمات والأحزاب ومنها "حزب الله" في لبنان.

وختم بولدوكيان: "أزمة السيولة مصطنعة ومؤقتة، بإنتظار إستعادة الثقة بين المودع والسلطة والمصرف".