دفعت الإحتمالية المتزايدة لإعادة جدولة ​الديون​ وكالة "​موديز​" الى خفض تصنيف لبنان من "Caa1" في بداية تشرين الأول مع نظرة مستقبلية سلبية، وتخفيض الحد الأقصى لسندات الودائع بالعملات الأجنبية طويلة الأجل في لبنان إلى "Caa1" و"Caa3" على التوالي كما تم تخفيض سقف السندات والودائع طويلة الأجل بالعملة المحلية إلى "B2".

وأشارت الوكالة، في تقرير لها، إلى أن "الاحتجاجات الاجتماعية الواسعة النطاق و​استقالة الحكومة​ وفقدان ثقة المستثمرين، أدت إلى تقويض نموذج التمويل التقليدي للبنان على أساس تدفقات رأس المال ونمو الودائع المصرفية، مما يهدد استمرارية ربط الاستقرار واستقرار ال​اقتصاد​ الكلي".

ويأتي هذا التقرير في ظل صحوة مفاجئة أصابت القضاء اللبناني، حيث قام المدّعي العام المالي القاضي ​علي ابراهيم​ بالإدعاء واستدعاء عدد من الوزراء السابقين والحاليين ومسؤولين آخرين.

ولمعرفة أثر هذه الأحداث على مجريات الإنتفاضة الشعبية ونتائجها، بالإضافة الى الأثر الإقتصادي والمالي، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير المالي والإقتصادي د. كامل وزنة:

هل ترى أن تقرير "موديز" سيكون له تداعيات ملحوظة في الوضع الذي نعيشه؟

التقرير كان سلبي نظراً للوضع المالي الذي يمر به لبنان، ونظراً للفراغ الحكومي الذي دخلنا به وهو أمر يؤخذ بعين الإعتبار في عالم الإقتصاد. أي فراغ سياسي وحراك اجتماعي سيكون له تكلفة اقتصادية، على الأقل في ​الأسواق المالية​، حيث يؤدي الى ارتفاع الفوائد عندما يلجأ البلد الى الإستدانة.

اليوم، سيكون التقرير صرخة تدعو للتحرّك السريع في العمل على اصلاحات ذات طابع جراحي، المطلوب هو المصداقية والشفافية في التعاطي مع الشأن المالي والإقتصادي لأن المواطن اللبناني بات يريد أن يعرف الى أين يتّجه وسط المخاوف التي يعيشها. في هذه المرحلة، المواطن اللبناني لا يثق بأن الأموال الموجودة من قبل المودعين في ​المصارف​ لازالت موجودة، السبب هو الفراغ في السلطة التي تطمئن المواطن على أمواله واقتصاد بلاده.

ويمكننا أن نضيف الى ذلك التغير في موقف حاكمية "​مصرف لبنان​"، فمن الطمأنة المستمرة والتفاؤل، انتقل المركزي الى التشكيك ثم الإعتذار ثم التشكيك. دخلنا الى المرحلة الأكثر من حرجة ونحن على وشك الوقوع في حضن المؤسسات الدولية التي قد تكون قاسية في التعاطي معنا.

ألا ترى اليوم أن الأهمية الأكبر تتركّز على "نوعية" الحكومة التي سيتم تشكيلها؟

الأهم من النوعية هو الصلاحيات التي ستُمنح لهذه الحكومة. لبنان ​كيان​ طائفي، بغض النظر عن تركيبة الحكومة. إن تم اختيار إختصاصيين يجب أن يُسمح لهم العمل بحرية، إن كان لناحية التعاطي مع المؤسسات الدولية والمشاكل المتراكمة أو في تكوين عامل الثقة.

ما هي توقعاتك للمرحلة المقبلة؟ وهل تتوقع بأن نشهد تغيّرات جذرية نتيجة التحركات الشعبية؟

التحركات تمنع الأفرقاء السياسيين من التمرير لبعضهم البعض ما كان يُمرَّر في السابق. الشارع ووجوده مهم جدًّا لأنه ذكّر بأنه السلطة المسؤولة عن ​المحاسبة​ وأنه لا مجال للمساومات بعد الآن بين أهل السياسة الذين أخلّوا بوعودهم في الحفاظ على بلده.

القرارات الشعبوية التي تمّ اتخاذها في السابق، من سلسلة الرتب والرواتب الى ​التوظيف​ غير الشرعي، والى ما هنالك...بالإضافة طبعاً الى ​السياسة النقدية​ التي اتّبعت منذ سنوات، هي التي اوصلت البلد الى ما هو عليه اليوم.

ما هو رأيك بالخطوات التي يتّخذها القضاء بهدف المحاسبة، وهل ترى أنها ستسير الى النهاية ومن دون عرقلة؟

الموضوع لا يعتمد على القضاة بل على القوانين البالية والفضفاضة في لبنان. لا زلنا نعيش في محمية طائفية تمنع المحاسبة الحقيقية. الأولوية اليوم لتحديث القوانين بما يتماشى مع متطلبات حماية البلد.

لا أتوقّع المحاسبة في الوقت الحالي بل أتوقّع رفع منسوب الخوف لدى المسؤولين فقط، لازلنا بعيدين عن تطبيق العدالة لأن القوانين لا تسمح بذلك خاصّةً وأن بعض السرقات التي حصلت في لبنان تمّت قوننتها.