في فترة ما قبل الإستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها ​رئيس الجمهورية ميشال عون​ لتشكيل الحكومة الجديدة، تحرص قوى في ​الحراك الشعبي​ على عدم عودة الحياة الى طبيعتها، أي ما قبل 17 تشرين الأول: "كأن شيئاً لم يكن"، خاصّةً وأن مصادر مطّلعة كانت قد اشارت الى "تريّث الرئيس عون" في الدعوة الى هذه الإستشارات.

ومن جهةٍ ثانية، تعيد ​المصارف​ اللبنانية يوم الجمعة فتح أبوابها أمام الزبائن، بعد إقفالها لحوالي الأسبوعين، في ظل تخوّف من ضغط المودعين وتساؤلات حول القيود التي قد يتم فرضها على عمليات السحب والتحويل.

ولمعرفة المزيد حول هذه المواضيع وغيرها، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع الخبير الإقتصادي د. إيلي يشوعي:

ما هي توقعاتك لردّة فعل المودعين بعد فتح المصارف أبوابها؟ وهل تتوقع إعلان الـ "​كابيتال​ كونترول" ؟

بالنسبة للقيود، هي أصلاً موجودة منذ فترة، قبل التحركات الشعبية، إن كان بالنسبة للتحويل من الليرة اللبنانية الى الدولار الأميركي أو تجميد الأموال. كما أن عمليات السحب كانت مقنّنة أيضاً.

قد ننتقل من الـ"كابيتال كونترول الناعم" الى "كابيتال كونترول القاسي"، كله يعتمد على الضغط الذي ستواجهه المصارف عندما تفتح أبوابها، من كثافة طلب على الودائع. إذا كان الطلب كبير، وهذا ما أتوقعه شخصياً، فإن سقف السحوبات سيتم خفضه، ما يدلّ على وجود أزمة سيولة.

الناس اليوم لا يهمّها الفوائد المرتفعة بل المحافظة على رأس المال.

تحدّثت مؤسسات عالمية عن إعادة هيكلة دين باتت محتومة، ما هو رأيك بهذا الموضوع؟ وماذا ستكون تداعياته؟

أستبعد الخفض الإلزامي لحجم الدين "Haircut"، هذا موضوع فيه الكثير من الخطورة وخاصّةً مع طبقة سياسية كهذه. قد تحصل هكذا خطوة في "تضحية مرحلية" من قبل سلطة تتمتّع بالشفافية ولكن لا يمكنها أن تحصل في ظل السرقة والنهب.

ودائعنا مسروقة. نعم، مسروقة بطريقة مغلّفة، وذلك لأن 130 مليار دولار منها مع الدولة غير القادرة على إعادتها عندما يحتاجها المودعون. إعادة جدولة الدّين غير مجدية هنا.

ما نحتاج اليه هو حكومة نظيفة وكفوءة بعيدة عن ذهنية ​المحاصصة​ و​الفساد​ السائدة منذ سنوات.

يجب على قوى الحراك أن تنتبه لشخصيات الـ"تكنوقراط" التي سيتم اقتراحها، من الممكن أن يكونوا سماسرة أيضاً.

يشدّد المتظاهرون على أهمية الإعتصام أمام ​مصرف لبنان​ الذي يعتبرونه شريك بما وصل اليه البلد اليوم، ولكن عدد من الخبراء تمنّى تحييد المركزي و​المصارف التجارية​ عن هذا الموضوع لأن الأمر يلحق الضرر بالمودعين ويزيد الضغط على العملة، ما هي الخطوة التي يجب اتخاذها هنا؟

ليتظاهروا أينما يحلو لهم...! ومن يقول عكس ذلك، فهو من الذين يحاولون تجميل صورة البنك المركزي. هذا التجميل ساهم بوصول الإقتصاد الى ما هو عليه اليوم.

رأينا ما حصل مؤخراً من "تأطير" لعمل القاضية غادة عون بعد تحركها في ملف فساد، ألا ترى أن في ذلك إصرار من قبل هذه السلطة على السير بالنهج نفسه في الدولة، وأنه على المتظاهرين الإصرار أكثر على عدم القبول بحلول وسط؟

المدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات أشار الى أن الموضوع لا يتعلّق بتهم الفساد وأن القاضية عون كمدعي عام مناطقي كان يجب أن تعود اليه في "الملفات الخطيرة".

أما نحن، الذين نعلم تركيبة البلد المذهبية وكيف تجري التعيينات، نعلم أن الموضوع أكبر من التبريرات التي قدمها القاضي عويدات.

هذه الحكومات لا يمكنها العمل بطريقة طبيعية تهدف لمحاربة الفساد.

لبنان وقّع على معاهدات لتبادل المعلومات المالية المصرفية مع 139 دولة. في حال طلب لبنان من ​سويسرا​ الكشف عن أموال بعض الأشخاص فإنها مضطرة للقيام بذلك، ولكن من سيُقاضي من؟ ومن سيكشف عن من؟ هؤلاء مجموعة من الشركاء في كافة المشاريع.

هل يعلم المواطنون كيف يقوم هؤلاء بوضع الموازنات؟ كل واحد منهم يعتبر أن هذا العدد من الوزارات والإدارات أو المرافق ملكه، ويبدأون عند وضع ​الموازنة​ بتقسيم الحصص. هذا هو مفهوم الموازنة بالنسبة اليهم. هل من الطبيعي أن يقول مستشار رئيس الحكومة في مقابلةٍ تلفزيونية: "نرفض خفض حصّة مجلس الإنماء والإعمار أولاً لأنه يرتبط برئاسة ​مجلس الوزراء​ وثانياً لأنه من حصة تيار المستقبل؟".