في ظل توحد الشعب اللبناني مسيحيا كان أم مسلما، بوجه السلطة الحاكمة للمطالبة بأدنى الحقوق التي حرم منها منذ زمن طويل، وفي ظل المظاهرات التي يقوم بها المواطنون اللبنانيون تنديدا بالوضع الاقتصادي الراهن في أغلب المناطق اللبنانية، انتقل عدد من المتظاهرين الى منطقة الحمراء للمطالبة برحيل حاكم ​مصرف لبنان​ باعتباره مشاركا بالفساد. 

اعتبرعميد كلية ادارة الاعمال في جامعة الحكمة، البروفيسور جورج نعمة، في مقابلة للـ"اقتصاد" ان السياسة  النقدية التي يتبعها مصرف لبنان هي سياسة نقدية تقشفية بدء بها منذ العام 1992، عبر تثبيت سعر صرف ​الليرة اللبنانية​ وفرض فوائد مرتفعة للمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن ولكنها تُطبق على فترة زمنية معينة،  الا انه تم العمل بها على فترة زمنية طويلة الامد في لبنان حيث اصبحت من احدى اسباب ​الازمة المالية​ اليوم .

وسجل لبنان عام 2012 عجز في ميزان المدفوعات، بعكس الفائض الذي كان يسجله في السنوات التي سبقت، أي أنه لم يعد بامكان المصرف  المركزي المضي قدما ب​السياسة النقدية​ التقشفية، فراهن حاكمه رياض سلامة على عدم استمرارية العجز، الا ان ​الازمة السورية​ وانخفاض سعر ​النفط​ بشكل كبير أثرا سلباً على حدة المشكلة. فقام سلامة عام 2016 بهندسات مالية جديدة عبر تبديل سندات خزينة من الليرة اللبنانية الى ​الدولار الاميركي​، و التي اعتبرها نعمة انها متأخرة و لا توفي بالغرض، مؤكداً أن عجز ميزان المدفوعات ناتج عن خلل بنيوي بالاقتصاد.

وفي العام 2018 وصل العجز في لبنان الى 5 مليار دولار، اذ لجأ البنك المركزي الى رفع الفوائد وسحب السيولة من السوق، لكن الاوضاع السيئة أدت الى هروب الودائع، كما لجأ البعض الى تجميد الحسابات الى أجل طويل و انخفضت الحسابات الجارية، كما تم نقل الودائع من العملة اللبنانية الى الدولار الاميركي فوصلنا الى وضعنا الراهن.

شدد نعمة على ان المشكلة ليست بشخص ​حاكم مصرف لبنان​، بل بالسياسة النقدية المستخدمة والتي من الممكن ان تتغير ولكن ليس بين ليلة وضحاها وليس عبر الاستقالة، بل يجب التعاطي بروية وحكمة لأن السوق لا يتحمل أي صدمات سلبية، رغم أحقية المطالب التي طرحها الشعب اللبناني. معتبراً انه يجب ايجاد حلول طويلة الامد للخروج من هذا النفق من ناحية السياسة النقدية.

كما أكد ان السياسة النقدية  لا تتغير بشكل منفصل عن ال​موازنة​ التي تقرها الدولة، فيجب أولا العمل على موازنة لا تؤئر على سعر صرف الليرة اللبنانية ولا على القدرة الشرائية للمواطن ووجود اصلاحات جذرية، ومن ثم نستطيع تغيير سياسة المركزي النقدية.

اما عن الورقة الاقتصادية التي أقرها ​مجلس الوزراء​، علق نعمة "هذه ورقة وعود وليست اصلاحات"، وكان يجب ان تطبق سابقا، وهي ليست رؤية اصلاحية شاملة، وكان من الممكن أخذ قرارات أخرى، ولكن السجالات التي تحصل بين الفرق السياسية لا زالت تؤدي الى عدم تطبيق اصلاحات جذرية.

وعلق نعمة على التجاذبات التي تحصل بين الشعب و السلطة، فلم يعد بامكان أحد اعادة عقارب الساعة الى الوراء، لذا توقع محاولات كثيرة لافشال الحراك، ولكن تجدر الاشارة الى ان الحكومة ليس بإمكانها الانتظار طويلا، فيجب تقديم التضحية عبر تشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري مع وجوه جديدة تأخذ ثقة اللبنانيين، كما على الشعب اللبناني منح فرصة للحكومة الجديدة لاظهار اصلاحاتها مشددا على ان أثر الاصلاحات سيظهر بشكل سريع و مباشر لأن الدولة لديها الكثير والكثير من المشاكل على جميع الاصعدة. مؤكدا ان الفراغ الرئاسي ليس الحل.

ودعا نعمة الى توحيد كلمة ومطالب اللينانيين عبر صوت موحد وعدم طلب ما هو غير مستطاع، فالسلطة باتت امام حل واحد وهو الاستماع الى الشعب. كماحيى الانتفاضة التي قام بها الشعب اللبناني الناتجة عن عدم الثقة المواطن بالطبقة السياسية الحاكمة.