استضافت ​كوثر حنبوري​ معدة ومقدمة "الإقتصاد في أسبوع" عبر أثير "إذاعة لبنان" في حلقة هذا الأسبوع، رئيس قسم الأبحاث والدراسات في "​بنك بيبلوس​" الخبير الإقتصادي ​نسيب غبريل​، الذي أكد أن "تحويلات المغتربين الى لبنان لم تهبط في العام 2018 بل بقيت مستقرة، على عكس ما يتم ​الترويج​ له (ليس الأفراد على وسائل التواصل الإجتماعي فقط بل بعض الوزراء للأسف). كما أن أرقام "​مصرف لبنان​" في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2019، تظهر ان ​التحويلات​ وصلت لأعلى نسبة منذ الفصل الأول عام 2016".

وشدد غبريل على أنه "ليس هناك أزمة ثقة في ​النظام المصرفي​ اللبناني وبثبات سعر صرف ​الليرة اللبنانية​ والمؤشر واضح جدًّا، هناك 172 مليار و500 مليون دولار ودائع من ​القطاع الخاص​ في الجهاز المصرفي، 72 مليار منها بالعملات الأجنبية و38 مليار و500 مليون دولار ​احتياطات​ لدى "مصرف لبنان" بالعملات الأجنبية. ما يحدث خارج الجهاز المصرفي يشكّل جزء صغير جدًّا من تداول ​الكتلة النقدية​ في لبنان وهو تلاعب من بعض صغار المستفيدين في ظل وضع حصل لأسباب معيّنة وواضحة. الأكثرية الساحقة للكتلة النقدية بالعملة الأجنبية موجودة داخل الجهاز المصرفي وليس خارجه".

وأضاف: "أما بالنسبة للأرقام التي يتم تداولها حول سحب اللبنانيون لملياري دولار من ​المصارف​ نتيجة حالة الهلع التي يعيشونها، فلا أعلم ما مدى الجدية والمصداقية التي يتعاطى بها هؤلاء مع الوضع الإقتصادي والمصرفي، وأريد أن أعلم فقط ما هو المؤشر الذي استخدموه ليظهر هذا الرقم؟ نعم هناك تحويلات من الليرة الى الدولار ولكن هذه الأموال باقية في ​المصارف اللبنانية​، شهدنا تحويلات الى الخارج في الثمانية أشهر الأولى من العام ولكن ليس بحجم المبالغ التي يتم نشرها".

وأشار غبريل الى أن "الودائع في المصارف تراجعت بمليار و700 مليون دولار في الثمانية أشهر الأولى من العام مقارنةً بـ172 مليار و500 مليون دولار لا تزال موجودة في ​القطاع المصرفي​، إن كان بالليرة اللبنانية أو بالعملات الأجنبية. المرحلة الحالية، التي جعل منها التضخيم "أزمة"، هي نتيجة استغلال لظرف معيّن".

وردًّا على سؤال حنبوري حول سبب هذه "الأزمة" المفتعلة، أوضح غبريل أن "مشكلة ​السيولة​ ليست بجديدة، وسببها قرارات اتّخذت وسياسات واتّبعت محلياً والموضوع ليس مؤامرة خارجية"، لافتاً الى أن "القرار الأول، السيء الذكر، هو زيادة الضرائب على الإستهلاك والدخل والأرباح في العام 2017 في فترة كان الإقتصاد يعاني فيها من التباطؤ، ما أدى الى اعادة توزيع ضخمة غير مسبوقة للدخل من القطاعات المنتجة والقطاع الخاص والأسر الى ​القطاع العام​ المترهّل وغير المنتج في كثير من الأحيان. أزمة السيولة بالدولار وبالليرة بدأت في السوق منذ بداية العام 2018".

وتابع: "الوضع الذي نعيشه اليوم سببه واضح، لكن لا أعلم لماذا لا يريدون مواجهته حتى الآن، إذا نظرنا الى ​استيراد​ ​المشتقات النفطية​ الى لبنان: الأرقام الرسمية تقول أنه في الأشهر السبعة الأولى من العام 2018 استورد لبنان 4 ملايين و800 ألف طن من هذه المشتقات، بينما في الفترة نفسها من العام 2019، استورد لبنان 8 ملايين و200 ألف طن. ما ادّى الى هذا الإرتفاع هو ارتفاع استيراد الـ"فيول أويل" لمصلحة "​كهرباء لبنان​" من مليون و100 ألف طن في السبعة أشهر الأولى من العام 2018 الى 4 ملايين و700 ألف طن في الثمانية أشهر الأولى من العام 2019. وأدّى ذلك الى ارتفاع فاتورة الإستيراد بمليار و700 مليون دولار، الأمر الذي لم يكن متوقع".

وأضاف: "لم نلحظ إنتاج كهرباء 24/24 ساعة من قبل كهرباء لبنان لنقول أنه كان هناك حاجة لزيادة استيراد المشتقات النفطية، كما أنه لم يأتِ الى لبنان مليون مغترب لنقول أن ​استهلاك الطاقة​ ارتفع"، مشيراً الى أنه "هناك سببان رسميان لهذا الإرتفاع: الأول أنه إجمالاً، الإستيراد الذي يحصل لمصلحة كهرباء لبنان في نهاية العام، قسم منه يتم تسجيله مالياً في السنة القادمة عند دفع الضريبة على القيمة المضافة. أما السبب الثاني فهو أن الإستيراد لمصلحة "كهرباء لبنان" يتخطّى في بعض الأحيان الحاجات الحالية فيتم تخزين ما يتبقّى منه".

وأشار الى أنه "بغض النظر عن هذين السببين الحقيقيين، لا يمكن تبرير زيادة استيراد المشتقات النفطية، "الفيول أويل" بالتحديد، بهذه الكميات الضخمة"، مضيفاً: "يُحكى عن إعادة تصدير الى أسواق أخرى"، وقال: "بشكل رئيسي ما يحدث هو نتيجة الطلب غير المتوقع لمليار و700 مليون دولار إضافية في ظل تباطؤ تدفق رؤوس الأموال الى لبنان...بالإضافة الى بعض حالات الإستغلال التي حصلت من قبل من يتداول العملة ومن يطلبها خارج القطاع المصرفي".

وعن سبب عدم حل تعميم "مصرف لبنان" لمشكلة الإستيراد، أكد غبريل أن "التعميم كان واضحاً جدًّا، وهو يحمي المواطن اللبناني واحتياطات لبنان بالعملات الأجنبية. الآلية التي تتضمن التعميم تؤمن السيولة بالكامل دون مهلة زمنية ودون سقف لاستيراد المشتقات النفطية بكافة أنواعها والدواء و​القمح​، للإستهلاك المحلي فقط لعدم استنزاف احتياطي العملات الأجنبية، لكن هناك غياب للإرادة بالإلتزام بالتعميم".