عادت قضية ​قروض​ ​الإسكان​ المتعثرة إلى الواجهة من جديد وذلك مع اعلان حاكم ​مصرف لبنان​ ​رياض سلامة​ الأسبوع الماضي موافقة الصندوق العربي - مقره ​الكويت​ - على تخصيص مبلغ 170 مليون دولار كقرض موجه للقروض السكنية، فضلاً عن جرعة دعم اضافية خصصها المصرف المركزي لهذه القروض والتي بلغت 280 مليون دولار، علماً ان مصرف لبنان قد أصدر بتاريخ 30 كانون الثاني 2019، رزمة بلغت 790 مليار ليرة لدعم هذه القروض، الا ان 490 مليار ليرة خُصصت للقروض العالقة من العام 2018 والتي تمّ الموافقة عليها من قبل المؤسسات المعنية، ليتبقى 300 مليار ليرة، وهذا المبلغ بحسب المعنيين لم يغط حجم الطلب الموجود فهل سيكون مبلغ الـ 450 مليون دولار هو بداية حللة جديدة لهذه القضية؟

  لحود: المشكلة لم تكن يوماً في المؤسسة

  يأمل مديرعام المؤسسة العامة للاسكان ​روني لحود​ ان تكون هنالك حلحلة جديدة لهذا الملف خصوصاً وان المشكلة لم تكن يوماً في المؤسسة، ويوضح في حديثه لـ "الاقتصاد" ان عدم البدء بالعمل بمبلغ الـ280 مليون دولار الذي خصصه المصرف المركزي للقروض السكنية من قبل ​المصارف​ يعود لسببين:

اولاً: الفائدة المنخفضة للقرض السكني المدعوم والتي تبلغ 9.5 في المئة (صاحب القرض يدفع 5.5 في المئة ومصرف لبنان يغطي 4 في المئة عبر المؤسسة العامة للإسكان).

ثانياً: استبدال ​الدولار​ بالليرة (مصرف لبنان يُلزم المصارف أن تودع قيمة القرض السكني بالدولار لدى البنك المركزي وتأخذ قيمته بالليرة اللبنانية).

يضيف: " الأزمة اليوم ليست في المؤسسة كما يظن المواطن لأن طلب القرض يبدأ من المصرف وليس من المؤسسة، فعندما يعطي المصرف الموافقة على القرض يتحول الملف الى المؤسسة لدرسه والبت فيه (بحسب شروط المؤسسة)،الجدير ذكره ان المؤسسة قد وافقت العام الماضي على نحو 2000 قرض وفي الـ 2019 نحو 600 قرض بعد موافقة المصارف عليها".

أما بالنسبة لقرض الصندوق العربي يثمن لحود هذه خطوة الايجابية تُجاه لبنان آملاً ان تتم ترجمتها على أرض الواقع في أقرب وقت".

مصادر متابعة لملف قرض الصندوق العربي تؤكد لـ" الاقتصاد" ان "الأمور ايجابية جداً خصوصاً وان مجلس الانماء والاعمار قد كُلف بمتابعة هذا الملف والمحادثات اليوم مع الجانب العربي تتعلق بالأمور التقنية اي كيفية توزيع المبلغ بين مصرف الاسكان ( 60 في المئة) والمؤسسة العامة للاسكان (40 في المئة) خصوصاً وان المبلغ كان بالأساس مخصصاً لمصرف الإسكان فقط".

الجسر: لبنان ينتظر ردّ الصندوق العربي على اقتراحه

في هذا السياق يشير رئيس مجلس الانماء والاعمار ​نبيل الجسر​ لـ" الاقتصاد" الى ان"الأمور تسير منذ البداية بشكل ايجابي وقد لمسنا تجاوباً كبيراً من قبل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي تجاه لبنان فيما خصّ القرض الموجه لدعم القروض السكنية". 

يضيف : " لبنان اليوم ينتظر ردّ الصندوق على اقتراحه بأن يُقسم القرض بين مصرف الاسكان والمؤسسة العامة للاسكان ليتم عرضه على مجلس الوزراء ومن ثم احالته بمرسوم الى ​مجلس النواب​".

صحيح ان هذا القرض لن يتمكن من حلّ مجمل أزمة القروض السكنية خصوصاً أن الطلب على هذه القروض يتجاوز بحسب المعنيين الخمسة آلاف طلب سنويّاً، الا انه قد يساهم مع الاجراءات التي يتخذها مصرف لبنان في حلحلة هذا الملف.

الخوري: الحلول تبقى مؤقتة في ظلّ غياب سياسة إسكانية

من جهته يشير ​الخبير الاقتصادي​ الدكتور ​بيار الخوري​ الى "أهمية اعادة طرح استئناف القروض السكنية خصوصاً في هذه الفترة بالذات، ويقول لـ "الاقتصاد" : " لا شك بأن قرض الصندوق العربي وحزمة مصرف لبنان الجديدة سيساهمان في وضع هذا الملف على السكة الصحيحة بعد توقفه قصراً لنحو عامين".

يضيف: "سبق لمصرف لبنان أن أصدر رزمةً بتاريخ 30/1/2019 من أجل دعم القروض السكنية ولكن لم يعمل بها الا عدد قليل من المصارف بسبب الشروط التي وضعها المصرف المركزي والمتمثلة بإيداع ​دولارات​ مقابل الليرة، فضلاً عن تحديد ​سعر الفائدة​ بـ9.5 في المئة على أن يتحمل المقترض منها 5.5 في المئة، ما اعتبرته المصارف اجحاف في حقها، لذلك من الضروري العمل على معالجة هذه الأزمة كي لا يكون المواطن هو الضحية".

يتابع: "هنالك مشكلة جديدة بدأت تظهر في السوق العقاري يجب معالجتها قبل ان تتفاقم، فالقروض السكنية المدعومة تُعطى عادةً بالليرة اللبنانية، اليوم وفي ظلّ تفاقم شح الدولار من الأسواق سيرفض البائع تسوية ثمن الشقة بالليرة كما كان سابقاً بحجة انه يدفع بالدولار عندها سيضطر الشاري لتأمين الفارق من السوق الموازي وهذا الأمر سينعكس سلباً على الشاري، اي ان قرضاً بقيمة 200 الف دولار سيتحول فعلياً الى 192 الف دولار بما سيرفع سعر الفائدة الحقيقي على القرض ويرفع الدفعة الاولى من 25 الى 29 في المئة".

"على الرغم من أهمية الخطوات التي يقوم بها مصرف لبنان لدعم القروض السكنية الا انها برأي الخوري تبقى حلولاً مؤقتة في ظلّ غياب سياسة إسكانية طويلة الأمد تساعد المواطنين على التملك".