خاص ــ الاقتصاد

عملية تجميل وشفط دهون، قادت ​طبيب​ متخصص في ​عمليات التجميل​ الى المحاكمة، بعد ارتكابه خطأ طبياً، أدى إلى إلحاق ضرر جسدي ونفسي بالمريضة التي خضعت للعملية، بعد اتهامه بالإهمال و​مخالفة​ قانون حقوق المرضى الذي يرعى اطلاعهم على المخاطر والمضاعفات الممكن حصولها بعد العملية.

وكانت المدعية "رنا. ح" تقدّمت بشكوى مباشرة أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت، اتخذت فيها صفة الادعاء الشخصي، ضدّ الطبيب "غ. ح"، أفادت فيها أن الأخير أجرى لها في عيادته عملية شفط دهون بواسطة الليزر للقسم الأسفل من جسمها، ومنذ اليوم التالي لإجراء العملية بدأت تعاني من آلام شديدة، وظهرت حروق في مكان العملية، فراجعت الطبيب المدعى عليه، فأعلمها أن الأمر عادي ودعاها الى استعمال مرهم (Mebo) لمعالجة الحروق، لكن بالرغم من استعمال المرهم ومرور أسبوعين تفاقمت حالتها، فبدأ الطبيب يتهرّب من معالجتها فاضطرت للجوء الى أطباء أخصائيين في مركز كليمنصو الطبي، لا سيما الدكتور "ك. أ"، الذي تبين له أن حروقاً بليغة قاربت الدرجة الثالثة لحقت بجسدها في مكان العملية المجراة.

بناء على تردي حالتها، وجّهت المدعية إخطاراً الى الدكتور "غ. ح"، حمّلته بموجبه المسؤولية عن خطئه واهماله، وتقدمت بشكوى ضده أمام ​نقابة الأطباء​ أحيل بنتيجتها الى المجلس التأديبي، وأوضحت أنه بسبب ما أصابها من عاهة جسدية جزئية، ومعاناة نفسية لا تزال تخضع للمعالجة في مركز كليمنصو الطبي، من قبل الدكتور "ك. أ" الذي حرر تقريراً شرح فيه حالتها، وأكد أن ما أصابها من ضرر هو نتيجة خطأ طبي، وأن الطبيب الذي أجرى العملية لم يبذل الحرص الكافي، وأنه استنكف عن اتخاذ الإجراءات الآيلة الى منع المضاعفات.

في مقابل هذه الدعوى، تقدم الدكتور "غ. ح" بدعوى ضدّ "رنا. ح" والطبيب "ك. أ"، أفاد فيها أنه أجرى للمريضة "رنا" عملية شفط بسيطة تحت بنج موضعي بموافقتها، وتمت الجلسة بنجاح، وسبق له أن أجرى جلسات مشابهة لوالدتها وخالتها، ولدى مراجعتها بعد ثلاثة أيام من الجلسة، تبين وجود ازرقاق في الورك مكان الشفط، وهو أمر طبيعي وليس خطيراً، الا أن معالجته تستغرق بعض الوقت، فأعطاها العلاج المناسب وطلب منها مراجعته دورياً، الّا أنها تخلفت عن ذلك ولجأت الى الطبيب "ك. أ" بعد شهر من عملية الشفط، فقام الأخير بعملية قشط الجلد قبل أوانها، وعمليات عدة لم تكن ضرورية، الأمر الذي أدى الى التسبب بإيذاء المدعية في حال ثبوت ضرر لاحق بها.

واعتبر الطبيب المدعى عليه "غ. ح" أن الشهادة الصادرة عن الطبيب "ك. أ" وضعها بالاتفاق والتواطؤ مع "رنا. ح" بهدف استعمالها أمام القضاء ضده، في سياق الدعوى المقامة بحقه، مما يشكل اختلاقاً لأدلة مادية على حصول جرم التسبب بإيذاء المدعية، مؤكداً أن عمله الطبي الذي أجراه حصل وفقاً لأصول القانون، وبطلب ورضى المدعية وهو لا يشكل جرماً جزائياً، معتبراً أن التهم المساقة ضدّه غير صحيحة وتشكل جريمتي اختلاق الجرائم والافتراء.

وتبين أن المجلس التأديبي في نقابة الأطباء وجّه الى الطبيب "غ. ح" عقوبة اللوم، وأن اللجنة الاستشارية المؤلفة من أطباء اختصاصيين، رأت أن الجهاز المستعمل في قبل الأخير في شفط الدهون، يعمل بواسطة توليد حرارة موضعية لإذابة الدهون موضعياً قبل شفطها، وأن إجراء هذا العمل في المناطق السطحية تحت الجلد قد يؤدي الى حروق من الدرجة الثانية في مكان تموضع الحرارة القوية، لكنّ اللجنة لم تتمكن من الفصل في ما إذا كانت الحروق ناجمة عن خطأ تقني في استعمال الجهاز من قبل الطبيب، أو عن عطل في الجهاز نفسه، ولا يوجد في ملف المدعية موافقة تثبت أن المدعى عليه "غ. ح" شرح لمريضته المخاطر والمضاعفات الممكنة بعد هكذا عملية.

قاضي التحقيق في بيروت فريد عجيب الذي أجرى تحقيقاته في هذه الملف، أكد في حيثيات قراره الظني، أن الطبيب المدعى عليه "غ. ح" أخطأ، سواء بإهماله عند استعمال جهاز الليزر اتخاذ التدابير الكافية والعناية الطبية الرشيدة، ضمن درجة الحرارة المتاح استعمالها على بشرة المدعية خلال عملية تذويب وشفط الدهون، أو بإهماله الحرص على التأكد من وجود عطل في الجهاز المستعمل نفسه، الذي قد يكون تسبب بالحروق، علماً أنه في إطار عمليات التجميل غير الاضطرارية ، قد يرقى موجب الطبيب الى موجب نتيجة بالوصول الى العرض المتوخى من العمل التجميلي، كما أن الطبيب المذكور خالف القانون رقم 574/2004، أي قانون حقوق المرضى والموافقة المستنيرة، بالنظر لعدم وجود موافقة مستنيرة صريحة تثبت أنه شرح للمريضة المدعية "رنا. ح" المخاطر والمضاعفات الممكنة بعد العملية التي أجراها.

وخلص القاضي عجيب الى الظنّ بالطبيب المدعى عليه بموجب المادة 565 من قانون العقوبات، ومحاكمته أمام القاضي المنفرد الجزائي في بيروت لمحاكمته، ومنع المحاكمة عن المدعي عليهما "رنا. ح" والطبيب "ك. أ" من جريمتي اختلاق الجرائم والافتراء لانتفاء الدليل بحقهما.