نور الأسعد هي شابة ​لبنان​ية مغتربة ونشيطة، تحبّ بلدها لبنان وتسعى لخدمة مجتمعه وشعبه. اذ لطالما كانت شغوفة بالتنمية البشرية، ولهذا السبب، أسست عام 2014، الجمعية الأولى والوحيدة في لبنان و​العالم العربي​، التي تهتم بمكافحة التنمر، وأطلقت عليها اسم "NO Label".

عملت الأسعد على أن تكون أهدافها واضحة أمامها، كي لا تفتقد وجهة السير، خلال سعيها لتحقيق رسالتها. اذ تؤمن بأن كل إنسان يلعب دورا أساسيا في هذه الحياة، ويحدد قيمته بعمله وتفكيره الإيجابي ومهاراته الاجتماعية.

بدأت مسيرتها المهنية بعمر 19 عاما، وانتشر اسمها عالميا من خلال نشاطاتها المتنوعة، وهي اليوم مستشارة في مجال الأعمال ومدربة تحويلية وحياتية معتمدة.

تم تصنيفها من بين أفضل 10 لبنانيين يشكلون فخرا لبلدهم، وحازت على جوائز عالمية عدة. كما تم اختيارها لتكون الـ"Global Shaper" التابع لـ" Beirut Hub"، وهي مبادرة من "​المنتدى الاقتصادي العالمي​".

في تشرين الأول 2017، تم اختيارها للمشاركة في "منتدى ​الشباب​ العاشر لليونسكو" في ​باريس​، وتمثيل جمعية "No Label " في جدول أعمال "إعادة التفكير في مشاركة الشباب مع ​اليونسكو​".

بالإضافة إلى ذلك، هي عضو في برنامج "She Entrepreneurs" التابع للمعهد السويدي، بسبب عملها في "No Label NGO "، ومنحت لقب "صانعة التغيير" من قبل مؤسسة "Ashoka Foundation". وقد حاضرت في ​المنتدى العالمي​ للشباب في ​مصر​، لعامين متتاليين.

كان لـ"الاقتصاد" هذه المقابلة الحصرية مع نور الأسعد للتعرف اليها عن كثب:

ما هي المراحل التي مررت بها حتى وصلت الى ما أنتِ عليه اليوم؟

تخصصت في مجال التسويق في "جامعة رفيق الحريري"، وتخرجت بعمر 19 عاما.

أما مسيرتي، فهي تجسيد لرؤيتي الهادفة الى رفع الوعي حول موضوع التنمر، وذلك بسبب تجربة خاصة مررت بها بنفسي خلال فترة الدراسة الثانوية. ومن جهة أخرى، لاحظت أن المجهود الذي وضع في لبنان حول التنمر، على مر السنوات، كان شبه غائب.

ومن هنا، أطلقت في بداية المطاف حسابا خاصا على موقع "فيسبوك"، لكي أنشر من خلاله المعلومات التي أعثر عليها عبر محرك "​غوغل​"، وذلك لكي يتعرف الناس أكثر الى هذا الموضوع. وأعتقد أن فكرتي "ضربت على الوتر الحساس"، اذ لاقت تفاعلا واسعا واهتماما كبيرا من الجمهور، الذين بدأوا بنشر الصفحة ومنشوراتها.

بعد ذلك، بدأت المدارس تتواصل معي وتطلب مني تقديم دورات للتوعية عن مخاطر التنمر والبلطجة.

وفي تلك الفترة، أي خلال عام 2014، لم يكن مفهوم ​ريادة الأعمال​ منتشرا مثل اليوم، ولكن مع توسع ثقافة المشاريع الاجتماعية، قررت النظر الى الموضوع بجدية أكثر، وسعيت الى تأسيس جمعية "NO Label".

وبالاضافة الى ذلك، اكتشفت شغفي في التنمية البشرية وتطوير الذات، وقررت التعمق في طيات هذا الموضوع، والاستثمار فيه بشكل أكبر. وبعد حوالي خمس سنوات، طورّت نفسي بشكل أكبر وأصبحت مدربة حياتية معتمدة (certified life coach).

وفي هذه المرحلة، انتقلت من شابة عشرينية تحاول تأسيس جمعية الى مدربة حياتية تساعد الأشخاص من نواح عدة. ومن هنا، عمدت للاستعانة بالمنصات الاجتماعية من أجل الانتشار بشكل أكبر بين الناس.

ما هي مهمة "NO Label"؟

أولا، العمل على مكافحة الجهل والأمية ونشر المعرفة والثقافة، في ما يتعلق بموضع التنمر بجميع أوجهه (أي العدوان اللفظي والبدني والنفسي والإلكتروني). وفهم أسباب وأبعاد النقاشات العامة المتعلقة بكافة قضايا التنمر، ولا سيما الإقتصادية والإجتماعية والمالية والفنية والثقافية والجسدية والشخصية التي نتائجها تؤثر على حياته اليومية وعلى مستقبله ومستقبل الاجيال القادمة وعلى المجتمع الذي يعيش فيه

ثانيا، تنظم هذه الجمعية برامج ومحاضرات وحلقات تربوية ومطبوعات تتناول فيها المفاهيم والآليات والوقائع المتداولة في الحقل العام والخاص وعلى وسائل الإعلام والتي تشمل المفاهيم المتعلقة بالتنمر بوجهه الإقتصادي والإجتماعي والمالي والثقافي والفني وتعمل على تفسيرها بشكل مبسط وبمتناول الجميع.

ثالثا، الدفاع عن ​الحقوق المدنية​ والإنسانية، عبر مكافحة ​العنصرية​ والتمييز و​الفقر​ وحماية حقوق الأقلية المضطهدة، ولا سيما حمايتها من ما قد يؤثر عليها من جراء التنمر وذلك من خلال توعيتهم وإعطائهم المجال لكي يتأقلموا مع إمكانية المدافعة عن نفسهم بطرق ووسائل ونشاطات مشروعة.

رابعا، تقديم المساعدة للضحية (المنمر عليه) من نفسية ومعنوية وترفيهية ليتمكن من إستعادة قبول نفسه والتحلي بالجرأة للدفاع عن نفسه بالأساليب والطرق الثقافية، من خلال أصحاب المعرفة في هذا المجال.

خامسا، نشر الوعي والثقافة للمنمر بالوسائل كافة، للحد من سلوكه التنمري لما ينشئ هذا الفعل من سلبيات على المجتمع ككل.

سادسا، إعداد نشاطات وورش عمل إجتماعية وثقافية وترفيهية في جميع المناسبات، لنشر وعي ثقافة المشاركة الإجتماعية ضمن كافة فئات المجتمع.

سابعا، القيام بكل الأبحاث الضرورية على النطاق المحلي والدولي، لمعرفة مدى توفر التنمر في لبنان وخلق حلول على صعيد متطور.

ما هو الإنجاز الأكبر الذي حققته الى حد اليوم؟

"NO Label" هي دون شك الإنجاز الأكبر بالنسبة لي، وذلك لأنني خلقت مفهوما مفيدا للمجتمع من الصفر.

ولا بد من الاعتراف هنا، أن المجهود الذي أقدمه في الجمعية كان من الممكن أن يكون أكبر وذات فعالية أكثر، ولكن للأسف لا أوليها كامل اهتمامي ووقتي حاليا، بسبب وظيفتي الثابتة.

ورغم ذلك، أسعى قدر الإمكان، للحفاظ على هذا المشروع وتطويره، خاصة كونه لاقى اهتمام المجتمع اللبناني وتقديره، كما خلق نوعا من التواصل بين الأشخاص حول موضوع التنمر، وأتاح لي على المستوى الشخصي، اكتساب مهارات عدة ساعدتني على تحقيق التطور الذاتي.

ولو كانت ​البنية التحتية​ الأساسية في لبنان تسمح لنا التركيز على هذا النوع من المشاريع، وتقدم لنا الدعم المطلوب، لكنت تخليت حتما عن كل شيء من أجل التركيز على الجمعية.

ما هي التحديات التي تواجهك في مسيرتك؟

التحديات كثيرة حتما، وأبرزها:

أولا، غياب البنية التحتية الداعمة للجمعيات في لبنان؛ فقد عانيت من مشاكل عدة في الانتشار، والاستثمار والحصول على التمويل.

ثانيا، السوق اللبناني مشبع، أي أن هناك عدد من الجمعيات التي تحتكر الموارد المالية الموجودة.

ثالثا، الأفكار المسبقة الموجودة لدى الأشخاص والمؤسسات اللبنانية، وخاصة التعليمية منها، والتي عليها الخروج من المناهج المتبعة منذ سنوات طويلة. فنحن معتادون على دراسة ​الرياضيات​ والعلوم واللغات، ولكن في المقابل، لا نركز على المهارات الاجتماعية، والمشاعر الإيجابية، والتحديات العاطفية التي قد تواجه الانسان في حياته. ومن خلال "No Label" نسعى الى حث الناس على اكتساب مهارات داخلية هم بأمس الحاجة اليها.

فمن خلال تجاربي المهنية مع العملاء، اكتشفت حاجتنا للحصول على عوامل معنوية لم نكن نعتبرها من الأولويات، وتكمن في الاستثمار في ذاتنا، واكتساب المهارات التي تساعدنا على أن نكون أشخاص سعيدين في حياتنا، والتي تلعب دورا رئيسا في الثقافات والمهارات الاجتماعية.

ما هي مشاريعك على المدى القريب؟

أركز في الوقت الحاضر على موضوع التدريب (coaching)، وذلك لكي ألتمس قدرتي على تقديم الدعم من خلال خلق منتجات وخدمات ترضي الناس بشكل عام.

ولا بد من الاشارة، الى أنني أسعى لتقديم محتوى باللغة العربية عبر ​الانترنت​، حول التدريب والتفكير الإيجابي.

هل تفكرين بالعودة للعيش والاستقرار في لبنان؟

أحلم بالعودة الى وطني لبنان لأنني أحبه كثيرا! فالمجتمع اللبناني دعمني في مشروعي وأعطاني الدفع للاستمرار، وبالتالي أشعر بامتنان كبير لبلدي الأم لأنني وصلت من خلاله الى ما أنا عليه اليوم.

ولكن للأسف، يفتقد لبنان الى البنى التحتية الأساسية، ويعاني من نقص في التمويل، ومن مشاكل في التواصل، وغيرها من الأمور. وبالتالي، هناك صعوبة كبيرة لتحقيق التقدم السريع فيه. ولهذا السبب، أعمل على تطوير نفسي في الخارج، حتى تتحسن الأوضاع وأعود لتقديم الخبرات والمهارات التي اكتسبتها.

فرغبتي في إفادة بلدي ما زالت موجودة في داخلي، وخاصة من خلال تواصلي الدائم مع المتابعين العرب عبر مختلف ​الشبكات الاجتماعية​.

ما هي الصفات التي ساعدتك على تحقيق التقدم المطلوب؟

أولا، العمل الجدي يجب أن لا يفقد الانسان إيمانه أبدا

أولا، عالم ريادة الأعمال ليس سهلا على الإطلاق، والأمر ذاته ينطبق أيضا على عالم الشركات و​التوظيف​. وبالتالي، فإن التحديات موجودة في جوانب الحياة كافة.

لكن التزامنا بأهدافنا يدفعنا الى مواصلة المسيرة. فالجهد ضروري للوصول الى الطموحات المطلوبة، ولا شك في أن هناك ثمن علينا أن ندفعه.

ثانيا، الشغف؛ وللأسف لا يفهم البعض معنى هذه الكلمة! فالشغف هو كيفية تفاعل أجسادنا مع فكرة معينة، واستجابة قلوبنا لمشروع معين.

ولهذا السبب، علينا قياس أهدافنا بناء على ما نشعر به تجاهها، وليس ما نفكر به!

كيف تنجحين في التنسيق بين الحياة الخاصة والاجتماعية والمهنية؟

افتقدت التوازن لفترة طويلة، لكنه بات موجودا مؤخرا. ومن هنا، أشدد على ضرورة أن يتحلى الانسان الناجح بمهارة "تنظيم الوقت".

ففي بداية المسيرة، مررت بأيام صعبة ومرهقة، ولكن عندما تعرفت الى هدفي ومكانتي في الحياة، حددت أولوياتي وعملت على تنظيم وقتي وجدول أعمالي لكي أحقق التوازن؛ مع العلم أن الأمور ليست سهلة على الإطلاق رغم كل التسهيلات الموجودة، لكنني اعتدت على هذه الوتيرة، وأصبحت أشعر بالراحة تجاه مسؤولياتي.

ما هي الرسالة التي تودين إيصالها الى المرأة في لبنان؟

المرأة اللبنانية​ محظوظة، فعلى الرغم من افتقادها الى العديد من الحقوق، يبقى وضعها أفضل من النساء في بلدان أخرى.

ولهذا السبب عليها:

أولا، النضال وعدم الرضوخ للرفض.

ثانيا، المثابرة وعدم الاستسلام.

ثالثا، القيام بكل ما يلزم لكي تثبت دورها الرئيسي في المجتمع.

ولا بد من الاشارة هنا الى أن اللبنانيين بشكل عام، أذكياء بما فيه الكفاية للوصول الى طريق النجاح، ولكن عليهم المثابرة والعمل بجدية، لأن الأهداف لا تتحقق بسهولة.

ما هي النصيحة التي تقدمينها الى المجتمع اللبناني حول موضوع التنمر؟

لا شك أن الطريق أمامنا طويل، ولن نتمكن من إيقاف التنمر بشكل كامل، لأن هذه المشكلة ستبقى موجودة مهما حاولنا إلغاءها، ولكن بإمكاننا منعها وتجنب الوقوع ضحيتها.

لهذا السبب، يجب أن نتعلم كيفية التعامل معها، والاستجابة لها، ومواجهتها.

ونحن نسعى للوصول الى أكبر عدد ممكن من الأشخاص المتعاطفين والأذكياء، ومن هنا، أدعو الجميع لزيارة موقعنا الالكترونيwww.nolabelme.org، للتعرف أكثر الى هذا الموضوع والمساهمة معنا في محاربته.