أهمّ ما يميز المخترع عن غيره، إصراره ومثابرته، تخطيه كل الظروف، ونسيان السلبيات والتفكير بالإيجابيات وإن قلّت، للوصول إلى هدفه في الإبداع.

بهذا يختصر الشاب اليافع"محمد سرحان"رسالته إلى شباب ​لبنان​، وهو الذي حقق برفقة أختاه إنجازاً قلّ نظيره، يتمثّل في "​براءة اختراع​" صادرة عن وزراة الإقتصاد، تختص في أداة طبية تقدم تسهيلات للمرضى وتساعدهم على معرفة مؤشراتهم الحيوية، وإرسالها إلى الطبيب الإختصاصي.

وخص سرحان "الإقتصاد" بمقابلة خاصة للحديث عن اختراعه:

* ما هو الإختراع ومن أين جاءت الفكرة ؟

"أتحدّث بداية عن الفكرة، فهي جاءت بعد أن كانت جدتنا تعيش معنا في المنزل وكانت تتعذّب دائماً في تنقلاتها إلى المستشفى بسبب مشاكل تعاني منها ترتبط بالقلب، ولم نكن نمتلك سوى أداة لقياس الضغط، لم تكن تكفي لتقييم حالتها ولو أولياً للإطمئنان عليها.

ففكرت أختي الكبرى "أسماء" بالفكرة الأولى للمشروع، والذي سمّيناه "سلامتي".

وهذا الإختراع يمكنه قياس ​كهرباء​ القلب، ودقّات القلب، ونسبة الأوكسجين بالدم، وحرارة جسم المريض ليتم إرسالهم عبر ​الإنترنت​ بواسطة تطبيق عبر الهاتف. وهذه الفكرة طوّرناها ووصلنا لبراءة اختراع فيها.

* ما هي الخلفية التي تأتون منها ؟

أولاً هناك أختي الكبرى "أسماء" وهي أساس المشاريع، تدرس اختصاص "هندسة الأدوات الطبية" في الجامعة الإسلامية وستتخرج في السنة الدراسية الحالية.

و"جنى"، وتدرس اختصاص التربية في مادتي ​الرياضيات​ والفيزياء "​الجامعة اللبنانية الدولية​".

وأخيراً أنا "محمد" وأنهيت السنة الأولى باختصاص "الحقوق" في "الجامعة اللبنانية".

* حدّثنا عن الطريق الذي سلكه هذا الإنجاز ؟

"بدأنا بالمشروع عام 2018 عندما كنت في آخر سنة مدرسية (الثانوي الثالث)، وتقدّمت لمباراة العلوم المدرسية، وفزت بالميدالية الذهبية كمركز أوّل على مدارس لبنان، و​جائزة​ حسن كامل الصبّاح لإبتكارات ​الشباب​، إضافة إلى جائزة مالية.

بعدها بدأت وأخوتي بالتطوير، وحِزنا على براءة اختراع من وزارة الإقتصاد والتجارة بتاريخ 19 / 12 / 2018 باسمي "محمد سرحان" وأسماء سرحان" بعنوان:

"Portable Patient monitoring System".

* أين وصل تطوير هذا الإختراع ؟

"بداية بدأنا النموذج الأولي، وهو جهاز بحزام يربط باليد ووصلناه بطبيق عادي.

اليوم بدأنا بالنموذج الثاني من الجهاز أو الجيل الثاني منه، وبات على شكل حزام وبات للجهاز تطبيقاً خاصاً باسم   (Salamati Application)، والذي يسمح بإظهار هذه المؤشرات مباشرة عبر الإنترنت للطبيب إذا كان مشتركاً أيضاً بهذا التطبيق.

​​​​​​​​​​​​​​والجيل الجديد من"Salamati"، يحتوي على ميزة الـ"History"، تمكّن الطبيب من رؤية تطور حالة المريض خلال 24 ساعة، وهو ما يساعد الطبيب على التشخيص.

وهذا الجهاز شبيه بآلة قياس ضغط الدم في المنزل، إذا يعدُّ مساعداً وأداةً للتنبيه الأولى، التي تساعد في معرفة مؤشرات الشخص الحيوية للحيلولة دون تطور حالته الصحية سلباً.

* من ساعدكم للوصول إلى براءة الإختراع ؟

"الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث" هي من ساعدنا في مسار تنظيم نيل "براءة الإختراع" وهذه الهيئة هي التي تنظم​​​​​​​مبارات العلوم وبقينا على متابعة متواصلة.​​​​​​​

الهيئة وطنية وليست رسمية "حكومية"، وهي لا تتوخى الربح وهدفها مساعدة المخترعين وتطوير الإختراعات.

وعبر هذه الهيئة شاركنا في الكويت في معرض يختص بالإختراعات.

* اللافت أنكم من اختصاصات مختلفة.. كيف يساعدكم هذا التنوّع؟​​​​​​​

نحن نركّز أدوارنا على اختصاصاتنا، فأنا ابتعدت عن مجال التقنية الخاصة بالمعدات، وبات هذا الحيّز يخصّ "أسماء".

وبما أننا في طريقنا لتأسيس شركة خاصة فإن اختصاصي في المحاماة سيفيد في الأمور القانونية والتجارية والمالية.

فيما "جنى"، متخصصة بأمور التسويق والميديا، وهذا حوّلنا إلى شركة عائلية تمسك بكافة مفاصل وأمور الشركة المستقبلية.

وّأذكر هنا، أنه حتى الساعة لم تتواصل معنا أية شركة فيما يختص بالمعدات الطبية، لأننا لم نعرض هذا الإختراع بعد على أي شركة في لبنان أو الخارج، ويعود ذلك إلى عملنا الحالي على النموذج الثالث من"سلامتي"وهو النسخة الأخيرة المطوّرة والمعدّلة من الجهاز ليكون جاهزاً للإنتاج والتسويق."

​​​​* تسمية "Salamati" من أين أتت؟

"جاءت هذه التسيمة بعدما بدأنا العمل تحت مظلة مؤسسة"إنجاز لبنان"غير الربحية، المدعومة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان.

وضعنا في حينها مئات الأسماء التي تشير لموضوع الإختراع، ووقع الخيار على"Salamati" لما يوفّره هذا الجهاز من سلامة للشخص الذي يستعمله.

وهنا أود أن أشير إلى أن التسمية والموضوع المالي، فيما يختص بشركتنا أو مشروعنا الناشئ دعمته وساهمت فيه مؤسسة"إنجاز لبنان"التي أوجّه لها الشكر الدائم."

* إنجاز "سلامتي" ما هي أهميته التي ستساعدكم في التّسويق ؟

"أهميته أن يكون ضمن أغراض الطوارئ في أي منزل، وأقول هنا أن الطبيب معداته متطورة ولكن بوجود سلامتي في المنزل أو المدرسة أو في أي شركة، فإن هذا الإختراع يمكن أن يحمي كثيراً من الأرواح.

وعملنا قدر المستطاع أن تكون النتيجة صحيحة لمساعدة الطبيب على التشخيص.

وكما أسلفت، فإن من ميزاته، معرفة معدل كهرباء القلب، ودقات القلب، والحرارة، ونسبة الأوكسجين بالدم.

* ما الإنجازات المحققة بعد نيل "براءة الإختراع"؟

"بعد نيل البراءة ذهبت وأسماء عبر "الهيئة الوطنية للعلوم للبحوث"، للمشاركة في "المعرض الدولي للإختراعات في ​الشرق الأوسط​، الذي أقيم في الكويت في كانون الثاني 2019، وحصدنا الميدالية الفضيّة، وخلال المعرض كانت تتواجد "جميعة المخترعين البرتغاليين" التي كرّمت اختراع "سلامتي" بالميدالية الذهبية.

​​​​​​​

وفي حزيران من هذا العام أيضاً، تم قبولنا للمشاركة في معرض "Falling walls of Berlin"، وهو حدث أقيم للمرة الأولى في لبنان، بدعم من ​السفارة الألمانية​، وقدمت فيه بحوث الدكتوراه، وكانت "أسماء" المشاركة الوحيدة التي لم تنل إجازة جامعية بعد، وتشارك في هذا الحدث ونالت المرتبة الثانية ورحلة إلى ​ألمانيا​.

وفي ألمانيا عرضت شركاتٌ تطويرَ هذا المشروع وتبنّيه.

وشاركنا في ورشة عمل في ​الأردن​ لريادة الأعمال وتم ترشيحنا من قبل "المركز الوطني للبحوث" كمشارك لبناني وحيد.

وآخر ما حققناه كان ضمن "واحة الدوحة للإبتكار" في قطر، حيث تمت دعوة "أسماء" للمشاركة كممثلة للبنان، في منافسة مع ممثلين من 50 دولة حول العالم، وحصدت الميدالية الذهبية عن مشروعها وننتظر جائزة مالية أيضاً.

واليوم ترشحنا بفضل مؤسسة"إنجاز لبنان"للمنافسة وعرض منتجنا في مدينة نيويورك في ​الولايات المتحدة الأميركية​."

* ما الأفكار الجديدة التي سيتيحها "Salamati" في المستقبل؟

"نعمل حالياً على تطوير دقة النتائج التي يعطيها هذا الإختراع.

أما الميزات فإننا سنضيف في النسخة النهائية من "سلامتي"، قياس ضغط الدم الذي بات جاهزاً، إضافة إلى العمل على إدخال ​آلية​ لقياس معدل السكري في الدم، من دون الحاجة لأخذ عينة من الشخص أو المريض، وهذا لم يتم التوصل إليه عالمياً.

واليوم نرى أن أداة قياس الضغط أو أداة قياس السكري باتت أساسية في أي منزل مصاب بهذه الأمراض ونعمل لأن تحتوي "سلامتي" على مميزات لتقديم كافة البيانات التي تساهم في معرفة المريض حالته الصحية."

* ما الذي يميز "سلامتي" عن الأدوات الطبية الأخرى في هذا المجال؟

​​​​​​​​​​​​​​"سهولة حملها وأخذها أين ما يكون المريض، إضافة إلى سعرها التنافسي المقرر طرحه، وهو ما سيتناسب مع جميع الطبقات ولا ينحصر بالمرضى من الطبقة الغنية، فمهمتنا إنسانية وهدفنا تقديم المساعدة لكل مريض والعمل على عدم حرمانه من السلامة."

​​​​​​​

* من سلط الضوء على إنجازكم من الجانب الرسمي اللبناني ؟

"رسمياً لم تسلّط الضوء على إنجازنا أي جهة رسمية أو حكومية.

وأسلط أنا الضوء هنا على أول من دعمنا وأوصلنا إلى المنصّات العربية والعالمية، وهي "الهيئة الوطنية للبحوث والعلوم" وأشير إلى ما تعانيه هذه الهيئة من إجحاف في حقها، وهي المعنية بالمخترعين اللبنانيين وتطوير أعمالهم، وهذا بحد ذاته يساهم في رفع اسم لبنان ومساعدته في كل المجالات.

والجدير بالذكر أن الهيئة لا تمتلك أي مقدّرات مالية، وليس لها مخصصات مالية، في وقت تخصص الحكومة لـ "مراتون بيروت" مثلاً و"لزينة الأعياد" ملايين الدولارات، وتحرم هيئة البحوث من ​الدعم المالي​."