خاص ــ الاقتصاد

اختارت عائلة عراقية مقيمة في ​لبنان​، الهجرة من بيروت الى ​أستراليا​ عن طريق التهريب، لكنها لم ت​علم​ بأن رحلتها ستكون محفوفة بالمخاطر، وأنها ستتعرض للخطف والاحتجاز والتعذيب على يد الشبكة التي تكفّلت بتهريبها، ولم تطلق سراح أفرادها الّا بعد تسديد فدية مالية للخاطفين.

فصل المأساة بدأت يوم كانت العائلة المؤلفة من "سعد. ر" وزوجته "سماح. ح" وابنتهما "​مريم​" و"صابرين. ح" وجميعهم من الجنسية العراقية، متواجدون في ساحة كنيسة أم المعونة في منطقة سدّ البوشرية، وهناك تعرّفت على المتهم ""نافع. م" وهو أيضاً عراقي الجنسية، وخلال الحديث علم الأخير أن الأشخاص المذكورين يرغبون بالهجرة الى أستراليا، للالتحاق بأقاربهم الذين يعيشون هناك، فأعلمهم أنه الوحيد الذي يستطيع مساعدتهم بالسفر الى هناك عن طريق الأراضي السورية بواسطة أشخاص يعرفهم.

بالفعل اتصل "نافع. م" بالمدعو "أبو فلاح" الذي يعمل في مجال تهريب الأجانب خلسة الى لبنان، وكان أدخله هو سنة 2004، وبقي على اتصال به، وقد وافاه "أبو فلاح" برفقة المتهم "أحمد. غ" الملقب (أبو ​سلطان​)، الى منزل "سعد. ر" في سدّ البوشرية حيث تمّ الاجتماع به بحضور المدعي "جوي. و"، واتفقوا بعد التفاوض على مبلغ 26000 دولار، لقاء تسفير "سعد" وزوجته وابنته وشقيقة زوجته الى أستراليا، على أن يتمّ دفع المبلغ بعد وصولهم الى أستراليا.

بناء على طلب المتهم "أبو سلطان" قام المتهم "سمير. ع" بنقل الأشخاص المذكورين من الحازمية الى منطقة الصفرا، لقاء مبلغ 400 دولار أميركي قبضه من "أبو سلطان"، ومن هناك توّلى الأخير نقلهم بسيارة كبيرة ورافقه في هذه الرحلة المتهم "أحمد. خ" الى منطقة وادي خالد حيث قام "أبو سلطان" مع شقيقه "خالد" باحتجازهم في غرفة ومطبخ وحمام كائنة خلف منزل "أحمد. خ" بعد أن وافق الأخير على طلب "أبو سلطان" بإبقاء العائلة المؤلفة من ثلاثة أشخاص مع طفلة في منزله لمدة ثلاثة أيام، لقاء مبلغ 100 ألف ليرة لبنانية، وقد وبات المتهم "أحمد. خ" ليلته مع العائلة برفقة المتهم "زياد. خ" لحراستها ومنعها من الفرار.

خلال فترة الاحتجاز عمد المتهمون الى ابتزاز أفراد العائلة الذين تحولوا الى رهائن، وبدأوا الاتصال بذويهم لتأمين فدية لقاء الافراج عنهم، وهدد "أبو سلطان" المدعية "سماح. ح" بقتل طفلتها "مريم" في حال عدم دفع المال، كما تعرضت للضرب على يد الخاطفين وخلع ملابسها عنها لتفتيشها، كما تعرّض "سعد. ر" للضرب ونزع ثيابه، وأرغمت المدعية "صابرين" على خلع ملابسها أيضاً وتفتيشها جسدياً بحثاً عن أموال ومصاغ مخبأة في جسدها، وجرى سلب أموال ومصاغ الأشخاص المحتجزين بالقوة و​العنف​.

خلال التفاوض على قيمة الفدية المالية، أعطت "سماح" المتهم "أحمد. غ" (أبو سلطان) رقم ​هاتف​ والدها الموجود في ​استراليا​، وبدأت المفاوضات مع الوالد وأبلغه "أبو سلطان" أن ابنتيه وصهره مخطوفون، وبدأ يهدد بأنهم سيتعرضون للقتل إن لم يحول المال، وفي هذه الأثناء تلقى المتهم "عماد. ع" الناشط في تهريب العراقيين من سوريا الى لبنان، اتصالاً من العراقي المقيم في استراليا "وسيم. ف" الذي كان يتعاون مع "عماد" في تهريب العراقيين، وطلب من الأخير الاستعلام في وادي خالد عن مكان المخطوفين، وزوده برقم "أبو سلطان"، وبالفعل اتصل بالأخير فأبلغه أنه يريد 22000 دولار لقاء الافراج عنهم، وهنا سأل والد سماح وصابرين عمّا إذا كان "عماد" يقبل بتحويل الأموال على اسمه، على أن يتولى استلام ابنتيه وصهره، لكنّ الأخير رفض ونصحه بوجوب مراجعة السلطات اللبنانية، وأعلن "عماد" أنه ابلغ عناصر فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي في وادي خالد بأمر خطف واحتجاز الشخاص المذكورين.

بعد ثمانية أيام من عملية الاحتجاز، تم إطلاق سراح جميع الرهائن باستثناء "صابرين"، حيث قام والدها بتحويل مبلغ 13000 دولار أميركي على اسم "أبو سلطان، عندها قام الأخير بتكليف المتهم "سمير. ع" بنقلها بواسطة سيارة "فان" الى بيروت، ولدى وصولهما الى حاجز المدفون تم توقيف "سمير" على يد دويرة لمخابرات الجيش.

محكمة​ الجنايات في شمال لبنان، أصدرت حكمها في هذه الجريمة، وقضت بانزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بحق المتهم "أحمد. غ" (أبو سلطان) وتخفيفها الى خمس سنوات، وإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بحق المتهمين "سمير. ع"، "أحمد. خ" و"زياد. خ" وتجريدهم من حقوقهم المدنية، ومنعهم من التصرف بأموالهم المنقولة وغير المنقولة. وإلزام المحكوم عليهم بالتكافل والتضامن بأن يدفعوا للمدعين مبلغ 22000 دولار و30 مليون ليرة لبنانية كتعويض بمثابة العطل والضرر.