عقد وزير المالية علي حسن خليل مؤتمراً صحافياً في الوزارة، عرض فيه مشروع ال​موازنة​ العامة لسنة 2020. وهنا نص كلام الوزير:

قال خليل: "أردت مع بداية نقاش مشروع الموازنة في مجلس الوزراء أن أعطي هذه الموازنة أبوتها الحقيقية، حتى لا ننشغل وينشغل الرأي العام بمشاريع من دون أن نركّز على مضمون هذه الموازنة والالتزامات التي تتضمنها، وخصوصاً أننا خرجنا قبل أشهر قليلة من موازنة 2019 التي كان فيها الكثير من الشرح والمقاربات والنقاش والمواقف التي خلقت ردود فعل لدى الرأي العام، بعضها كان صحيحاً والبعض الآخر لم يكن يمت إلى الحقيقة بصلة. لذلك أحببت أن أعرض واقع هذه الموازنة والخلفيات التي انطلقنا منها، والمعطيات المتوافرة والصيغة النهائية التي قدمناها والتي نتمسك بها إلى الآخر كوزارة مالية، وأعتقد أنها تلبّي ما نريده كموازنة، من دون أن يلغي هذا الأمر الحاجة الماسة إلى إقرار سلّة كبيرة من القوانين والمراسيم والقرارات والإجراءات التي يجب أن تاخذها الدولة".

وأضاف: "لم يكن على الموازنة أي مرّة أن تختصر كل ذلك. ممكن أن تعكس النتائج المالية لها، ولكن، كما قلت خلال اختتام مناقشة 2019، عمل الدولة يجب أن يستمر، وأن تكون هناك متابعة لمجموعة من القوانين والمراسيم التي ستأتي مكملة بشكل مباشر للموازنة العامة".

وتابع: "سأنطلق من ختام موازنة 2019 وأقول إننا مستمرون في النهج نفسه الذي اعتمد في 2019 الذي فيه عمل حثيث باتجاه تخفيض نسبة العجز أو على الأقل المحافظة عليه، وفقاً لما تحقق أو يمكن أن يتحقق في هذه الموازنة من دون أن تكون هناك مبالغات لا بالقدرة على تخفيض النفقات، ولا بالقدرة على تأمين واردات إضافية. لذلك فإن أرقام الموازنة أرقام واقعية".

"النقطة الثانية هي أننا نريد أن نكون منسجمين مع توصيات مجلس النواب، سواء خلال النقاش الذي حصل في اللجان في الهيئة العام، بألا يحصل حشو للموازنة بمجموعة من القوانين أو التعديلات أو ما يسمى فرسان الموازنة. وبوضوح أقول: لا نريد أن نضمّن المشروع مئة مادة ويبدأ الجَلد في مجلس النواب من قبل الكتل النيابية التي وافقت على الموازنة في مجلس الوزراء، وأن نكون في موقع الاتهام بأننا نحشو الموازنة، ونتعرض للطعون في المجلس الدستوري. لذلك، بقدر ما إن هذه الموازنة سلسة وبسيطة على مستوى المواد، لكن أرقامها تعكس حقائقها. لذلك لا وجود لأي مادة يمكن اعتبارها من فرسان الموازنة".

وأكمل قائلاً: "انطلقنا في إعداد هذه الموازنة من خلفية واضحة وهي أن الوضع الاقتصادي والمالي في البلد صعب جداً ومعقد، وقد تراكمت مجموعة من العناصر التي زادت الضغط على البلد، أهمها وأخطرها أنّ مستوى النموعادل الصفر إن لم يكن سلبياً، وبالتالي هذا الأمر أدى إلى ازدياد الضغط على احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، وتراكم العجز في المالية العامة، وخدمة الدين مع ارتفاع الفوائد أصبحت متحركة إلى الأعلى، وبالتالي أثّر هذا الوضع على الاستهلاك وزاد من الركود الاقتصادي".

وقال: "هذه حقائق لا يمكن تجاهلها، ناقشناها عند إعداد الموازنة، وهذه الموازنة كانت بوضوح موضع تقدير من المؤسسات الدولية، لكن الجميع كانوا يقولون أنها خطوة بحاجة إلى استكمال في موازنة العام 2020. لذلك، رغم أننا عشنا في الأشهر الأولى من السنة أزمة تمويل الدولة والضغط عليها، واحتياجاتنا القويّة من الاحتياطات الأجنبيّة والتي برزت اليوم من خلال إضراب المحطات والعاملين في قطاع المشتقات النفطية، لكن هذا الأمر لم يمنعنا على الإطلاق من الإنطلاق من نسبة العجز ونحاول الحفاظ عليها".

واضاف: "هنا أريد أن ألفت الانتباه إلى أنه سيكون هناك التزام حرفي ودقيق بموازنة 2019 لجهة النفقات، أما في موضوع الواردات فلدينا مشكلة نتيجة التأخّر في صدور الكثير من المراسيم التطبيقية لبعض المواد التي تشكل إيرادات في العام 2019، وحتى الآن لم نبدأ بتحصيلها، منها لوحات السيارات العمومية واللوحات المميزة وتسوية مخالفات البناء، وبالتالي خسرنا شهرين على الأقل من واردات هذه المواد".

وأردف: "اليوم لدينا انعطافة نريد تحويلها إلى انعطافة جوهرية في إدارة الوضع المالي، وفي مقاربة الوضع الاقتصادي والتنموي والاستثماري بشكل جدّي خلال إقرار هذه الموازنة. طرحُنا وتوجهُنا هو الوصول إلى مرحلة فيها توازن في النفقات الجارية بكل بنودها، بما فيها خدمة الدين العام والواردات. هذا طموحنا وما نعمل عليه على أن تكون الاستدانة للإنفاق الاستثماري حصراً. من الآن إلى ذلك الحين، نتعهد في 2020 و2021 و2022 برفع الفائض الأوّلي الذي وصل في مشروعنا لسنة 2020 إلى 3,2 في المئة، وهذا رقم مهم جداً، لأننا سنستتبعه في 2021 و2022 بتحسّن أكبر.

وزاد: "لكي نصل إلى هنا، نحن بحاجة لإعادة ثقة الناس بالدولة، وتصحيح وضع المالية العامة وضبط الدين العام، والتركيز على تحقيق نسبة نمو مقبولة. وهذا الأمر يتطلب بصراحة من الدولة بأجهزتها كافة، وتحديداً الحكومة، العودة إلى دولة القانون ورفض اي مسّ بالمال العام، وحُسنَ إدارة هذا المال العام والرقابة عليه. البعض يقول أنتم المسؤولون، وأنا أقول إن الأجهزة الرقابيّة، بكل مستوياتها، معنيّة بهذا الأمر بشكل مباشر. والنقطة الثانية استعادة الدولة حقوقها في المرافق العامة كافة. فمن أصل 94 مؤسسة ومرفقاً عاماً، ثمة مرافق عامة نحن لا نطّلع على حساباتها ولا على جباياتها، سواء أكانت مملوكة كلياً أو جزئياً من الدولة. أما الأمر الثالث فهو إعادة النظر في واقع المؤسّسات وتلزيم مشاريع مشتركة مع القطاع الخاص بأعلى معايير الشفافية، وإقرار مجموعة من القوانين، بالتلازم مع الموازنة العامة، رفعناها إلى مجلس الوزراء، وهي أربعة قوانين أساسية".

وتحدث بالتفصيل عن هذه القوانين فقال: "القانون الأوّل هو قانون الإلتزام الضريبي ومنع التهرّب الضريبي، لكن حتى نصل إلى هذا الموضوع فوزارة المالية ملتزمة إلتزاماً واضحاً بالذهاب في اتجاه تخفيض العجز الكلّي للماليّة العامة ونسبته من الناتج المحلّي. هذا الأمر كيف سيتم، ممكن أن يتم بزيادة الضرائب ولكن من هنا أقول، وحسماً لأي نقاش، كوزارة ماليّة رفعنا موازنتنا وليس فيها أي ضريبة أو رسم إضافي على الإطلاق وأنا ملتزم بهذا الأمر أما ماذا يحصل في مجلس الوزراء فأنا سأدافع عن وجهة نظري لأنّ الناس لم تعد تحتمل ضرائب إضافيّة فالناس بحاجة للدولة كي تقوم بمهمّتها من أجل جباية أفضل ففي العام 2020 ليس عندنا أي ضرائب إضافية أو رسوم إضافية وبالتالي هذا الأمر يجب أن يكون محسوماً. والأمر الذي يساعدنا على تخفيض العجز هو تحسين جباية الضرائب من خلال قانون نقرّه اليوم وهو قانون الإلتزام الضريبي أي قانون منع التهرّب الضريبي والإصلاحات في قانون الإجراءات الضريبيّة ومشروع قانون الجمارك الجديد بالإضافة إلى أمور أخرى".

وتابع:"تخفيض النفقات كعنصر ثالث من عناصر تخفيض العجز هو خفض التحويلات إلى كهرباء لبنان. اليوم في الموازنة مقترحين، بناء على خطة الكهرباء، أن يكون دعم مؤسسة الكهرباء بـ1500 مليار لهذه السنة على أن نصل إلى عام 2022 ويكون العجز صفر، وبالتالي تعود مؤسسة الكهرباء كي يكون عندها التوازن المطلوب".

وأضاف "أرسلنا إلى مجلس الوزراء مشروع لإصلاح النظام التقاعدي وفيه أريد أن أركّز على نقطة، حيث لن يكون هناك أي مس بالحقوق المكتسبة لهؤلاء، ولكن نحن نلحظ أن مخصّصات الرواتب والأجور والتقديمات الاجتماعيّة ومعاشات التقاعد في حال بقيت كما هي فسنتجاوز الـ11 ألف مليار في العام 2022 وهو رقم كبير وخطير جداً. واليوم من خلال إيقاف التوظيف وتجميد التقاعد المبكر والالتزام بمضمون موازنة العام 2019 بالإضافة إلى مشروع لإصلاحي لنظام التقاعد نعمل عليه حالياً ستخفض كلفة الرواتب في العام 2021 من 6869 مليار ليرة إلى 6171 وكلفة التقاعد من 3775 ليرة إلى 3433 وأيضاً سيكون هناك انخفاض أكبر في العام 2022 فكذلك نكون وضعنا أنفسنا على المسار الطبيعي للإصلاح ونكون فعلياً نفّذنا خطَتنا لتخفيض العجز".

وقال: "الأمر الرابع هو هيكلة القطاع العام، وقد سمعنا أن المجلس النيابي أقر في موازنة العام 2019 إعادة النظر في وضع كل القطاع العام. واليوم هناك مجموعة من الأسئلة التي تجب الإجابة عليها خارج الموازنة بدأت بالمسح الذي شكّلت له وزارة الماليّة لجاناً لإجرائه انطلاقاً من الوقائع والأرقام. اليوم عندنا مجموعة كبيرة من المؤسسات العامة أي 94 مؤسسة عامة ومرفق عام. كل هذا نموذج عن هذه المؤسّسات اليوم، وبالتأكيد هناك عدد كبير منها لم نعد بحاجة إليه وهناك عدد يمكن دمجه بإدارات أخرى وهناك مؤسّسات يجب أن تخفّض نفقاتها، وهناك مؤسسات يجب أن ترفد الماليّة بواردات إضافيّة، أي أننا نتحدّث في هيكلة القطاع العام على مستوى الإدارات والمؤسسات العامة. وهنا علينا أن نعمل بشكل أساسي حتى ننتقل، من ناحية أخرى، إلى الحكومة الإلكترونيّة، ونحن أعددنا بنداً خاصاً مرتبط بشكل مباشر بهذه السياسة أو بهذا التوجّه".

واضاف: "الحل بالنسبة لنا اليوم هو أن نستكمل هذا الأمر بقانون جديد أرفقناه مع الموازنة، وإن لم يكن ضمنها، هو قانون الشراء العام أو المناقصات العموميّة. فقد أعدينا قانوناً وفقاً لأحدث الأنظمة والمعايير الدوليّة وهو أمر بغاية الأهميّة بالنسبة لنا وبالتالي يجب أن يُقرّ تحت أيّ اعتبار. ونحن نقول ومقتنعون بأنّه إذا كان لدينا قانون للشراء العام أو قانون جديد للمناقصات فبمقدورنا أن نوفّر من ما يصرف من المال العام نتيجة غياب قانون شفّاف للمناقصات ما تصل نسبته إلى 20% من الإنفاق على هذه المشاريع، وبالتالي يجب توفير هذا الرقم للمساهمة في تخفيض عجز الموازنة. فعندنا مشروع جديد منسجم مع المبادئ الدوليّة، فهناك 12 مبدأً وضعتها منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية وهناك قانون مرجعي للشراء العام وُضعت المسودة الأولى له ورُفعت إلى مجلس الوزراء، واليوم أنا أطلب بجلسة لمناقشة هذا الموضوع وإقراره بأسرع وقت ممكن وإحالته إلى المجلس النيابي بالتوازي مع إجراء المسح "مابس 2" الذي يمثّل منهجيّة دوليّة لتقييم منظومة الشراء أو المناقصات في أي دولة من الدول. وهو مسح اعتمدته 90 دولة حتى اليوم وهناك الكثير من الدول التي نعتبرها نحن في مصاف الدول المتخلّفة أقرّت هذا الموضوع ومن المعيب أن يبقى لبنان خارجه بالإضافة إلى عدم وجود دفاتر شروط موحّدة، ونحن أيضاً أعددناها".

وقال: "أنا أتحدّث بذلك لأنه ملتصق التصاقاً وثيقاً بالموازنة العامة كواحد من القوانين التي يجب أن تترافق معها. وهنا إذا عدنا إلى منظومة الشراء نرى كم نستطيع أن نوفّر، في الـ2020 رصدنا 2333 ملياراً، ولكن علينا أن ننتبه أنّه لا يمكن أن ندخل إلى تلزيمات مؤتمر "سيدر" من دون أن يكون لدينا قانون مناقصات جديد وبالتالي صحيح سيكون عندنا في العام 2021 أو 2022 ما قيمته 2500 مليار لكن مع مشاريع "سيدر" يمكن أن ترتفع إلى 3500 و4 آلاف مليار وبالتالي يصبح الأمر أكثر ضرورة، وهو بكل الأحوال أحد القوانين المطلوبة في مؤتمر سيدر من الدول المانحة والمؤسّسات التي عبّرت عن استعدادها لدعم لبنان".

وأردف قائلاً: هناك أيضاً قانون جديد هو قانون الجمارك الذي كما قلنا هو قانون حيوي وأساسي وسيلعب دوراً كبيراً في ضبط كل هذا الملف ووضع بالتعاون مع "البنك الدولي" وأنجز وأحيل إلى مجلس الوزراء، وأصبح اليوم إقراره ضرورياً في أسرع وقت ممكن".

واعتبر أن "كل ما قرّر يجب أن يترافق مع جدّية بالتنفيذ في العام 2019 واليوم، لأنّ الحل الذي أصبح معروفاً هو تحسين الجباية بدل أن يكون عندنا إرباك وعدم استقرار تشريع من خلال زيادة الضرائب. فإذا كنا لا نريد أن نزيد ضرائب يجب أن يكون هناك تحسين للجباية وأن يكون هناك ضبط للإنفاق، وعدم الإنفاق إلا على قواعد علميّة صحيحة ويجب أن نمنع كل أشكال الهدر والفساد، وهذا أمر بحاجة لتعاون الجميع مع بعضهم بعضاً".

وقال: "نحن معنيون أيضاً في متابعة مجموعة من الإصلاحات الشاملة التي تسمح لنا بالوصول إلى النتيجة التي نطمح لها في موضوع معالجة الدين العام. هذا الموضوع هو تحدٍ كبير جداً وأعترف أننا حتى اليوم لم نحقّق ما طمحنا إليه عام 2019 لجهة توفير ألف مليار. ولكنّ هذا الأمر لم ينته ونحن في طور نقاش نعمل على معالجة هذا الأمر، لكن الأهم في هذا الموضوع هو كيف نحرّك اقتصادنا وكيف نقوم بمستوى نمو عال، وكيف يؤدّي هذا الأمر مع مجموعة الإصلاحات إلى تخفيض كلفة الفوائد وبالتالي نكون حقّقنا هذا الأمر كما يجب أن يكون. وقد وضعنا دراسة حول هذا الموضوع أنجزت وفيها سيناريوات للإصلاح لجهة ماذا يمكن أن يحصل في العامين 2019 و2020 وكيف يمكن أن ننزل في هذا الموضوع؛ لأنّ إجمالي الدين على الناتج، إذا بقي على ما هو عليه، سنصل إلى في العام 2022 إلى 161% من الناتج وهذا رقم كبير جداً، وستصل كلفة الدين من الإيرادات إلى حد الـ62%، وهذا رقم خطير يجب أن يخفّض ونحن نعمل على أنْ نحافظ على نسبة 140% أو أن نصل إليها لجهة نسبة الدين من الناتج القومي وأن نصل إلى 43% في العام 2022 لجهة كلفة الدين من الإيرادات".

وأضاف: "يمكن أن يتحقّق هذا الأمر بتعاون بين وزارة الماليّة والمصرف المركزي من جهة، وبتحسين نسبة النمو وتحريك عجلة الاقتصاد وبتخفيض كلفة الفوائد وفي الوقت ذاته والأهم السير بمجموع الإصلاحات التي تحدّثنا عنها وتعزز ثقة الناس بالدولة كما يجب أن تكون".

وتابع: "اليوم في حال لم نمشِ بهذه الأمور مع بعضها بعضاً هناك إجراءات نعمل عليها لم نتحدّث في شأنها بالتفصيل لكن لديها انعكاسها داخل الموازنة لأني لا أريد أن أتحدّث في أرقام عامة فقط. اليوم لا نريد أن نحمّل الطبقات الفقيرة أعباء إضافيّة ولكن على الدولة مسؤوليّة تأمين الاستقرار الاجتماعي. ولذلك علينا تعزيز كل الإنفاق الذي يحسّن حياة الناس ومعيشتها والدفع باتجاه إقرار قانون التقاعد والحماية الاجتماعيّة الذي هو مهم جداً، والضمانات الصحّية المطلوب أن تتأمّن لكي يصبح عندنا حداً أدنى من هذه العدالة الاجتماعيّة".

وقال: "بالعودة إلى النفقات والموازنة، فهناك مجموعة من الإجراءات التي بدأنا العمل عليها. فبالإضافة إلى ضبط الإنفاق العام هناك حاجة إلى ضبط الإنفاق وتخفيض فواتير الكهرباء والاتّصالات. بعضهم قد يعتبر هذا الأمر صغير قليلاً، ولكن إنفاق الإدارات العامة والمؤسّسات العامة في الكهرباء والاتّصالات هو إنفاق بمليارات الليرات. وبالتالي يجب أن يُضبط هذا الأمر وأن تعاد مراجعة كل هذا النظام لإقرار أساليب جديدة واعتماد معايير موحّدة لخدمة التنظيفات داخل الإدارات. فاليوم هذه المسألة "فالتة" على مداها؛ وإعداد دراسة جدوى للهبات؛ وتشكيل لجنة متخصّصة لمتابعة موضوع تجهيزات المعلوماتيّة، فكل إدارة ووزارة ومؤسّسة فاتحة على حسابها في هذا الموضوع من دون أن يكون عندنا رعاية واسعة وشاملة أو مرجعيّة موحدة. اليوم فروع الإدارات والمؤسّسات تفتح من دون دراسة أي جدوى ماليّة، ويجب أن يُحسم هذا الأمر.

وهناك أنظمة ونصوص يجب مراجعتها في موضوع دفع فروقات المتعهدين والزيادات التي تحصل على المشاريع. فهناك مشاريع في هذه الدولة تبدأ بـ20 مليون دولار وتنتهي بـ80 مليون دولار نتيجة فروقات الأسعار التي تدفع.

ونحن بحاجة لإطلاق مشاريع استثماريّة ولذلك فنحن معنيّون بنحو 15 مشروعاً استثمارياً في العام 2020 جزء منها أو أغلبها مقر في المجلس النيابي وبحاجة لتمويل للاستملاكات وهذا الأمر يتوفّر والجزء الآخر يمكن أيضاً أن يتأمّن من خلال المشاريع التي طُرِحَت في سيدر".

وأضاف: "لا أريد التحدّث في الكهرباء، ولكن أريد أن أقول إننا ملتزمون ومضطرون أن نلتزم بخطة الكهرباء حتى نصل في العام 2022 إلى عجز صفر. وهنا يبدأ الأمر من رفع مستوى الإنتاج والإسراع في التلزيم وصولاً إلى رفع التعرفة بعد أن يكون الأمر قد تحدّد بشكل كامل.

نحن لدينا قوانين جديدة وضعت في 2019 لتحسين الجباية الجمركيّة والحوكمة ومكافحة التهرّب يجب أن تطبّق بشكل كامل وواضح.

أيضاً التوجّه هو للاستغناء عن الإيجارات، واليوم في أول جلسة لمجلس الوزراء تحدّثنا مطوّلاً عن هذا الأمر وأعطينا مثل عن وزارة المالية التي طرحت للتلزيم كل مراكزها. فعندنا مشروع مبنى موّحد للجمارك، وآخر للشؤون العقاريّة وقد قطعنا أشواطاً في تلزيمهما في مجلس الإنماء والإعمار، ونعمل على إضافة طبقات في المبنى المركزي للماليّة في مبنى الـ"TVA" حتى نوفّر كل هذه المباني المنتشرة وبالتالي نكون قدّمنا نموذجاً عن الوزارات وكيف عليها أن ترفع اقتراحاتها حتى نباشر في بناء المراكز الحكوميّة على حساب الدولة وبالتكلفة المعقولة وهذا الأمر نأمل أن نكون انطلقنا به وعندنا قانون برنامج جاهز لتمويل هذه العمليّة.

هناك موضوع إدارة أملاك الدولة، ومعالجة الإشغال غير القانوني للأملاك البحريّة والنهريّة وتنظيم عمل المقالع والكسّارات وملاحقة المستثمرين بالتكاليف الضريبيّة".

وتابع: "يهمّني هنا أن نتحدّث في أرقام الموازنة قليلاً. اليوم مجموع النفقات في موازنة الـ2020 هي 25600 مليار؛ مخصصات ورواتب وأجور وملحقاتها تساوي 9779 ملياراً؛ كهرباء لبنان 1500 مليار؛ وخدمة الدين 9219 ملياراً؛ وتحويلات إلى المؤسّسات 3699 ملياراً؛ والنفقات الاستثماريّة هي المبلغ المتبقي والمحدود جداً خارج إطار الوزارات أو الإنفاق الذي هو 1402 مليار وعرض جدولاً يلخص ماذا يمكننا أن نقوم به خلال السنوات الثلاث المقبلة.

فاليوم عندنا نفقات أوّلية كنسبة من الناتج من دون الدين العام 18.3% من الناتج المحلّي ( مع تسديد أقساط ديون ). وعندنا إيرادات تشكّل 21.3 في المئة من الناتج المحلّي. هذا الرقم مهم جداً بسبب وجود فائض أوّلي هو 3.2%. وعجز يصل إلى حدود 7.4%. الأهميّة اليوم في هذه الأرقام العائدة للعام 2020 أن نحسّنها، أن نحسّن الإيرادات إلى مستوى 22.8% وبالتالي نعمل بطريقة أو بأخرى على تخفيض نسبة العجز.

وبالتأكيد في العام 2021 يجب أن يرتفع مستوى الإيرادات من الناتج إلى 23.5 في المئة مع تحريك الوضع الاقتصادي وتخفيض النفقات إلى 14.5% لأنه من المفترض أن يكون حجم اقتصادنا أكبر وبالتالي تصل نسبة العجز إلى حدود 2,3% بدلاً من 6.5% ويكون الفائض الأوّلي 5% وهذا رقم يمكن الوصول إليه. وفي موازنة العام 2021 يرتفع الفائض الأوّلي إلى 6.4%.

هذه الأرقام بالنسبة لنا هي ما نطمح أن نصل إليها في العام 2020 و2021 و2022.

الواردات عندنا مقدّرة بـ19 ألف مليار ونيّف، راعينا أن نكون فيها واقعيّين إلى أقصى الدرجات، خفّضنا جزءاً كبيراً من تقدير الواردات الذي حصل عام 2019 لأنّه في جزء منه، كما قلت، كنا بنيناه على أساس 5 أشهر فأصبحت 3 أشهر، واليوم أصبح هناك تعديل وجدولة من جديد لهذا الموضوع.

اليوم إجمالي الدين العام في نهاية العام 2018 هو 128347 ملياراً سجّل نسبة ازدياد 14% عن العام 2016، وهذا نتيجة ارتفاع سعر الفائدة على السندات المحلّية والأجنبيّة نتيجة المخاطر الاقتصاديّة التي مرّ بها البلد. في موازنة العام 2019 لن يكون الارتفاع بهذه النسبة ولكن نحن أيضاً ذاهبون نحو تخفيض هذا الأمر في السنوات اللاحقة حتى نصل إلى المستوى الذي تحدّثنا عنه.

اليوم يتوزّع الدين العام كالتالي: 62% بالعملة المحلّية و32% بالعملات الأجنبيّة، ونأمل أن نحافظ على المستوى ذاته منه.

الدين بالعملة المحلّية يتوزّع بين مصرف لبنان والمصارف التجاريّة والمؤسّسات العامة وبعض الديون الداخليّة. نسبة الدين بالعملة اللبنانيّة في المصرف المركزي وصلت إلى 50.1% أي بزيادة 7% عن العام 2017 وهناك احتمال أن تزيد لتصل إلى 52 أو 53%.

مع المصارف التجاريّة هناك 32% من نسبة الدين العام".

وختم قائلاً: "باختصار ما أريد قوله، إنّ لا ضرائب ولا رسوم في هذه الموازنة وفيها بعض الإصلاحات التي لها علاقة بأمور إداريّة بحتة كانت تعيق بشكل أو بآخر انتظام الماليّة العامة، ومنها إخضاع موازنات المؤسّسات العامة الاستثماريّة للمياه لمصادقة وزارة الماليّة؛ وإخضاع الموازنات لإدارة واستثمار مرفأ بيروت لمصادقة وزارة الماليّة؛ وكذلك إهراءات القمح، وإلغاء الصناديق الداخليّة التي تتموّل؛ وإلغاء المؤسّسة الوطنيّة لضمان الاستثمارات التابعة لوزارة الماليّة والتي يجب أن تلغى.

في ما يتعلّق بالنفقات لم نضف أي شي على الوزارات سوى بعض قوانين البرامج التي تأجّلت من العام 2019 إلى العام 2020.

النقطة الثانية، كما قلت، عندنا جملة القوانين التي يجب أن تترافق مع الموازنة.

والنقطة الأخيرة أنّ هناك اقتراحات من كتل عدّة تمنّيت أن نستلمها خطياً. وأريد أن أكون واقعياً، لن "نجرجر" بالموازنة كما حصل عام 2019، فالأفكار الموضوعيّة التي يمكن أن تنعكس أرقاماً على الموازنة ندخلها، أما بقية الأمور التي بحاجة إلى مشاريع قوانين مستقلّة فليُقدّم بها اقتراحات قوانين أو مشاريع قوانين من الوزارات المعنيّة حتى نضمنّها أو نعمل عليها من دون أن تكون جزءاً من الموازنة نُحاسب أو نُلاحق عليه في المجلس النيابي".