انعقد  في فندق فينيسيا في بيروت "مؤتمر ​الاقتصاد الرقمي​"Digital Lebanon" برعاية رئيس ​مجلس الوزراء​ ​سعد الحريري​، وبحضور 400 مشارك جلهم من القيادات الاقتصادية والتكنولوجية من القطاعين العام والخاص في ​لبنان​ ودول عربية وأجنبية.

تحدث في افتتاح المؤتمركل من؛ وزير الاتصالات ​محمد شقير​ ممثلاً الرئيس سعد الحريري، وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق، وزير الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا عادل أفيوني، المتخصص في شؤون الحوكمة في ​البنك الدولي​ بول ويلتون ونائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال فيصل أبو زكي. ونظّم الملتقى مجموعة الاقتصاد والاعمال بالشراكة مع وزارة الاتصالات ووزارة الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا ووزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية ومكتب رئاسة مجلس الوزراء والبنك الدولي. ويختتم المؤتمر أعماله اليوم بجلسة حوار مع الرئيس سعد الحريري يستعرض فيها الاستراتيجية الوطنية لتطوير الاقتصاد الرقمي وسبل تسريع التحوّل الرقمي على ضوء تقرير ​ماكنزي​ الاقتصادي وتوصيات مؤتمر سيدر ومستقبل الحكومة الالكترونية و​الخدمات العامة​ الرقمية.

استهل الوزير محمد شقير كلمته بالإشارة إلى الجهود الكبيرة اليومية التي يبذلها الحريري وفريق عمله وطاقم عمل وزارة الاتصالات وهيئة "​أوجيرو​" بقيادة عماد كريدية لإنجاز 30% من شبكة الألياف البصرية قبل نهاية العام الحالي ما سيساهم برفع ​سرعة الإنترنت​ بشكل كبير ويساهم في رفع حصة الاقتصاد الرقمي من مجمل ​الناتج المحلي​ التي لا تشكل اليوم أكثر من 4%. وأشار إلى أن الحكومة شكلت لجنة وزارية لوضع رؤية متكاملة و​خارطة طريق​ للتحول الرقمي في كافة الوزارات والدوائر الرسمية اللبنانية. وتستهدف الرؤية الاستفادة من شركات ​القطاع الخاص​ المبدع والتعاون بين القطاعين الخاص والعام، إضافة إلى الاستفادة من الطاقات الشابة.

وأضاف شقير: "رغم الصعوبات الاقتصادية وال​مالي​ة التي نمر بها أنا متفائل بإمكانية الخروج من المأزق، خصوصاً أننا شعرنا في الفترة الماضية بجدية ومسؤولية من قبل القيادات السياسية في مقاربة الامور وكيفية التعاطي معها. نحن لا تنقصنا الحلول وهي باتت معروفة من الجميع، ما ينقصنا هو الإرادة السياسية وبمعنى أدق التوافق السياسي والابتعاد عن السجالات والمزايدات والشعبوية لتنفيذ سلة الإجراءات المطلوبة للنهوض بالبلد".

وعدد النقاط الرئيسية التي تعمل الوزارة على إنجازها في هذا المجال والتي تتضمن إنجاز شبكة الألياف البصرية خلال عامين وتعميم خدمة "LTE"، ومد شبكة ألياف بحرية بين ​أوروبا​ ولبنان لزيادة سرعة الإنترنت. وقال: "الكثير من ​التطبيقات​ المتعلقة بالرقمنة بدأت تظهر بقوة في لبنان وهي تغطي الكثير من الأعمال والخدمات، لكن بالتوازي نتطلع الى تقدم فعلي في القطاعات الحكومية من خلال التوسع في اعتماد المعاملات الرقمية، لتسهيل أمور المواطنين ووقف الرشاوى ومحاربة ​الفساد​.

وتحدثت الوزيرة شدياق، فقالت: "شهدت ​تكنولوجيا المعلومات​ والاتصالات تطورات سريعة وتركت تأثيرات كبيرة مباشرة مهّدت للثورة الرقمية، وكان لهذه التطورات أثر على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ما جعل التنمية مرتبطة الى حد كبير بمدى قدرة الدول على مواكبة هذه التحولات والتحكم بها لاستغلال الإمكانات المتوفرة والمتجددة لديها".

وقالت: "كما أدت هذه التطورات بشكل مباشر إلى تغيير وسائل وأساليب تنفيذ الأنشطة الاقتصادية وأنتج نوعا جديدا من الاقتصاد عُرف بالاقتصاد الرقمي وهو ذلك الاقتصاد الذي يعتمد على الابداع وتفاعل العنصر البشري من خلال استخدام ​الهواتف الذكية​ وما تشمله من تطبيقات وعناصر التكنولوجيا كافة وخصوصا الانترنت من أجل تحقيق ​التبادل التجاري​ والمعرفي والرقمي وبشكل يعود بالأرباح على المستثمرين".

وأضافت: "لكن للولوج الى اقتصاد رقمي ينبغي تحقيق ثلاثة أمورهي: التحول الرقمي في إدارات ومؤسسات الدولة، سنّ القوانين والتشريعات اللازمة وتوفير البنى التحتية ومكوّناتها الضرورية لتحقيق النمو والازدهار. إذ أن عولمة الاقتصاد والاستفادة من التكنولوجيا هما الركيزتين الاساسيتين للانتقال الى اقتصاد رقمي في ظل وجود بيئة بشرية متفاعلة وفاعلة".

وتحدث الوزير أفيوني فقال: "قررنا أن ندخل مرحلة الثورة الصناعية الرابعة حيث تنخرط التكنولوجيا في كل مرافق الحياة وقطاعاتها، وأن نُطلق مشروع التحول الرقمي في الاقتصاد والمجتمع و​القطاع العام​ وأن نلحق بركب الدول الرائدة في مجال التكنولوجيا لتحويل لبنان الى مركز إقليمي للمعرفة والابتكار. ومع أن لبنان محدود الإمكانات الطبيعية إلا أنه يملك ​الموارد البشرية​ والطاقات الشبابية والمهارات في مجال التكنولوجيا. وهذا المؤتمر يأتي في مرحلة دقيقة ليؤكد إيماننا بأن التحول الرقمي في لبنان هو السبيل الأول لكسر حلقة ​الركود الاقتصادي​ المفرغة التي ندور فيها منذ سنوات، وهو أيضا السبيل الأمثل لزيادة النمو وتحفيز ​الاستثمارات​ وخلق فرص العمل وتفعيل المجتمع وتطويره".

وتابع: أن نواة مشروع وزارة الدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا في مجال المعلوماتية تعتمد على تحقيق التحول الرقمي في مؤسسات القطاع العام، وتحقيق التحوّل الرقمي أيضا على مستوى البنى التحتية. لكن التحوّل الرقمي الأساسي سيكون على المستوى الاقتصادي وخصوصا لدى القطاع الخاص.

وأشار أفيوني الى "أن للقطاع الخاص دور أساسي وازن في تنفيذ خارطة الطريق نحو الولوج الى الاقتصاد الرقمي "ونحن في لبنان نعوّل على قدرات وإمكانات هذا القطاع الذي أثبت جدارته في تطوير العديد من القطاعات وتنفيذ وإدارة العديد من المشاريع". وختم قائلا أن أول مدماك في خطة الوزارة يتمثل في تسهيل مزاولة العمل في القطاع التكنولوجي وتشجيع ​الشركات الناشئة​ والمتوسطة والصغيرة على العمل في لبنان. أما المدماك الثاني فيتمثل باستقطاب الرساميل عبر سلسلة من الحوافز والتسهيلات وإنشاء صناديق مشتركة مع مؤسسات تمويلية، وهو ما يكمّل ما بدأه مصرف لبنان مع التعميم 331. والمدماك الرابع يتمثل بدعم الشركات التي تمارس نشاطاتها في لبنان وتخلق فرص العمل لمساعدتها على التوسع.

ومن جهته اشار المتخصّص في الحوكمة في البنك الدولي بول ويلتون إلى التزام البنك الدولي بدعم لبنان في مسيرته للتحول الرقمي التي تلعب دورا في تطوير الاقتصادورفع معدلات النمو وجذب الاستثمارات التي تساهم في تخفيف الفساد الإداري وتحسين الشفافية وتحسين الخدمات العامة وتدعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتساهم في اعادة ثقة اللبنانيين بالمؤسسات الرسمية، وأنه من المعروف أن تلك مشاكل رئيسية يعاني منها لبنان. وأوضح ويلتون ان التحول الرقمي يعد أمرا ضروريا أيضًا لتعزيز التوسع في ​ريادة الأعمال​ الرقمية الإنتاجية وفي إطلاق نظام مالي رقمي شامل قادر على توفير الوظائف اللازمة لتأمين مستقبل أفضل للاقتصاد اللبناني.

وشدد ويلتون على ضرورة توحيد الرؤية اللبنانية خصوصا على مستوى التحوّل الرقمي وعلى اهمية التعاون بين كافة الجهات الرسمية والاستفادة من تجارب بعض الدول في المنطقة لإطلاق ​الحكومة الإلكترونية​ بأسرع وقت ممكن.

أما فيصل أبو زكي فقال: "نُرحب بكم في "مؤتمرِ الاقتصادِ الرقمي" الذي ينطلقُ اليومَ في دورتِهِ الأولى ليصبحَ إطاراً لمناقشةِ واقعِ لبنان الرقمي والسياساتِ والمبادراتِ الحكومية والخاصة التي تضمنُ عَدمَ تَخلفِ لبنان عن الثورةِ الرقميةِ الهائلةِ في العَالمِ وتحويلِ هذا القطاعِ الحيوي إلى مصدرٍ متسارعٍ للنموِ وفُرصِ العمل. ونشكرُ دولةَ رئيسِ مجلسِ الوزراءِ على رعايتهِ هذا المؤتمر. ونشكر معالي الوزير محمد شقير ومعالي الوزيرة الدكتورة مي شدياق ومعالي الوزير عادل افيوني والدكتور نديم المنلا والبنك الدولي على عملِهم معنا على إطلاقِ هذا المؤتمر - المنصة وفتحهم البابَ على أن يُصبحَ لبنان محورَ استقطابٍ إقليمي ودولي لنشاطاتِ الاقتصادِ الرقمي. وهذا المؤتمر ليس إلا الخطوةَ الأولى في هذه المسيرةِ الطويلةِ وهدفُنَا ان يُصبحَ مؤتمراً دورياً تواكبهُ مبادراتٌ ونشاطاتٌ مستدامة".

وقال أن تعزيزَ وتحديثَ الاقتصاد الرقمي في لبنان لن يتحقق كما يجب ما لم يتم تبني استراتيجية وطنية تضعُ أهدافاً بعيدةَ الأمدِ مع برامجِ تنفيذٍ محددةٍ ومعايير أداءٍ ومتابعة وتقييم مستمر. إن أهم ما في الثورةِ الرقمية التي نشهدها هو أنها تتميزُ بالترابطِ والتداخلِ بين مختلفِ مكوناتها وبين مختلفِ أوجه النشاطِ الاقتصادي في العالم.

الجلسة الثانية

ترأس الجلسة الثانية التي حملت عنوان "تعزيز موقع لبنان على خارطة الاقتصاد الرقمي العالمي" وزيرالاتصالات وتكنولوجياالمعلومات المصري الأسبق عاطف حلمي، وتحدث فيها كل من وزيرالدولة لشؤون الاستثمار والتكنولوجيا عادل أفيوني، رئيس مجلس إدارة "أوجيرو" ومديرها العام عماد كريديه، وزير الاتصالات اللبناني الأسبق نقولا صحناوي، رئيس العمليات في شركة "تاتش" نديم خاطر ورئيس مجلس الإدارة بالإنابة والمديرالعام للمنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس حسن ضناوي، الرئيس التنفيذي لشركة "Evoteq" من ​الامارات​ جهاد ​طيارة​، الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في حاضنة الاعمال "StartechEUS" نزار عجيب.

ويناقش المؤتمر في خمس جلسات وبمشاركة 34 متحدثا مجموعة من القضايا، من بينها الجهود المبذولة لتطوير البنى التحتية في ​قطاع الاتصالات​ والمعلوماتية بما في ذلك مشروع مركز البيانات الوطني وفرص الاستثمار في ​البنية التحتية​، إضافة إلى جهود تعزيز العلامة التجارية للبنان كمركز رقمي للتلزيم والابحاث وإصدار الدراسات وتوزيعها. كذلك يناقش المتحدثون دور الجالية اللبنانية في جذب ​الشركات العالمية​ والاستثمار الرقمي نحو لبنان وأهمية الخبرات العالمية في دفع التحول الرقمي في القطاع العام بما في ذلك نماذج علاقات العمل مثل "G2G"، "G2B"، وG2C".

كذلك يناقش المشاركون واقع وأهمية التحول الرقمي في قطاعات ​المصارف​، و​الرعاية الصحية​، والتعليم، و​الطاقة​، والنقل وغيرها من القطاعات التي باتت جاهزة لتبنّي التغييرات الرقمية، والعوامل الأساسية المساعدة في التحول الرقمي ضمن التعليم والابتكار والتشريع والتنظيم. وستساهم المشاركة الكبيرة من جانب الشركات في المؤتمر بفتح الباب لمناقشة دور القطاع الخاص في تهيئة الكوادر البشرية اللازمة للرقمنة وتطوير الدورة الاستهلاكية عبر نظام مدفوعات ثوري ودور الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، البلوكتشاين والتطبيقات المحتملة في لبنان. وسيتم خلال المؤتمر تقديم تجربة التحوّل الرقمي في "​اليونسكو​" حيث ستُستعرض التحديات والحلول.

أيضا يستضيف المؤتمر متحدثين وخبراء لتناول موضوع تعزيز وتبسيط الثقافة والبيئة الحاضنة لريادة الاعمال وتمكين الحاضنات والمسرعات المحلية وتسهيل الحصول على رأس المال والتمويل وتشجيع الابتكار من خلال توفير الدعم للشركات الناشئة ومساعدة الشركات الناشئة الناجحة على التوسع إقليميًا وعالميا.