النجاح في أي مجال من مجالات الحياة، مرتبط ارتباطا وثيقا بالتفاني، والإرادة الصلبة، والاصرار، والاستمرار... بالاضافة طبعا الى المحاولة، ثم المحاولة، ثم المحاولة،...

رائد الأعمال ال​لبنان​ي رايان اسماعيل يؤمن بأنه من رحم المشاكل تولد الفرص. فقد عرف كيف يدير قدراته ومهاراته لكي يتغلب على المؤثرات التي تعيق تقدمه، وحدد مشكلة معينة بفعالية، وتعرف الى مختلف الأساليب التي من شأنها المساعدة في حلها، فصنع الفرص واستغلها، كما قدّم حلّا فعالا، وعمل على تنفيذه بشكل مناسب.

كان لـ"الاقتصاد" مقابلة خاصة مع الشريك المؤسس لشركة "Fly-Foot"، ريان اسماعيل، للتعمق في تجربته في عالم ​ريادة الأعمال​، والاستفاد منها:

ما هي المراحل التي مررت بها حتى قررت تأسيس "Fly-Foot"؟

تخصصت في الاقتصاد في "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB"، كما حصلت على ماجستير في الموارد المالية من جامعة "City, University of London".

بدأت بالعمل في ​القطاع المصرفي​ عام 2007، ولكن اضطررت أن أترك وظيفتي بعد ​الأزمة المالية العالمية​ عام 2008، وقررت حينها التركيز على شغفي في عالم ​كرة القدم​، اذ كنت أعلم جيدا أن هذه الرياضة تعاني من مشاكل عدة في لبنان. ومن هنا، فكرت في العوائق التي يواجهها الجمهور اللبناني، ولاحظت أن إحدى هذه المشاكل تتمثل في عدم القدرة على مشاهدة المباريات ومتابعة الفرق المفضلة.

أما فكرة "Fly-Foot"، فبدأت عام 2011 عبر ​الانترنت​ و​الشبكات الاجتماعية​، لكي نرى مدى تفاعل الناس معها. وتبلورت بعد فترة من خلال تنظيم دورات لكرة القدم للهواة في لبنان. وكانت الجائزة التي يحصل عليها الفريق الفائز هي عبارة عن رحلة لمشاهدة فريقه المفضل في الملعب.

ولكن عندما بدأنا بدراسة هذا المشروع، اكتشفنا أنه من الصعب أن يسافر الشخص لمشاهدة فريق أوروبي في الملعب، ومن هنا يتوجب علينا إيجاد حل لهذه المشكلة.

ولا بد من الاشارة الى أنه خلال فترة الدراسة لنيل شهادة الماجستير، كنت أعيش في ​بريطانيا​، كما أن شريكيّ يعيشان في ​لندن​ و​برشلونة​. وهكذا، بدأنا أولا بتنظيم الرحلات الى برشلونة ولندن، ومع مرور الأيام تطوّرت الشركة وخدماتها حتى وصلت الى ما هي عليه اليوم.

ما هي العوامل التي ضمنت استمرارية هذه الشركة؟

أولا، على صعيد فريق العمل الداخلي، قررنا استكمال المسيرة حتى النهاية، رغم كل الصعوبات التي قد تواجهها أي شركة ناشئة في بلد مثل لبنان، حيث الدعم غائب. وبالتالي ركزنا على التفاني والإصرار لكي نواصل رحلتنا نحو الأمام، والعمل على إنجاح مشروعنا مهما اشتدت الضغوط وزادت الصعوبات؛ وصمودنا هو جزء أساسي من استمراريتنا.

ثانيا، كنا على دراية تامة بأن غياب الدعم يتطلب منا الابتعاد بشكل كامل عن الأخطاء، وبالتالي حرصنا دائما في "Fly-Foot" على تقديم أفضل خدمة ممكنة، والتركيز على أدق التفاصيل لتفادي العقد والعثرات. فأي خطأ قد يعرضنا الى مشاكل كثيرة، ولهذا السبب نحاول قدر الإمكان الوصول الى الكمال في كل ما نقدمه؛ وهذا العامل ساعدنا حتما على بناء قاعدة واسعة من الزبائن الأوفياء.

برأيك، ما هي الصفات التي تميزك كرائد أعمال؟

أولا، نحن نعيش في بلد يعاني من الكثير من المشاكل الاجتماعية والسياسية والتجارية والإدارية،... وللأسف الحلول شبه غائبة. وأنا بطبيعتي أحب دائما العمل على حلّ أي مشكلة - ضمن إمكانياتي بالطبع - بدلا من الاكتفاء بالمراقبة. وأعتقد أنه يتوجب على كل رائد أعمال أن يتحلى بهذه الصفة لكي يتمكن من تحقيق التقدم المطلوب في مسيرته.

ثانيا، نفتقد الى العديد من الأمور في لبنان، بالتالي نضطر الى ابتكار الحلول من أجل تأمينها؛ فعلى سبيل المثال، لو أطلقت شركة "Fly-Foot" في بلد أوروبي، لما حصلت على الإقبال الموجود في لبنان، ولما حققت النجاح ذاته. أما السبب بكل بساطة، فيتمثل في نوع المشكلة التي نسعى الى حلها، والتي يعاني منها بلدنا فقط.

ما هي المشاريع المهنية التي تسعى الى تحقيقها في المستقبل؟

تحولت "Fly-Foot" مؤخرا الى شركة تعتمد بشكل كامل على التكنولوجيا، كما أصبحت المنصة الأولى والوحيدة في ​العالم العربي​ التي تؤمن الحزم المخصصة لكرة القدم، عبر الانترنت.

فقد أقمنا شراكات مع أهم الموردين في العالم، وبالتالي أصبح بإمكان أي شخص في العالم على الدخول الى موقعنا الالكتروني (www.fly-foot.com)، وحجز رحلته بالكامل (الطائرة، الفندق، المباراة،...)، بخطوات سهلة وبسيطة. وهذه الخدمة غير موجودة الى حد اليوم في العالم العربي.

ونحن نبني آمالنا على هذه المنصة التي ستتيح لنا التوسع الى خارج الحدود اللبنانية، والوصول الى العالم العربي، وربما الى ​إفريقيا​ والولايات المتحدة في المرحلة المقبلة.

هل تأثرت "Fly-Foot" بالوضع الاقتصادي القائم في البلاد؟ وهل تراجعت نسبة الإقبال على خدمات الشركة؟

الخدمات التي نقدمها تعبّر حتما عن شغف الشخص، ولكنها في المقابل تعدّ من الكماليات. وبالتالي عندما تكون الأوضاع المعيشية والمالية سيئة، سيحاول الشخص التوفير والتخلي عن السفرات. ومن هنا، تأثرنا الى حد كبير بالحالة الاقتصادية العامة في البلاد، وعلى أصعدة عدة:

أولا، تأثرنا بالقرارت المتعلقة بالضرائب والضمان الاجتماعي على ​الشركات الصغيرة​ والناشئة مثل شركتنا.

ثانيا، تأثرنا بالوضع النقدي في البلاد لأننا نتعامل بالعملات الأجنبية بشكل خاص.

ثالثا، الوضع العام للناس يؤثر حتما على نسبة الإقبال.

وانطلاقا من هذه الأسباب، عمدنا الى تحويل الشركة الى منصة الكترونية يمكن الولوج اليها من أي مكان في العالم. وذلك لكي نتوسع قليلا الى خارج السوق اللبناني ونقدم خدماتنا في أسواق جديدة.

ما هو الشعار الذي تتبعه في مسيرتك المهنية؟

يجب أن نستمر بالمحاولة دائما، واذا لم ننجح من المرة الأولى، علينا أن نحاول مجددا، ونواصل المحاولة حتى نصل الى هدفنا المرجوّ.

من قدم لك الدعم خلال هذه السنوات؟

تلقيت الدعم بالدرجة الأولى من العائلة والأصدقاء. وبعد فترة، وقف زبائننا الى جانبنا، بالاضافة طبعا الى الأشخاص الذين أحبوا "Fly-Foot". وبالتالي، انتقلنا على الفور الى مرحلة دعم العملاء الذين وجدوا في خدماتنا حلا لمشكلة يعانون منها منذ فترة. ومن هنا، باتوا يسوقون لخدمات شركتنا أكثر منا حتى!

ما هي نصيحة ريان اسماعيل الى ​الشباب​؟

المشاكل الكثيرة التي يعاني منها لبنان، تعني وجود الفرص الكثيرة! فمن الخطأ أن ننسب الصعوبات للهجرة، فمسيرة رائد الأعمال تنطلق بالعادة من مشكلة معينة.

ومن هنا، يجب أن نتحلى بالفضول الإيجابي لكي نتعرف الى وسائل الحلول الموجودة في العالم، كما علينا أن نتعرف الى قدراتنا ومهاراتنا وكفاءاتنا، لكي نحدد المشاكل والفرص، ونساهم في حلها.

رواد الأعمال وحدهم قادرون على إحداث فرق إيجابي في مجتمعنا!