أظهر التقرير الجديد لمجموعة "ميديل إيست إيكونوميك دايجست - ميد"، تحت عنوان توقعات البناء في ​دول مجلس التعاون الخليجي​ 2019، أن تخفيض ​الإنفاق الحكومي​ أدى إلى تراجع نشاط المشروعات في دول مجلس التعاون لمدة أربع سنوات، ولكن العمل قائم على توفير أسباب التفاؤل من خلال تثبيت ​أسعار النفط​ وإطلاق مشروعات ضخمة جديدة.

وكشف تقرير "​بنك عودة​" الصادرعن الفترة الممتدة من 25 آب ولغاية 31 آب، أنه بعد عقدين من التوسع، تواجه صناعة البناء في دول مجلس التعاون الخليجي نقطة التحول في تطورها، حيث تم في العام الماضي منح حوالي 63.4 مليار دولار أميركي من عقود مشاريع البناء والنقل في هذه الدول، وتم اعتبار ذلك العام الأسوأ منذ 2012، وفق ما أشارت إليه "ميد". كما انخفضت الجوائز بنسبة 8.4% مقارنة بعام 2017، وتعتبر هذه النسبة أقل بكثير من الجوائز التي بلغت 111.8 مليار دولار أميركي في 2014، التي تعتبر السنة الأفضل على الاطلاق.

وأوضحت "ميد"، أن تخفيض رعاة مشروع الحكومة و​القطاع الخاص​، للانفاق الرأسمالي، على خلفية تراجع أسعار النفط منذ عام 2014، تسببفي هبوط نشاط المشروع لمدة أربع سنوات في ​قطاع البناء​ بالخليج، الذي لم يظهر سوى القليل من علامات الانتعاش في عام 2019. وعلى الرغم من أن التوقعات في بداية العام الجاري كانت تشير إلى أن 2019 ستشهد بداية الانتعاش، الا ان النصف الأول من العام لم يحقق هذه الآمال، بعد أن سجل حوالي 22.4 مليار دولار أميركي من عقود مشاريع البناء والنقل في دول مجلس التعاون الخليجي.

بالإضافة إلى ذلك، لفتت المجموعة إلى أنارتفاع أسعار النفط منذ منتصف عام 2017، بسبب الاتفاق بين "​أوبك​" والدول المنتجة للنفط من خارج "أوبك"، لوضع حد أعلى على إنتاج النفط،أثّر بشكل ايجابي على التوقعات الاقتصادية في المنطقة، وتخفيف الضغط على المالية الحكومية. ولكن في الوقت الذي سيؤدي ذلك إلى زيادة الإنفاق الحكومي على ​البنية التحتية​ ودعم عودة النمو في الاستثمار العقاري، تشير الاحتمالات إلى أن ​المقاولين​ لن يتطلعوا إلى الأمام بتفاؤل متجدّد، قبل حلول عام 2020.

وعلى صعيد آخر، أجبر النقص في فرص المشاريع الجديدة على مدى السنوات الأربع الماضية، المقاولين على خفض أسعار عطاءات المناقصات للفوز بالعمل، الأمر الذي أدى إلى تآكل هوامش الربح، كما أدى تشديد الحكومات المالي إلى إطالة التأخير في سداد قيمة العقود. وأكد التقرير أن هذه العوامل مجتمعة، تسبب صعوبات شديدة في التدفق النقدي للمقاولين ومورديهم، مشيرةً إلى أن العديد من الشركات اختارت تقليص حجم عملياتها وإعادة هيكلتها، إلى جانب مغادرة بعض اللاعبين الدوليين المنطقة.

خلال هذه الفترة، كانت ​دبي​ المحرك الرئيسي لنشاط البناء في الخليج، مدعومة بإنفاق البنية التحتية قبل "​اكسبو 2020​"، ورغم التباطؤ الذي شهده النصف الأول من عام 2019 في الجوائز، حافظت الإمارات العربية المتحدة على الصدارة في قائمة أفضل أداء في سوق البناء، مع حوالي 10.9 مليار دولار من الجوائز في الأشهر الستة الأولى من العام. وفي ظل هذه النتائج،تباطأ الزخم في دورة البناء في دبي، من أجلمواجهة زيادة العرض في سوق ​العقارات​، وانخفاض قيمة منح العقود في الوقت نفسه الذي ارتفعت فيه قيمة المشاريع التي يتم الانتهاء منها.

وشددت "ميد" في تقريرها على أن التركيز الآن هو على ​السعودية​، التي تمتلك خططاً ضخمة لتطوير البنية التحتية، لكن هدفها المتمثل في تنفيذ هذه الخطط من خلال القطاع الخاص، هو مجرد بداية لبناء الزخم. وعلى المدى القصير، تكمن أفضل الآفاق في ​قطاع النفط​ و​الغاز​، حيث يتسارع الاستثمار، أو في ​قطاع الطاقة​ و​المياه​، حيث يتوفر التمويل الخاص أكثر.

على الرغم من كل التوقعات التي تشير للعودة إلى الإنفاق في السعودية، يبدو أن الإنفاق على مشاريع البناء والنقل سينخفض ​​مرة أخرى في دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2019. ومع ذلك، هناك مجموعة كبيرة من المشاريع التي تم التخطيط لها في تلك الدول، حيث خُصّصتاعتبارًا من 30 حزيران 2019، حوالي 1.2 تريليون دولار أميركيمن المشاريع المعروفة للبناء والنقل المخطط لها أو قيد الإنشاء في دول المجلس.

وعند تفصيل الأرقام ، كان هناك حوالي 578 مليار دولار أميركي من مشاريع البناء والنقل قيد التنفيذ في منتصف عام 2019، وحوالي 597 مليار دولار من المشاريع المعروفة. ويتفرع من هذا الرقم تقريباً، 123 مليار دولار أميركي من مشاريع البناء والنقل في مرحلة ما من المناقصة أو الشراء، وما يقارب 235 مليار دولار منها قيد ​التصميم​، بينما هناك 239 مليار دولار أخرى من المشروعات قيد الدراسة. وتم التعهد بالمزيد من التطورات المخطط لها من خلال المشروعات الكبرى مثل مدينة"نيوم" بالمملكة العربية السعودية، على الرغم من أنه لم يتم بعد تحديد المشروعات على أجزاء كبيرة من هذه الخطط الرئيسية.

وفي الختام، تعتبر "ميد" أن الأشكال الجديدة للمشتريات والتمويل للمشاريع، مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، تكتسب قوة جذب، كما يشهد السوق ظهور عملاء بناء جدد مثل صندوق الاستثمار العام في الرياض. ومع كل هذه التغييرات التي تحدث، يجب على الشركات التفكير بشكل استراتيجي حول تحركاتها القادمة في صناعة البناء في دول مجلس التعاون الخليجي.