ثمانية أيام استمر فيها ترقب المعتدي ال​إسرائيل​ي، والتأهب لضربة ​حزب الله​، بعد توعد أمينه العام بالرد على استهداف موقع للحزب في ​سوريا​.

عدَّادُ خسائرِ العدو الاقتصادية بدأ منذ يوم تهديد السيد حسن نصر الله في 25 آب، حيث لجأت سلطاته لرفع درجة الاستنفار إلى القصوى على الحدود الشمالية.

هذه الحدود بدت فارغة من ساكنيها خلال الأيام العشرة الماضية، وتوقّفت فيها كل مظاهر الإنتاج نتيجة الحالة غير المعهودة التي عاشها المستوطنون كما الجنود على حد سواء. فتوقفت الزراعة التي تعد من أكثر القطاعات الاقتصادية ازدهارا في شمال "إسرائيل" والتي يعمل فيها غالبية المستوطنين وتستقطب يدا ​عاملة​ ضخمة. وشُلّت الحركةُ على امتداد الحدود مع ​لبنان​ وبعمق لا يقل عن 7 كيلومترات، مما جعل فاتورة الخسائر تقدَّر بمئات آلاف ​الشيكل​ات نتيجة التأخير في حصد محاصيل حان قطافها وعلى رأسها فاكهة الصيف المتأخّر وبدء قطاف ​الزيتون​، وأكثر ما أضر المجتمع ال​اسرائيل​ي، هو توقف اليد العاملة منذ أكثر من أسبوع، والذي يتواصل بفعل إبقاء حالة الاستنفار القصوى والتعطيل الذاتي للحركة الاقتصادية في الشمال.

قطاعاتٌ أخرى طالتها الخسائر المباشرة سريعاً بعد رد حزب الله، فهذا الرد امتد وقعه على طول الخارطة الـ "اسرائيلية" كاملة، ووصلت تبعاته إلى تل أبيب على بعد 100 كيلومتر عن الحدود مع لبنان. فأوقفت "إسرائيل" حركة الطيران في مطارها الأضخم بنغوريون في عاصمة  الكيان تل أبيب. قرارٌ كان عدَّاد خسائِره الأسرع بالترقيم، عشراتُ آلاف الدولارات تسبب إلغاءُ الحجوزات في تفويتها. كما أن إغلاق المجال الجوي ساهم كذلك في وقف ما تسمى بخدمة الترانزيت، إضافة إلى عدم السماح لأي طائرة بعبور الأجواء فوق ​فلسطين​ المحتلة.

وتُطبق "إسرائيل" رسوماً على استخدام أجوائها وتجهيزاتها من قبل ​الطائرات​ الأجنبية، وفقاً لقواعد تقرّرها "​منظمة الطيران المدني الدولي​" (ICAO)، وهي تحتسب تلك الرسوم بحسب وزن ​الطائرة​ والمسافة التي تقطعها داخل الأجواء الإيرانية. وليس الأمر طبعاً محصوراً بـ "إسرائيل"، بل إن معظم دول العالم تُطبق رسوم عبور لاستخدام أجوائها ومعدّاتها وفقاً لقواعد منظمة "إيكاو"، على أساس نوع الطائرة ووزنها وغيرها من العوامل مقابل الخدمات الملاحية المقدمة للطائرات العابرة للأجواء فقط. وإن إعلان عدد من ​شركات الطيران​ في العالم حظر عبور طائراتها من أجواء "إسرائيل" حتى لساعات قليلة فقط، من شأنه أن يُكبّد العدو وشركات الطيران والملاحة الاسرائيلية خسائر مالية ويُقلص عوائدها بالعملة الصعبة.

هذه العملية التي تتفاوت فيها البلدان وتجري آلاف المرّات يوميا، تدر أرباحا لـ "إسرائيل"، لأن خدمة عبور المجال الجوي والتوجيه ليست مجانية، وهنا خسرت "إسرائيل" عشرات آلاف الشيكلات أيضاً لإغلاقها المجال الجوي مباشرة بعد رد حزب الله وحتى ساعات فجر الاثنين.

خسائرُ أخرى تتعلق أيضاً بقطاع الطيران تلقتها "إسرائيل"، فتهديد السيد نصر الله قبل 8 أيام من رد حزب الله ساهم بضرب قطاع حيوي آخر وهو ​السياح​ة، حيث بلغ إلغاء الحجوزات السياحية القادمة إلى الكيان الآلاف، إضافة إلى قطعِ عدد ضخم من السياح رحلاتهم إلى "إسرائيل" بعد الضربة الـ "إسرائيلية" في سوريا والوعد الذي قطعه السيد نصر الله بالرد.

خسارة أخرى لاشك أيضا سيتكبدها الاسرائيلي جراء سلسلة الأحداث المتلاحقة والتي بدأت منذ الاعتداءات، وشبيهة بما حصل في حرب تموز 2006، حيث ألغى العدو عقود بيع ​أسلحة​ ومدرعات وتقنيات متطورة أثبتت المقاومة فشلها جميعا في مواجهة الــ 33 يوماً.

واليوم بالتأكيد ستتكبد "إسرائيل" نفس الكأس المُرّة، ومن خلالها ​الولايات المتحدة​، والخسائر ستبدأ بأجهزة الاستشعار والترصّد المزروعة على الحدود والتي فشلت جميعها في كشف مجموعة من ​الشباب​ لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين، رغم تنفيذها الرد من الداخل اللبناني المحتل (القرى السبع)، بعد توغل المقاومين لأكثر من كيلومتر وعودتهم بأمان بعد تنفيذ العملية.

نوع آخر من المدرعات الـ"اسرائيلية" سينضم إلى القائمة السّوداء للأسلحة الغير مرغوب بشرائها، وهي العربة التي استهدفها حزب الله على الحدود اللبنانية الفلسطينية يوم الأحد. العربة المدرعة من طراز "wolf" وإنتاج شركة "رافاييل للصناعات العسكرية الإسرائيلية". تم الانتهاء من نموذجها الأولي الأول في عام 2002، وفي أوائل عام 2005 بدأ جيش الاحتلال بإنتاج عربات بقيمة 14 مليون دولار. وفي أواخر عام 2007، طلب ​الجيش الإسرائيلي​ ما مجموعه 130 مركبة "وولف".

وعلى المقلب الآخر كان جلياً كيفية تصرف اللبنانيين قبل وأثناء الضربة الإسرائيلية فالمجال الجوي اللبناني لم يتأثر ولو بشكل هامشي، فيما لم تصدر أي جهة دولية تحذيراً لرعاياها بمغادرة لبنان سوى ​البحرين​. المزارعون على الحدود واصلوا عملهم، فيما رعاة الماشية هم فقط من اضطروا للإبتعاد قليلاً عن الحدود، وذلك ليس بداعي الخوف، إنما نتيجة رد العدو الهستيري بعد ضربة حزب الله وإحراقه المنطقة الحدودية الملاصقة ما فوّت على الماشية الإقتراب من السياج الشائك.