أصدرت هيئة الأسواق المالية، للسنة السادسة على التوالي، تقريرها السنوي الّذي يوجز ما تمّ إنجازه طيلة عام 2018 محلياً وعربياً ودوليًا.

على الصعيد المحلّي، تميّز عام 2018 بتطوّر بارز يُعَوّل عليه القطاع، نظراً لما يحمل في طيّاته من توقّعات لا بدّ أن تتبلور نتائج ملموسة تسهم في تذليل العقبات الّتي ما زالت تواجه البلاد. فقد أطلقت الهيئة في كانون الأول 2018 دفتر الشروط المتعلق بالترخيص لمنصة التداول الإلكتروني الّتي يُتوقع أن يبدأ العمل بها في الربع الأول من عام 2020. ومنحت رخصة إنشاء المنصة لمجموعة "​بنك عوده​" و"AthexGroup" بعد نيل هذه المجموعة النقاط الأعلى بحسب المعايير المحددة مسبقاً ضمن دفتر الشروط.

كما التزمت هذه المجموعة بتأسيس شركة لا يقل رأسمالها عن 20 مليون دولار، وتعهّدت تأمين سيولة بمبلغ 100 مليون دولار كصانع سوق أي "market maker"، ما يسهم في إيجاد عرض وطلب دائمين على المنصة.

وفي ظلّ هذا الاستحقاق، تكون الهيئة قد أطلقت مشروعاً يحاكي متطلبات السوق اللبناني في ظل التحديات المتزايدة، وذلك عبر تأمين القدرة على التمويل بكلفة منخفضة من خلال التداول في أدوات جديدة من نوعها في لبنان وأخرى غير متاحة حالياً في ​بورصة بيروت​، ما سيسهم في تعزيز ريادة الأسواق المالية وتوسيع عدد المتداولين وخلق سيولة إضافية.

وهذه العوامل مجتمعة سوف تمنح المستثمر اللبناني والأجنبي القدرة على التداول في سوق متطور يرتكز على أحدث المعايير الدولية.

وفي إطار السعي إلى خلق التوازن في النظام المالي ما بين ​القطاع المصرفي​ والأسواق المالية من حيث القدرة على تمويل ​الشركات الصغيرة​ والمتوسطة وبالتالي تعزيز الاقتصاد، سوف تسهم المنصة في تأمين مصدر إضافي لتمويل القطاعات الإنتاجية اللبنانية، فضلاً عن دورها في رسملة الشركات، وذلك إما عبر ​الاكتتاب العام​ في أسهمها أو من خلال تسنيد إيراداتها، إضافةً الى إمكانية تحويل جزء من ديونها إلى سندات تملك (Equities)، ما يسهم في تخفيض نسبة مديونية ​القطاع الخاص​.

أما على الصعيدين التنظيمي والرقابي، فتابعت الهيئة عام 2018 عملها من ناحية تشديد الرقابة والإشراف على الأسواق المالية ووضع الأطر والآليات لتطويرها، في ظل ما يشهده لبنان ومحيطه من تحديات. ومع إطلاق نظام هيئات الاستثمار الجماعي (Collective Investment Schemes)، نتطلع الى تأسيس صناديق استثمار جماعية تُعنى بتمويل قطاعات إنتاجية واقتصادية مهمة ومنها ​القطاع العقاري​، بحيث نشهد عرضاً وطلباً لأسهم في صناديق عقارية يتم التداول بها على السوق الثانوي، ما يؤمن سيولة أكبر للقطاع ويعيد إحياءه.

وعلى الصعيد العربي، ترأس لبنان ممثلاً بهيئة الأسواق المالية عام 2018 اتحاد هيئات الأوراق المالية العربية، حيث تابع تطبيق الخطة الاستراتيجية للاتحاد التي وضعت قيد التنفيذ عام 2015 حين كان لبنان رئيس اللجنة المكلفة وضع المخطط الاستراتيجي للأسواق المالية العربية 2016-2020.

وخلال فترة ترؤسنا للاتحاد عام 2018، استكملت هيئة ​الأسواق المالية اللبنانية​، بالتعاون مع نظيراتها العربية، العمل في مجالات عدة تتعلق بمواجهة المخاطر و​الجرائم الالكترونية​ وتعزيز البنية المالية التحتية وتطبيق المبادئ الدولية في أنظمة الأسواق المالية، فضلاً عن وضع قواعد ومبادئ عامة تتعلق بالإصدارات الأولية والإدراج وكذلك إصدار قواعد عامة للإفصاح عن التداول بناء على معلومات مميزة غير معلنة (Insider Trading).

وتأكيداً على الثقة الدولية بقطاع الأسواق المالية في لبنان ودور الهيئة في تعزيز الأسواق المالية اللبنانية وانفتاحها، نجحت الهيئة في استضافة المؤتمر الدولي السنوي الرابع عشر للبورصات العالمية "World Exchange Congress 2019"، والذي شكّل منصّة دولية جمعت ممثّلين عن كبرى ​البورصات العالمية​ والهيئات الرقابية وغرف المقاصّة ومتخصّصين في مجال التكنولوجيا الرقمية لمناقشة أحدث التقنيات والاتجاهات العالمية في الأسواق المالية.

ووفقاً للمنظّمين، فقد اعتبر المؤتمر المنعقد في بيروت الأنجح خاصة من حيث المشاركة والحضور الدولي من أكثر من 60 دولة مقارنة بنسخه السابقة.

وفي الختام، قال رئيس هيئة الأسواق المالية و​حاكم مصرف لبنان​ ​رياض سلامة​: "لا يسعني إلاّ أن أتوجه بالشكر الى جميع المستخدمين لدى هيئة الأسواق المالية على تضافر جهودهم ودورهم الفاعل في ظل التحديات اليومية التي يشهدها ​الاقتصاد اللبناني​ والأسواق الناشئة دولياً، إذ لي ملء الثقة بأن التقّدم الّذي أحرزته الهيئة عبر فريق عمل متكافئ، من أجل توفير الأسس السليمة والعادلة لحماية حقوق المستثمرين، إنّما هو خطوة مهمة على درب الارتقاء بأداء الهيئة والوصول بها إلى مصاف الهيئات الرقابية الدولية".