في زمن رقمي سهّل للجميع مشاركة أفكارهم مع العامة، وجدت شخصيتنا من ​العالم الرقمي​ وسيلة تسعى من خلالها لنشر ما إكتسبته من خلال دراستها وما تشربّته خلال مسيرتها في عالم المال والأعمال في ​لبنان​ والخارج، لتكون منصتها الأولى من حيث نوع المحتوى في عالم إلكتروني يضج بصفحات الموضة والرشاقة و​الأزياء​.

فهي تؤمن أن المبادرات الفردية الصغيرة من شأنها إحداث تغيرات كبيرة في المجتمعات إذا إجتمعت مع بعضها البعض. برأيها كل منا قادر على رد الجميل لوطنه والمساهمة في إنمائه من خلال مشاركة ما إكتسبه من خبرات أكاديمية ومهنية. 

تدرجت على السلّم الوظيفي وعملت في أكثر من مؤسسة في لبنان والخارج، حتى قررت العودة إلى وطنها الأم لبنان وهي الآن بالإضافة إلى جهودها وتعاونتها في مجال نشر ثقافة المال والأعمال تقوم بإدارة بعض الأصول العقاريّة التابعة لأسرتها. 

ولنتعرف أكثر على هذه الشخصية القيادية كان لـ"الإقتصاد" لقاء خاص مع مؤسسة "DDoesBusiness " دانيال حاتم التي شاركتنا أبرز محطات حياتها الأكاديمية والمهنية.

- من أين إنطلقت مسيرتك الأكاديمية؟

تخصصت في مجال الإقتصاد نظراً لإيماني بأن هذا الإختصاص يحمل في طياته العديد من الإختصاصات والفرص. وفيما بعد حصلت على  شهاد الماجستير في الإدارة المالية من "Warwick University" ب​إنكلترا​. 

رغم إنخراطي في سوق العمل لم أتخلى عن حلمي لمتابعة دراستي العليا، خاصة أنني أدرك مدى ضرورة تحديث المعلومات المكتسبة ومواكبة آخر النظريات العلمية والتنفيذية، لذلك قمت بعد أعوام بماجستير تنفيذية "Executive Master" في مجال الإدارة المالية  في "HEC Paris" ب​باريس​. 

- كيف واكبت مسيرتك المهنية حياتك الدراسية؟

خلال دراستي الجامعية تدربت في أحد المؤسسات المصرفية في لبنان، وبعد تخرجي من الجامعة عملت ​القطاع المصرفي​ الخاص "Private Banking" في باريس. وبعد أربع أعوام قررت أن أعود إلى لبنان وأستقريت فيه بعدما إكتسبت الخبرة اللازمة لشق طريقي بنفسي في وطني. 

- هل لكِ أن تشرحي لنا أكثر عن مرحلة العودة إلى لبنان، وهل تطلب الأمر جهداً إضافياً لإثبات جدارتك ضمن السوق اللبناني؟

ما تعلمته خلال مسيرتي الأكاديمية والمهنية أنه على الفرد أن يتأقلم في البيئة المحيطة به لكي يتمكن من النجاح ضمنها. وهذا ما عشته خلال إنتقالي إلى كل من إنكلترا و​فرنسا​، وبرأيي أن هذا السبب ساهم في إغناء مسيرتي المهنية من ناحية السياق الثقافي فكل بلد يعتمد على معطيات خاصة به وإكتساب هذه الأنماط الفكرية المختلفة في العمل وأسلوب العيش تُضيف إلى مسيرة الفرد الشخصية والمهنية.

- ما هي أبرز المحطات المهنية التي شهدتها مسيرتك بعد عودتك إلى لبنان؟

عدت إلى لبنان قبل شهر واحد من حدوث الأزمة المالية في العام 2008، وتوظّفت في "​FFA Private​ Bank"، وحصلت على خبرة جيدة خلال عملي في المصرف كما أنني تمكنت من تطبيق ما إكتسبته في الخارج في لبنان.

بعد أربع أعوام من العمل في " FFA Private Bank" لاحظت أني إكتسبت الخبرة اللازمة وقررت حينها أنه حان الوقت لتحدٍ جديد،  وسنحت لي الفرصة حينها كي أعمل كمستشارة مالية ضمن مؤسسة "Levant International" التي من خلالها تمكنت من إكتساب خبرة في ​زاوية​ مالية مختلفة. وبعد أربع أعوام أخرى شعرت بحاجتي للعودة إلى النظام التعليمي لأتمكن من مراجعة ما إكتسته أكاديمياً وإكتشاف أجدد النظريات العملية في مجال ​إدارة الأعمال​ وحينها إتجهت إلى فرنسا وبدأت برسالة الماجستير التنفيذية التي ذكرتها سابقاً. 

خلال هذه المرحلة قررت أيضاً أن  أُدير الأصول العقاريّة التي تمتلكها الأسرة بالتوازي مع دراستي. وعندها لاحظت وجود فجوة لفتت إنتباهي، فالأشخاص عادة ما تنظر لعالم المال والأعمال بنظرة خوف وتعقيد، فعادة ما يتم إستخدام الكلمات التقنية عند الحديث عن هذا المجال مما يعني أن الحديث فيه عادة ما يكون موجه للمختصين، وبالتالي قررت أن أبسّط هذه المفاهيم للأفراد، فنحن نعيش في عالم يتغير بشكل سريع جداً ويجب على الإنسان أن يسعي لمواكبته بنفس السرعة، وبالتالي قررت إنشاء منصة خاصة بي تشرح بشكل مبسّط عن الأمور الإقتصادية والمالية المحلية والعالمية. 

تبلورت هذه الفكرة بعد أن لاحظت وجود العديد من المنصات على ​مواقع التواصل الإجتماعي​ التي تتناول مواضيع الصحة، الرشاقة، الأزياء وغيرها ولكني لم أجد أي منصة تسعى لنشر الثقافة المالية والإقتصادية، وإنطلق المشروع من تجربة بسيطة ليصبح اليوم منصة رسمية تنشر محتوى ثقافي في مجال المال والأعمال. 

- كيف تطورت فكرة منصتك من تجربة إلى منصة ثقافية إقتصادياً ومالياً تجمع أكثر من 22 ألف متابع من فئة ​الشباب​؟

في بداية كان إسم المنصة "FinancebyD" وكنت أنشر المحتوى من خلال شخصية كرتونية، وبعد فترة وعندما لاحظت الإقبال على المحتوى قررت أن أغيّر إسم المنصة لتصبح "DDoesBusienss" وكشفت عن هويتي لكي يتمكن المتابعين  من ربط فكرة المفاهيم مع صورة شخصية تشبههم في التطلعات والأفكار. فمن حق المتابع أن يعرف من يقف وراء هذا المحتوى وما هي شهاداته وخبراته المهنية. 

هدف المنصة هو مشاركة المعرفة، فأنا لا أسعى لتكون "DDoesBusienss" منصة ذات إتجاه واحد تقوم بتزويد المتابعين بالمعلومات فقط، بل في العديد من الأحيان أتعلّم منهم من خلال تفاعلاتهم ومشاركاتهم وبذلك نساهم في تكوين مجموعة تسعى للتعلم من بعضها البعض وتطوير خبراتها. 

- هل كنت تتوقعين من البداية وصول منصتك إلى هذا الكمّ التفاعل خاصة أن المحتوى يتمحور حول عالم الأعمال؟

في الواقع كنت الوحيدة الواثقة بهذه الرسالة، فكنت أسمع الكثير من عبارات الإستغراب عن مدى تقبل فئة الشباب لمحتوى يتعلق بالأعمال على المنصات الرقمية التي عادة ما تُستخدم من قبلهم للترفيه.  ولكني كنت واثقة بشكل تام بقوة المحتوى وحاجة الشباب إليه. من جهة أخرى، كنت أعلم أن مواقع التواصل الإجتماعي خاصة موقع "الإنستغرام" يحتاج لوقت لإدراك وتفهم هذا النوع الجديد من المحتوى، وبالفعل تمكنت من الوصول إلى هدفي وتترجمت رؤيتي من خلال جمهور لا يُقاس بعدده إنما بتعطشه لمشاركة المعلومات وإكتسابها، وهذا يُعد نجاحاً كبيراً للفكرة بحد ذاتها.

وقد قمت مؤخراً بتعاونات مع مؤسسات مالية أتشارك معها في نفس الرؤية، كما أقوم الآن بالعمل على إعطاء ورش عمل.

- علماً أن جمهوركِ المستهدف هو الشباب كيف تصفين تفاعلهم وكيف ساهمت منصتك بإكتشاف سلوكيات رقمية غير مروج لها عادة؟

بالطبع لا يمكننا أن نعتبر فئة الشباب كفئة واحدة، فعلى سبيل المثال ومن خلال التجربة لاحظت وجود فئات فرعية تندرج تحت المظلة الكبيرة التي تحمل إسم "فئة الشباب". الفئة الأولى عادة ما يترواح عمرها بين 18 و25 عاماً هذا الجمهور بحاجة للتحفيز، وإكتساب المهارات المختلفة سواء في مجال القيادة أو تعلم فنّ المفاوضة وغيرها لأنه بطبيعة الحال يسعى لشق طريقه المهني وإكتشاف مساره بنفسه.الفئة الثانية وهي من عمر 25 عاماً وما فوق وهم عادة ما يتفاعلون على المنصة بإعطاء أرائهم ومشاركة خبراتهم بحيث يشكلون صوتاً أتعلم منه شخصياً.

وبالتالي دراسة الجمهور ضروري لمعرفة إستخدام أساليب التواصل المناسبة لإيصال المحتوى بشكل يشبه لغتهم وتطلعاتهم، قد أثبتت "DDoesBusiness" أن الشباب لا يتلقوا أي محتوى بشكل سطحي بلا أنهم يسعون للتعلم أيضاً من خلال المنصات الرقمية.

- يمكننا الملاحظة أن رؤيتك المهنية تتحلى بالكثير من مفهوم ​ريادة الأعمال​ الإجتماعية " ​Social​ Entrepreneurship "، برأيك ما هي أهمية هذا المفهوم في تطوير المجتمعات؟ 

أنا أؤمن أنه إذا ساهم كل فرد في مشاركة معرفته مع الآخر، يمكننا تحقيق تطورات مذهلة في المجتمعات، ولكن البداية تكمن من مبادرة فردية صغيرة، فعلى الصعيد الشخصي إذا تمكنت من التأثير بشكل إيجابي على 1% من المجتمع أكون قد حققت الكثير. إذا قام كل مواطن منا بخطوة مماثلة في مجال تخصصه أو شغفه هل يمكننا أن نتخيل مدى الرُقي الثقافي والتطور الفكري في كل مجالات الأعمال التي يمكن أن نصل إليها؟ وأنا أتمنى أن يتم إستخدام هذه النظرية من قبل كل شخص يملك خبرة في مجال معين، وهذا ما كنت قد ذكرته خلال ​ندوة​ "TedTalk" قدمتها مؤخراً في الجامعة اليسوعية تتمحور حول الجمل التالية :"العديد من الأفعال الصغيرة الفردية تؤدي إلى تغيرات كبيرة".

- ما هي النصيحة التي تعطيها للشباب الذين يتوقعون الحصول على مناصب إداراية فور تخرجهم من الجامعة ويواجهون حالة من الإحباط؟ 

رغم أنها تُقال كثيراً ولكن هذه العبارة قد تكون الأكثر واقعية "عليكم أن تصعدوا السلم الوظيفي درجة، درجة" وهذا ما قمت به أنا على الصعيد الشخصي في لبنان والخارج، فأنا عملت لمدة 10 أعوام قبل أن أصل إلى ما أنا عليه اليوم. التدرج على السُلم الوظيفي ليس عقاب، إنما ضرورة فعند إستلام أي شخص لمنصب إداري عليه أن يدرك تماماً طريقة تفكير كل موظف في كل منصب، تطلعاته، مخاوفه وطموحاته، فكيف يمكن للفرد أن يدير فريقاً وهو يجهل قدراتهم وتطلعاتهم؟

- ما هي الرسالة التي تودين إيصالها لجمهورك ِالمستهدف؟

أقول للشباب الذين يسعون لشق طريفهم المهني، ألا يستسلموا للأحاديث السلبية التي نسمعها يومياً عن وضع لبنان، وأقول لهم إذا أردتهم إكتسبوا خبرة في الخارج ولكن عودوا وساهموا في نشر خبراتكم في بلدكم وساهموا في الإزدهار، لبنان بحاجة لجهودكم لأنكم وحدكم المسؤولون عن إما تطويره أو تدميره من خلال مساهمة كل فرد منكم بمشاركة خبراته وجهوده وتوظيفها في وطنه. 

وأقول للفئة التي تكبرهم في العمر، أتمنى أن نعمل على تحسين الوضع عوضاً عن التذمر، فالتذمّر وحده لن يساهم في تطوير لبنان.