هي شابة ​لبنان​ية، آمنت بنفسها وقدّرت أداءها الذاتي، كما حددت أهدافها وخططت لها بدقة كي تحافظ على بوصلة السير، في خضم سعيها لتحقيق رسالتها، فأثبتت أن النجاح يتحقق بالمثابرة والصبر، والتقدم هو ثمرة الجدية والعمل الشاق.

حوّلت دافعها الداخلي للنجاح الى فعل حقيقي وملموس على الأرض، ولم تقع أسيرة الخوف والتردد من المستقبل، بل تسلّحت بالجرأة والشجاعة واتخذت المبادرات التي وضعتها على الطريق الصحيح لتحقيق أحلامها.

كان لـ"الاقتصاد" هذه المقابلة الخاصة مع الشريكة المؤسسة لمركز "Healthy Happy Us"، رلى غدار:

ما هي المراحل التي مررت بها حتى قررت تأسيس "Healthy Happy Us"؟

تخصصت في علوم التغذية في "الجامعة الأميركية في بيروت"، "AUB"، ولأن برنامج الجامعة مسجّل في "American Dietetic Association"، سافرت بعد التخرج الى الولايات المتحدة من أجل تقديم الامتحان النهائي.

وبعد ذلك، عملت لمدة سنة مع "UNICEF"، ومن ثم بدأتُ مع شريكيّ حينها، نيفين حيدر وبراء الصباغ، بمراحل تأسيس "Healthy Happy Us".

ولا بد من الاشارة، الى أنه بعد مرور حوالي عام على عملي في مجال التغذية، اكتشفت أن الموضوع لا يتعلق بالطعام فحسب، بل هو مرتبط أيضا بعلم النفس. ومن هنا، عمدت الى دراسة التدريب الصحي (health coaching)، لكي أكون قادرة بالفعل على مساعدة الأشخاص من مختلف النواحي؛ فأجسامنا ليست آلات، ولا يمكن التحكم بأوزاننا من خلال التقيد بلائحة محددة من المأكولات والمشروبات، بل هناك العديد من العوامل الأخرى المؤثرة، مثل الضغط النفسي والهرمونات.

كيف تأسس مركز "Healthy Happy Us" ومن أين جاءت الفكرة؟

كنا نحن الشركاء الثلاثة في الجامعة ذاتها، وبعد التخرج، خلقنا ذات يوم مجموعة على تطبيق "واتساب"، نرسل من خلالها المعلومات المتداولة عن المواضيع المغلوطة أو غير الدقيقة المتعلقة بالتغذية، وكنا نؤكد دائما على ضرورة القيام بمشروع إيجابي من أجل التخلص من هذه الأفكار الخاطئة.

بعد حوالي سنة، قررنا فتح صفحة خاصة بنا عبر ​مواقع التواصل الاجتماعي​، لكي نغير ​الصور​ النمطية المتداولة، ونظهر للناس أن علوم التغذية ليست سلبية أو مخيفة. فأطلقنا صفحة على "​فيسبوك​" و"​انستغرام​"، وبدأنا بالتفاعل مع الناس.

وبعد ذلك بتسعة أشهر، وُلد مركز "Healthy Happy Us" في منطقة فردان في الحمرا. أما خدمات المركز فتتلخص بالاستشارات في مجال التغذية، وورش العمل التعليمية والتفاعلية، والتدريب الشخصي، وجلسات اليوغا والزومبا، وغيرها.

هل تلاقي خدمات هذه المركز الإقبال والتفاعل المتوقع من الجمهور؟

ما ساعدنا على الانتشار بشكل أكبر، هو العلاقة التي عمدنا الى بنائها مع الناس عبر العالم الافتراضي، قبل افتتاح المركز. وبالتالي أصبح لدينا مجموعة تعرفنا، وتحب أفكارنا وطريقتنا في التعامل.

فالناس ملوا من الأخصائيين التقليديين الذين يقدمون الحميات الغذائية السلبية وقاسية، ولهذا السبب أحبوا طريقتنا الايجابية في نشر المفاهيم الصحية.

 من هم زبائن "Healthy Happy Us"؟

معظم زبائننا، أي حوالي 80%، هم من ​النساء​ اللواتي تترواح أعمارهن ما بين 18 و40 عاما. فنحن نركز بشكل كبير على تمكين المرأة ودعمها، وهدفنا تأمين سعادتها، ومساعدتها على إيجاد نقاط القوة في داخلها، وتزويدها بكل وسائل الراحة المتاحة لدينا؛ وكل ذلك من خلال الحفاظ على صحتها ورفاهيتها.

هل تلجأين الى وسائل التواصل الاجتماعي من أجل التسويق لهذا المشروع؟

نعم بالطبع، فقد انطلقنا من خلال هذه الوسائل، وما زلنا الى حد اليوم نعتمد عليها بشكل أساسي، وذلك لأنها تتيح لنا التقرب أكثر من الناس والتفاعل معهم.

فالمواقع الاجتماعية هي حتما أداة تسويقية لاستقطاب الزبائن، لكنها في الوقت ذاته أيضا، وسيلة لزيادة الوعي حول خطورة الحميات الغذائية القاسية، والأفكار السلبية المتداولة في مجال التغذية.

من هو مثالك الأعلى في الحياة والعمل؟

والديّ قدما لي كل المساعدة اللازمة في حياتي. ومن جهة أخرى، أحب القراءة كثيرا، وهناك بعض الكتاب الملهمين بالنسبة لي، والذين أتعلم منهم، مثل الكاتب والمتحدث الأميركي توني ​روبنز​، والاعلامية أوبرا وينفري، والدالاي لاما.

ما هي مشاريعك المستقبلية على الصعيد المهني؟

نحن نعمل حاليا في المركز، ولدينا في الوقت ذاته مشروع عبر ​الانترنت​، هو بمثابة متجر الكتروني، نبيع من خلاله البرامج الخاصة بالتغذية والرياضة. وبإمكان الناس من مختلف دول العالم الحصول عليها، ليصحبوا بمثابة مجموعة تقدم الدعم والتشجيع لأعضائها.

كما أركز في الوقت الحاضر على مفهوم "intuitive eating" أي "الأكل الحدسي"، والذي يتعارض الى حد ما مع الحمية الغذائية؛ اذ أنه يتيح للشخص اختيار الطعام بوعي أكبر، لكي يسمح لنفسه بتناول الوجبات السريعة وغير الصحية من وقت الى آخر، دون الشعور بالذنب.

وهذا المفهوم الجديد يحث الشخص على الوصول الى الحرية في الطعام، ويدفعه الى حب نفسه وجسمه أكثر.

ما هي الصفات التي تتمتعين بها وأسهمت في تقدمك المهني؟

أولا، المثابرة والإصرار على التقدم واستكمال المسيرة مهما اشتدت الصعاب وكثرت الضغوط.

ثانيا، لا أخاف من الفشل ولا أؤمن به، بل أنا مقتنعة بأن كل شخص يتعلم الدروس في هذه الحياة؛ فكلما خضنا تجربة جديدة، كلما تعلمنا المزيد من المهارات.

ثالثا، أحب عملي وأشعر بالشغف تجاهه، كما أؤمن بالتغذية الإيجابية التي تغير حياة الانسان نحو الأفضل.

كيف تمكنت من التنسيق بين عملك وحياتك الخاصة والاجتماعية؟

​​​​​​​

منذ حوالي سنتين استلمت المركز بمفردي، بعد سفر شريكيّ الى خارج لبنان. وبالتالي بات لدي مسؤوليات كثيرة وضغوط ومواقف صعبة.

ولكن كلما شعرت بالتعب والإرهاق، أعود لأتذكر دوري ومهمتي ورسالتي من خلال هذا المشروع، فأستعيد نشاطي وحافزي.

لكنني أحاول على الدوام إيجاد التوازن في حياتي، لأن ضغوط العمل قد تعيق الانسان عن العطاء في بعض الأحيان. ولهذا السبب أخصص أوقات للراحة، وممارسة اليوغا، والخروج مع العائلة والأصدقاء،...​​​​​​​

نصيحة الى المرأة.

أنصح المرأة أن تؤمن بنفسها، ولا تطمح الى أن تكون مثل الرجل. فالله أعطاها سمات مختلفة تماما عنه، ومن هنا، عليها الاستعانة بها للوصول الى النجاح.

فالمرأة بقوتها، وذكائها، ومهاراتها، وعطاءاتها، قادرة على تحقيق أبعد الطموحات.