فرضت ​الازمة الاقتصادية​ وال​مالي​ة نفسها على الافرقاء السياسيين المتنازعين على خلفية حادثة قبرشمون فدفعتهم الى عقد لقاء مصارحة ومصالحة افضى الى اعادة تحريك الوضع السياسي واستئناف النشاط الحكومي المعطّل منذ 40 يوماً.

وبالتزامن مع اجتماع المصارحة والمصالحة الذي جمع وسطاء الخير والاطراف المتضادة بعد ظهر يوم امس في قصر بعبدا، عقد اجتماع مالي – اقتصادي بحضور الرؤوساء الثلاثة و​حاكم مصرف لبنان رياض سلامة​ ووزير المالية ​علي حسن خليل​ للبحث في وسائل مواجهة ضغوط مؤسسات التصنيف الدولية والخروج بقرارات وتوصيات تؤدي الى ارسال رسائل ايجابية الى مؤسسات التصنيف والى ​المجتمع الدولي​، وذلك للحؤول دون اقدام مؤسسات التصنيف لا سيما منها "​ستاندرد آند بورز​" الى تخفيض جديد لتصنيف لبنان، اذ ان المؤسسة المذكورة ستصدر تقريراً حاسماً بهذا الخصوص قبل نهاية الشهر الحالي.

واذا كان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي اعيد انتخابه يوم امس الاول كأفضل حاكم مصرف مركزي في العالم للمرة الرابعة قد خرج بتفاؤل كبير إزاء مسار ​الوضع النقدي​ حيث وصفه بـ"ْTop"، الا ان الحقيقة تبقى في مقلب آخر حيث ان سعر ​الدولار​ الاميركي في السوق تجاوز عتبة 1530 ليرة، كما ان عمليات التحويل من الليرة الى الدولار مستمرة على قدم وساق، أضف إلى ذلك خروج مئات ملايين الدولارات الى الخارج.

وكان البارز هذا الاسبوع على المستوى الاقتصادي والمالي التقارير التي صدرت عن بعض ​المصارف اللبنانية​ والتي تحدثت بإيجابية عن المسار الاقتصادي والمالي وهذا الامر تم تفسيره على انه استباق لتقرير مؤسسة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، فأشارت دراسة لـ"بنك عودة" الى بروز اشارات ايجابية خلال الاسابيع الماضية لها تأثير ايجابي على ​الوضع المالي​ مشيراً الى تحسّن مستوى ​السياح​ة والتجارة الخارجية والوضع النقدي والمصرفي مما يساعد بطريقة ما في تعويض الاختلالات المستمرة في لبنان. واشارت الدراسة الى ارتفاع الانفاق السياحي بنسبة 12% خلال النصف الاول من هذا العام وارتفاع الصادرات بنسبة 9.2% وارتفاع احتياطي المركزي في شهر تموز بحوالي 700 مليون دولار، كما ان الودائع تجددت بنمو ايجابي في شهر حزيران بمبلغ 1275 مليون دولار.

وفي تقرير آخر لـ"بنك لبنان والمهجر" جاء فيه ان مؤشر الاعمال "نتائج مؤشر مدراء المشتريات للبنان" سجل اعلى قراءة له منذ حوالي عامين ونصف العام. وقال البنك ان المؤشر سجل في شهر تموز الماضي نمواً شهرياً بلغ 0.5% الى 1% (47.7 نقطة). وتعد هذه الاخبار سارّة خاصة وان المؤشرات الفرعية، بما فيها مؤشر الانتاج الرئيسية التابعة لمؤشر الطلبات الجديدة والاسعار والصادرات والمشتريات قد سجلت تراجعاً منخفضاً. فضلاً عن ذلك، شهد القطاع السياحي في لبنان احد محركات النمو الرئيسية اعداداً كبيرة من السياح والزوار وتحسناً في الانماط الشرائية خلال النصف الاول من العام الجاري. كما اشار المؤشر الى تسوية مقبولة للوضع المالي خلال الاشهر الاربعة الاولى من العام الجاري، وتقلّص ​العجز النقدي​ بنسبة سنوية بلغت 28% في الوقت الذي اقرت فيه ​الحكومة اللبنانية​ ​موازنة​ العام 2019. وكذلك، بدأت حدّة الضغوط على البيئة التشغيلية بالتراجع. غير ان استعادة ثقة المستثمرين تتطلب ارادة سياسية قوية وشفافية في تنفيذ ​الموازنة​ والاصلاحات المقترحة.

وبينما ربط بعض الجهات بين التقارير المشار اليها اعلاه والتصنيف الجديد للبنان المنتظر صدوره في 23 الجاري من قبل "ستاندرد آند بورز"، بمعنى ان الايجابيات التي تحدثت عنها التقارير المصرفية المحلية هي رسائل موجّهة الى "ستاندرد آند بورز" لتجنيب لبنان تخفيضاً إضافياً، نفت، في المقابل، جهات محلية هذه المقولة واكدت على ان الايجابيات التي تحدثت عنها التقارير المصرفية هي واقعية وملموسة.

الجدير ذكره ان رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ سيبدأ زيارة رسمية الى ​الولايات المتحدة الاميركية​ بداية الاسبوع المقبل حيث سيكون ​الوضع الاقتصادي​ والمالي في أولويات هذه الزيارة. كما يزور واشنطن في الايام القليلة المقبلة وفداً كبيراً من ​جمعية مصارف لبنان​ للمشاركة في اجتماعات الحوار المصرفي العربي الاميركي الذي ينظمه ​اتحاد المصارف العربية​، وسيكون المؤتمر منصّة متاحة للوفد اللبناني لنقل حقيقة الاوضاع المالية والاقتصادية الى الجهات الاميركية والمطالبة بتحييد ​الاقتصاد اللبناني​ لا سيما القطاع المصرفي عن القضايا السياسية لا سيما منها مسألة ​العقوبات​ الاميركية.