نظّمت وزارة الخارجية والمغتربين بالتعاون  مع وزارة الدولة لشؤون التمكين الإقتصادي للنساء و​الشباب​، ومكتب المنسق المقيم، و​الإسكوا​، ووكالات ​الأمم المتحدة​ مؤتمرًا شبابيًا حمل عنوان "Youth Innovation for Lebanon’s Sustainable Development" (أو ابتكار شبابيّ لتنمية ​لبنان​ المستدامة)  "يوم الشباب العالمي 2019"، في مقرّ الإسكوا في بيروت، حضره ممثّل رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ​غسان حاصباني​، وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​، وزيرة الدولة لشؤون التمكين الاقتصادي للنساء والشباب فيولات خيرالله الصفدي، المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ومنسق الشؤون الإنسانية فيليب لازاريني، ومن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي ​آسيا​ -الإسكوا وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا الدكتورة رولا دشتي، إلى جانب النائبة ديما جمالي، السفيرة كارولين زيادة، وعدد من الجامعات والمؤسسات والجمعيات المعنية، كما عدد كبير من الطلاب الذين شاركوا في ورش العمل.

ركز النشاط على أربعة أهداف للتنمية المستدامة تتناول تعزيز المشاركة الاقتصادية للشباب، وهو عبارة عن منصة تفاعلية جمعت بين حوالي 200 مشارك لبناني، تتراوح أعمارهم بين 18 و 30 عامًا، يمثلون فئات المجتمع المدني، بالإضافة إلى خبراء في التنمية الاجتماعية. أمّا الهدف من ورشات العمل الشبابية ضمن هذا النشاط، وحيث تمّ التركيز على عرض المشاريع المبتكرة، وتبادل الخبرات، وتطوير المبادرات، فهو تعزيز التواصل بين الشباب والجهات الفاعلة المحلية لتعزيز دور الشباب اللبناني والاستفادة من قدراتهم لضمان تنفيذ أفضل لأهداف ​التنمية المستدامة​.

بعد النشيد الوطني اللبناني وفيلم قصير يعرض أهداف المؤتمر وعلاقته بمنتدى الشباب العالمي، رحّبت عرّيفة الحفل الإعلامية رنا ريشا عيد بالحضور وتركت الكلام للوزير جبران باسيل الذي استهلّ الكلمات الترحيبية معربًا عن سعادته "بالتعاون مع الوزيرة الصفدي، التي لا تكلّ من العمل في سبيل تمكين ​النساء​ والشباب في وطننا العزيز لبنان". وأضاف أنّ "الشباب هم حيويّة الحاضر ومحرّك المستقبل، وعلينا أن نحافظ على حريّتهم كي يكونوا صوت الحق والتغيير". وشدّد على "ضرورة تأمين الخدمات الأساسية للشباب، مما يحتاج إلى خطّة متكاملة وبرامج بالتعاون مع الحكومة، مما يدفع المسؤولين إلى تحمّل المسؤولية بتأمين اقتصادٍ سليم يؤمّن بدوره للشباب فرص العمل". كما أكّد أن "العادات والتقاليد والمذاهب لن تستطيع من الحدّ من تطوّر وانفتاح شبابنا، الذين يسعون إلى إشراك المرأة في الحياة السياسية، بعد أن استطاعت من فرض نفسها في مجال ​ريادة الأعمال​". وختم أنّ "شبابنا اليوم بحاجة إلى ديمقراطية، بحيث يمكنهم اختيار حكّامهم ومحاسبتهم، وهم بحاجة إلى حرّية، وانفتاح، ودولة قانون، وحماية الأقليات وإشراكهم في الحكم، وأحزاب وطنية جامعة، ومؤسسات دستورية منظّمة، وقضاء مستقلّ، وطبقة سياسية هدفها مساعدة المواطنين".

من ناحيتها، شكرت خيرالله الصفدي "وزارة الخارجية بشخص الوزير جبران باسيل على اختيار وزارة التمكين الاقتصادي للنساء والشباب كي تكون الشريك في هذا المشروع الذي لا يشكل هذا المؤتمرإلا بداية له"، ثمّ استشهدت بتعبير مارتن لوثر كينغ "I HAVE A DREAM"، الذي استخدمه "من أجل النضال للحرية والتخلص من ​العبودية​ والتفرقة، التي ما زلنا نشهدها عندما ننغلق على ذواتنا ونحدد مصالحنا بغض النظر عما يجري من حولنا من صراعات لا يدفع ثمنها إلّا الشباب، من فرصهم بالتقدم ومن أدوارهم في بناء وطنهم، ومن أحلامهم بتطور وبمساواة وبحرية ونمو وازدهار، لدرجة أنّهم باتوا لا يحلمون إلّا بالهجرة". وتابعت مؤكّدةً أنّ الهدف من هذا اللقاء هو "التركيز على 4 من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، أبرزها المساواة بين الجنسين على جميع الأصعدة والنمو الإقتصادي، وكلّنا إيمان أن من يستطيع انجاز وابتكار المشاريع والأفكار التي تخدم هذه الأهداف هم أنتم، شبابنا، وأملنا بمستقبلٍ أفضل". وختمت "أنا احلم ببلد تسوده العدالة الاجتماعية، وبوطن يتمتع فيه الناس وخصوصًا الشباب ببحبوحة اقتصادية، وبدولة تعطي كل منا حقوقه المَدَنِيَّة، وببلد يحكمه القانون والدستور بعيدًا عن الحسابات السياسية والطائفية... هذه أحلام كبيرة لكنّها ليست مستحيلة، لذا أدعو الشباب وأقول لهم لا تيأسوا، لا تستسلموا، لا تصمتوا، ولا تتوقفوا عن الحلم، ولتكن لديكم الجرأة لقول "اللا" أمام من يريد إحباطكم".

أمّا لازاريني، فرأى أنّ "الشباب هم المسؤولون عن مجتمع الغد الذي نبنيه، ويجب أن يلعبوا دورًا مهمًّا في تشكيله". وتابع "إننا نسمع دائمًا أن "الشباب هم أمل المستقبل"، لكن هناك مئات الآلاف من الشباب اللبناني غير قادرون على العثور على وظيفة هنا في لبنان ويبحثون عن فرص عمل في الخارج". وفي هذا السياق أشار أن "الشباب هم مثال الإمكانات الهائلة للبنان، الذي هو أرض خصبة للابتكار والمقاربات الجديدة. وإن تمّت تعبئة جميع موارده - الطبيعية والمالية والبشرية تحديدًا - بشكلٍ فعّال يمكنه أن يشهد تحوّلات مهمّة". وختم قائلًا "اللبنانيون مشهورون في العالم كمبدعين، ومحبين للخير، وينجحون أينما ذهبوا، لذا فقد حان الوقت لنجاحهم في لبنان أيضًا".

ودشتي اعتبرت من جهتها أنّ "إزاء هذا الواقع المؤلم، لم يعد توفير فرص عمل منتجة للاستفادة من طاقات الشباب العربي خياراً، بل أصبح ضرورةً حتمية". وأشارت أنّ "شبابنا مصدر ثروةٍ ونعمةٍ، وليسوا مصدر عبءٍ، وهم فرصة، وليسوا تحدّياً". وأنهت كلمتها مؤكّدةً أنّ "لا تنميةَ مستدامة في البلدان العربية في غياب الشباب، فالنهوض بشبابنا نهوض بمنطقتنا بأسرها". كما طلبت من الشباب الحاضرين أن "يتذكّروا دائماً أنّهم قادة المستقبل، وألّا يدعوا الإحباط يستحوذ عليهم"، مناشدةً إيّاهم "العمل الدؤوب لبناء غدٍ مشرق"، وأضافت "أترك المستقبل أمانةً بين أيديكم، لتعمّروا لبنان، وتصونوا الإنسان". 

وفي ختام الجلسة الإفتتاحية، اعتبر حاصباني أنّ " أهداف التنمية المستدامة وجدت ليكون في كل العالم مساواة وعدالة وبيئة نظيفة ومستوى متقدم في الصحة والتعليم وحياة يعيشها أفراد المجتمع بسلام وتعاون، وليكون العالم مكانًا أفضل في حلول العام ٢٠٣٠". وأضاف أنّ "بعد هذه الفترة سيكون الشباب مسؤولين في المجتمع، إن كان في سوق العمل أو المراكز العامة أو عالم الأكاديميا والأبحاث". كما أشار إلى أنّ "​الامم المتحدة​ وضعت هذه الأهداف وأوصت بأن يكون للشباب والأطفال دور في ايجاد الحلول لتحقيقها في كل بلد، نحن في لبنان، شكلنا لجنة وطنية للتنمية المستدامة برئاسة رئيس ​مجلس الوزراء​ دولة الرئيس سعد الحريري لنضع استراتيجية متكاملة للتنمية المستدامة ونحقق الأهداف التي وضعتها الأمم المتحدة لعام 2030". وأكّد أنّه "إلى جانب العمل الذي تقوم به الوزارت، نحن حريصون أن نشارك ​القطاع الخاص​، والمجتمع المدني والشباب في هذا العمل".

وختم الديبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين نزار قدوح شارحًا الخطّة الثلاثية التي أعدّتها الوزارتين مع الإسكوا والـUNDP، وكيفية انتقال الشباب المشاركين من مرحلة تقديم الأفكار المبتكرة في مجال التنمية المستدامة إلى مرحلة تنفيذها كمشاريع بمساعدة لجان متخصّصة في مجال ريادة الأعمال، بهدف انتقاء المشاريع الخمس الأفضل، بحيث يشارك أصحابها في الوفد الذي سيمثّل لبنان في المنتدى الشبابي الخاص بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، في ​نيويورك​ خلال شهر نيسان 2020.

تلت الجلستين الإفتتاحية والتمهيدية، 4 ورش عمل للشباب المشاركين، ضمّت كلّ جلسة نحو 50 شابًا من مختلف الجامعات اللبنانية، ركّزت كلّ ورشة على هدف من أهداف التنمية المستدامة، حيث عرض الفرقاء المشاركين مبادراتهم وأفكارهم، على أن ينتقل قسم منهن إلى ورشة عمل مكثّفة ستتم في أيلول يُعرض خلالها أبرز المشاريع التي سيُقدّمها الشباب الذين شاركوا في مؤتمر اليوم.