لا يزال لبنان يعيش حالة التعطيل الحكومي منذ شهرين في ظل وجود أكثر من ملف ملحّ كان يجب أن يتم البحث فيه بعد إقرار ال​موازنة​، ففي الوقت الذي يحتاج فيه هذا البلد الى كل ذرّة جهد في سبيل الإصلاح وعودة الإقتصاد الى حالة شبه طبيعية، تعتكف الأطراف الحكومية عن الإنعقاد نتيجة للخلاف حول التحقيقات في قضية قبرشمون التي حصلت منذ أكثر من شهر ونصف.

وفي ظل هذا التعطيل برزت الى الواجهة تقارير صحفية تتحدّث عن عقد سلسلة اجتماعات ثنائية وموسّعة شملت رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ وفريقه الاقتصادي، و​وزير المال​ ​علي حسن خليل​، وحاكم ​​مصرف لبنان​​ ​رياض سلامة​، و​وزير العمل​ ​كميل أبو سليمان​، وخلصت إلى اتفاق على التواصل مع المسؤولة عن تصنيف لبنان في وكالة "ستاندر أند بورز" ذهبية غوبتا، لإقناعها بالحفاظ على تصنيف لبنان الحالي، أي عند مستوى "B3".

وأضافت التقارير أن لبنان تبلّغ من الوكالة "بأن تقرير التصنيف سيصدر في 23 آب من دون أن يزور فريق الوكالة لبنان، بل بالاستناد إلى اتصالات مع ​وزارة المال​ ومصرف لبنان".

ما هو تأثير التعطيل الحكومي؟ كيف ستؤثر تقارير وكالات التصنيف على الوضع الإقتصادي الهشّ أصلاً؟ وماذا عن مشاريع "سيدر"؟ أسئلة طرحها موقع "الإقتصاد" على الخبير الإقتصادي د. ​لويس حبيقة​ في هذا اللقاء:

كيف يؤثر برأيك تعطيل العمل الحكومي على النفحة الإيجابية التي نتجت عن إقرار ​الموازنة​؟

من المؤسف أنه كلّما اتخذنا خطوة الى الأمام نتّخذ عشرة الى الوراء، وليس بنتيجة ظروف خارجة عن إرادتنا لا بل العكس نتيجة أمور متعمّدة. اليوم، اذا ألقينا نظرة على كافة المؤشرات الإقتصادية، كلّها في تراجع، من استثمار الى استهلاك، لم يعد بإمكان أحد أن يتوقع ما سيحدث بعد هذه اللحظة، لا يمكن لأحد أن يتوقّع استمرار الجو الإيجابي أو الجو السلبي. هناك مشكلة ثقة بين المواطنين والسياسيين في لبنان.

بدأ الأسبوع الماضي خبراء "​فيتش​" بجولة على المسؤولين اللبنانيين، ومن المرتقب أن يصدر تقرير لوكالة "​ستاندرد آند بورز​" خلال شهر آب الحالي عن الوضع، ما هي توقعاتك لهذه التقارير؟

برأيي، نحن نعلم مضمون هذه التقارير ونعيش نتيجتها أصلاً. لن تكون التقارير ايجابية، ستكون كالتي صدرت سابقاً أو أقل إيجابية بقليل، نحن نعلم الوضع ولا يمكننا أن "نختبئ وراء اصبعنا". لا نريد من أحد أن يجاملنا، كما لا نريد من أحد أن يعطينا أقل ممّا نستحق. نحن نعلم أن الوضع غير جيّد، ونعيش التباطؤ الإقتصادي الذي سينتج عن هذه التقارير في كافة القطاعات قبل صدورها.

ما هو رأيك بدعوة بعض المسؤولين وكالات التصنيف لتأجيل إصدار تقاريرها الى ما بعد إقرار موازنة العام 2020؟

نحتاج كلبنانيين للتوقف عن الإعتقاد بأن "الله خلقنا وكسر القالب". هذه الوكالات تعمل بهذه الطريقة وبهذه الجداول الزمنية، فهي تصدر تقريرين لكل دولة خلال العام: تقرير كل ستة أشهر. لا يمكن تغيير طريقة عمل وكالة تصنيف وفقاً لإقرار موازنتنا، فليقرّ هوؤلاء المسؤولين موازنتهم، والنتائج ستظهر في التقارير المقبلة للوكالات.

يتحدّث البعض عن خفض التصنيف المتوقع للبنان، كيف سيكون أثر هذا الخفض؟ وماذا عن مصير مشاريع "سيدر"؟

التأثير الأساسي للخفض سيكون في موضوع الفوائد على الدين، الدولة تستدين لتغطية حاجاتها، وهذه ​الديون​ سيرتفع سعرها مع خفض التصنيف، والإستثمارات ستكون أبطأ لأن تكلفتها سترتفع.

نعم كلفة الإقتراض والفوائد، التي هي أصلاً مرتفعة، ستكون الأثر الأبرز. ونتيجةً لذلك سينخفض النمو الى سلبي لأنه أصلاً صفر بالمئة، أي أن ​البطالة​ سترتفع فتبرز أزمات على كافة الأصعدة من إجتماعية إلى إقتصادية.

أما مشاريع "سيدر" فالأمر متعلّق باجتماع الحكومة للبحث في تنفيذ هذه المشاريع. هناك قلق اليوم على البلد، داخلياً وخارجياً. هنا أودّ أن أطرح سؤال: لماذا كلّما اتخذنا خطوة إيجابية، كإقرار الموازنة مثلاً، نتّخذ عشرة خطوات سلبية؟ نعم حصلت مشكلة قبرشمون الأمنية، ما هذا التعاطي معها؟ ​الولايات المتحدة الأميركية​ شهدت هذا الأسبوع عدّة جرائم في ​تكساس​ وأوهايو وغيرها، تم حل هذه المواضيع بهدوء ونضج بالرغم من الخسائر الكبيرة، أما نحن فنغرق في أي مشكلة صغير. باختصار، الوضع غير مريح.